كتب : عبدالله عبدالغني
( ابو رامي )
وانت تضع قدمك بعد ان عزمت في زيارتك الاولى على تراب ارض التحرير في الحالمة تعز ، وقد تعزز عقلك وذهنك حقيقتان :
الاولى : كم التضحيات الجسيمة التي قدمتها تعز من اعز فلذات اكبادها اطفالها ورجالها والشيوخ مابين شهيد وجريح ، وذلك الدمار الشامل الذي طمس واجتث من الخارطة الطبيعية للحالمة حارات واحياء بأكملها ، تاركا بصمة دمار مرعبة في منازل عدة ببعضها الاخر .
الثانية : كل ذلك ادا ما تم الربط بينه وبين الدعم المهوول الذي ساقته دول التحالف الى مراكز قوى قفزت بكل ثقلها لتلقي بنفسها الى صدارة المشهد ليعول عليها لتكون لسان حال الحالمة الامل والالم ، المعاناة والتطلعات
فما ان تشتم هواء الحالمة وتعود اليك روحك المسكونة بحبها اول ما يتبادر الي ذهنك وتلقائيا كيف واين ستقسم ايامك وانت تتجول في تلك المساحات الشاسعة والشوارع الممتدة والاحياء المترامية والتباب المتسلسة التى وبالتاكيد قد طهرها كل هدا الكم من قادة التحرير البواسل
وبعد ان تحط رحالة في تعز بعد غياب عنها في المهجر لسنوات يثقل علي انفاساك هم واحد كبير على اولئك القادة الابرار الذين يعاركون مختلف التحديات وهُم ينافسون في تقديم وارساء مشاريع الرعاية الخدمية والصحية للمواطنين الذين كانوا السند العظيم والسد المنيع امام اعصار تلكم القوة العسكرية التي استهدفت اهلاك الحرث والنسل ،
وعلى الارض وقد عزمت شد السير وحث الخطى في رحلتك لتسابق الزمن تتملكك الغبطة وانت تتطلع بفرح كيف ستنظم الشعر وتأبجد القوافي و جهودهم الحثيثة في مسالة اعادة استصلاح ما خلفته الحرب من دمار على المستوى النفسي والاجتماعي والتعليمي واعادة الاعمار .
وما ان تقلع اقدامك على الارض الحلم ومهد التغيير في طرفها الاول غربا يصدمك نهاية الطرف الاخر المؤلم شرقا ً وفي غضون دقائق معدودة ، وتكبل رحلتك ويلفك القهر والاحباط وان تشاهد جنوب المدينة وشمالها متعانقان بحرقة حيث لا وجود لقيم الزمن او المسافة او السرعة وهناك فقط الشمس قابعة تكوي نحيبهما الدامي في سماء كل الكون اليمني وعلى امتدادات ذلك الامل المرجو في حلم ارضها والانسان .
فتختنق الكلمات في مهدها ، وتحتبس انفاسك في صدرك المكلوم فـ تتقاذف الدمع حمما حارقة ملتهمة ذلك الكم من الفرح والغبطة الذي رسم مقدما على وجنتيك .
وانت ترى على ذلك الشبر المحرر في شوارع تعز شبابها ورجالها وقد تحولوا الى مليشيات نهب وسلب و فرض ايتاوات تسلط سوطها ليل نهار على جسد تعز العلم والثقافة الذين لطالما الحاضن الحقيقي لانبعاثهم والانتصارات في احلك الظروف واليوم لا تحرير يهمهم ولا مشروع يتقدمهم ولا وفاء يسكنهم ولا انسان يعود في اعماقهم .
في حين تذهب قياداتها البائسة وتهيم بتكريس مختلف جهودهما و الامكانات لتخوض تنازع اهوج تتشظى فيه وهي تتجه بانحدار مريع نحو خيارها المخزي في اعادة تحرير المحرر . لا اكتمال التحرير .
عندها تنهي رحلتك المختنقة دما ودموع ، عازما الاغتراب وانت تكيل كل اللعن والسخط بافدح الكلمات على كل من يشارك ويدعم ويساند في اعادة انتاج هوية تعز المشرقة والحالمة دوما بوطن يسوده القانون والعدل .