كريتر نت – العرب
وصلت إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، لجنة عسكرية سعودية للإشراف على تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وقالت مصادر يمنية مطلعة إن عمل اللجنة السعودية سيسير بالتوازي مع المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف معين عبدالملك لتشكيل حكومة جديدة من 24 حقيبة سيتم توزيعها بالتساوي بين شمال اليمن وجنوبه.
وأشارت المصادر إلى أنه لن يتم الإعلان عن الحكومة الجديدة إلا بعد الانتهاء من ترتيبات الشق العسكري والأمني الذي يتضمن سحب القوات من عدن وأبين وتولي قوات أمنية مسؤولية الملف الأمني، في الوقت الذي ستتم فيه إعادة نشر القوات العسكرية في مناطق المواجهات مع الميليشيات الحوثية.
وتتزامن الجهود التي تقودها السعودية لتنفيذ اتفاق الرياض وإنهاء حالة الصراع في معسكر المناهضين للحوثي في اليمن، مع حراك أممي ودولي للتوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق سلام شامل في اليمن.
وقال الحساب الرسمي للمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث على تويتر إن المبعوث أنهى زيارة للرياض، الخميس، بعد سلسلة لقاءات أجراها مع مسؤولين يمنيين وسعوديين “كجزء من عملية الوساطة المستمرة للتوافق حول إعلان مشترك بين حكومة اليمن وأنصار الله للاتفاق على وقف لإطلاق النار، ومجموعة من الإجراءات الإنسانية والاقتصادية والاستئناف العاجل للعملية السياسية”.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”العرب” عن تقديم غريفيث خطةً معدلة للمرة الثالثة من مسودة الإعلان المشترك بين الحكومة والحوثيين، استوعبت بعض ملاحظات النسخ السابقة من المبادرة التي رفضتها الحكومة، إضافة إلى جملة من التعديلات وفقا لملاحظات الجانب الحوثي الذي من المتوقع أن يلتقيه غريفيث مجددا في صنعاء أو العاصمة العمانية مسقط.
وشرع رئيس الحكومة المكلف قبل أيام في مشاورات تشكيل الحكومة من خلال لقاء مع قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة السعودية الرياض، بالإضافة إلى لقاءات مع قيادات الأحزاب السياسية وهيئة رئاسة مجلس النواب ومستشاري الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي غادر مساء الأربعاء إلى الولايات المتحدة الأميركية في رحلة علاجية.
وعن احتمال تعارض وجود الرئيس اليمني بعيدا عن أجواء مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض وانعكاسات ذلك على التقدم في برنامج تنفيذ الاتفاق، قال مصدر مقرب من الرئاسة اليمنية لـ”العرب” إن المدة التي منحتها آلية تسريع اتفاق الرياض التي تقدمت بها الحكومة السعودية للتوافق على قائمة الحكومة الجديدة وتنفيذ الشق العسكري والأمني في الوقت ذاته هي ثلاثون يوما من تاريخ البدء بمشاورات تشكيل الحكومة، مع توقعات عودة الرئيس هادي من رحلته العلاجية قبيل انتهاء هذه الفترة.
ورجحت مصادر سياسية يمنية أن يتم تمديد المهلة المخصصة لتشكيل الحكومة وتنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض بالنظر إلى التعقيدات التي ما زالت تعترض طريق التقدم في البرنامج الزمني لتطبيق بنود الاتفاق، والخلافات المتوقعة حول ماهية الحقائب الوزارية التي ستذهب لكل مكون، والأسماء التي سيتم تعيينها في المناصب الوزارية بعد ذلك، إضافة إلى تعقيدات تطبيق الجانب الأمني والعسكري من الاتفاق، في ظل حالة عدم الثقة بين الطرفين الموقعين وبروز تيار مناهض لاتفاق الرياض من داخل الحكومة اليمنية ومدعوم من قطر.
قد تمدد المهلة المخصصة لتشكيل الحكومة
وبهدف تذليل الصعوبات التي قد تعترض الاتفاق، استدعت الرياض في الأيام القليلة الماضية شخصيات سياسية يمنية وقادة أحزاب، من بينهم قيادات في الحكومة اليمنية جاهرت برفضها لجهود التقارب مع المجلس الانتقالي الجنوبي ولوحت باللجوء إلى خيار التصعيد السياسي والعسكري، ووصل إلى الرياض وزير الداخلية أحمد الميسري ووزير النقل المستقيل صالح الجبواني ونائب رئيس مجلس النواب عبدالعزيز جباري وهم قادة ما يعرف بتيار الدوحة في “الشرعية” اليمنية.
ويأتي الحرص السعودي -بحسب مصادر دبلوماسية- على توحيد جبهة المناوئين للانقلاب الحوثي انطلاقا من قراءة التحولات المتسارعة في المشهد اليمني من ناحية المواقف الأممية والدولية والتحولات العسكرية على الأرض في ظل انهماك معسكر “الشرعية” في الصراع الداخلي، الأمر الذي مكن الحوثيين من تغيير معادلة القوة على الأرض بعد السيطرة على محافظة الجوف ومنطقة نهم وأجزاء من محافظة البيضاء وتضييق الخناق على محافظة مأرب التي تتعرض لهجمات حوثية غير مسبوقة.
ويراهن المبعوث الأممي مارتن غريفيث على التحولات الإقليمية والدولية إضافة إلى التغيرات الميدانية المتسارعة على الأرض في فرض صيغة أممية للحل في اليمن، يرجح أن تمارس ضغوط أميركية وأوروبية هائلة لتمريرها عبر مجلس الأمن الدولي في حال حظيت بالحد الأدنى من تحفظات الأطراف اليمنية والإقليمية ذات الصلة بالملف اليمني.
ويشير مراقبون يمنيون إلى وجود صلة مباشرة بين الدعم الإقليمي والدعم الدولي اللذين يحظى بهما اتفاق الرياض باعتباره مكملا لاتفاقات ستوكهولم الموقعة بين الحكومة والحوثيين، والتي يتعامل معها المبعوث الأممي بوصفها حزمة واحدة من المعطيات التي تسوي الأرضية اليمنية للقبول بمبادرة غريفيث للحل الشامل في اليمن التي تؤكد مصادر أنها باتت في الطور الأخير قبل إقرارها من قبل مجلس الأمن الدولي بالرغم من رفض “الشرعية” اليمنية لها في شكلها الحالي وتحفظات الحوثيين الواسعة على بنودها، إلى جانب مطالبات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمشاركة في أي مشاورات للحل النهائي بصفته ممثلا للقضية الجنوبية، وهو الأمر الذي يصطدم برفض مكونات جنوبية أخرى أقل حضورا على الأرض.