كتب : أحمد الفراج
كاتب وأكاديمي سعودي
في استطلاع رأي بولاية مينيسوتا الأميركية، الولاية التي أصبحت تحت مجهر الإعلام العالمي، بعد حادثة قتل الأسود، جورج فلويد، أوضحت الأرقام أن الرئيس ترمب يتعادل تقريبا مع منافسه الديمقراطي، جو بايدن ، وهذا أمر غريب، إذ أن مينيسوتا ولاية ديمقراطية زرقاء منذ نصف قرن تقريبا.
وإن صحت هذه الأرقام، فهي تشير إلى تحوّل نوعي في مزاج الناخبين، ربما بسبب الفوضى الشديدة التي أعقبت مقتل فلويد، والتي اضطر الحرس الوطني للتدخل لتهدئتها، وغني عن القول أن بعض المعلقين يرى أن تغيّر مزاج الناخبين ليس حصرا على مينيسوتا، فولاية تكساس الجنوبية الجمهورية تاريخيا، بدأت تميل للديمقراطيين، وهي ولاية تحتضن نسبة ليست قليلة من اللاتينيين، وتظل أهم الولايات هي المتأرجحة، والتي يتوقع أن من يحصد نتائجها سيحصد الرئاسة، وهي ولاية فلوريدا الجنوبية، معقل المتقاعدين ورمز السياحة الأميركية، وهي الولاية التي حسمت الفوز للعديد من الرؤساء، وهناك ولاية أوهايو، معقل الطبقة المتوسطة، التي يحرص كل مرشح على الفوز بها، وهي التي حسمت الفوز بالرئاسة لجورج بوش الإبن في عام 2004.
ثم تأتي ولاية بنسلفانيا، التي ولد فيها جوزيف بايدن، ويطمح بالفوز بها، وهي ولاية في غاية الأهمية وكانت أحد الأسباب الرئيسية لفوز ترمب في الإنتخابات الماضية، مع ولايتي ميتشجن ووسكانسن وفرجينيا، وستحدد هذه الولايات الست مصير الرئاسة بشكل كبير هذا العام، ورغم أن معظم المعلقين يعتقدون أن أصوات السود ستصوت في معظمها لبايدن، إلا أن لي رأيا مختلفا، فحملة ترمب عملت بشكل احترافي خلال الفترة الماضية على ما أسميه :” حملة توعوية للسود “، استخدمت فيها الحملة أصوات شخصيات سوداء مؤثرة، للحديث عن حقيقة ارتباط السود بالحزب الديمقراطي، واستخدام الحزب لهم دون أن يقدم لهم شيئا يذكر، وبيّنت الحملة الجهود التي بذلها ترمب لخدمة كل مواطني أميركا، بما في ذلك الأقليات، مع التركيز على أرقام التوظيف والبطالة، والأهم هو استحضار تاريخ بايدن العنصري ، مثل ارتباطه بعلاقات وثيقة مع بعض رموز العنصرية من الساسة، مثل السيناتور الديمقراطي، روبرت بيرد، صاحب التاريخ الملطخ بالعنصرية من خلال نشاطه مع منظمة الكلو كلس كلان، أخطر المنظمات العنصرية في أميركا.
قبل فترة، قال جو بايدن لأحد السود :” إذا لم تصوت لي فأنت لست أسودا “، وهذه عبارة مهينة، إذ أن بايدن يقول لهذا الناخب الأسود :” بما أنك أسود، فأنت مبرمج سلفا على التصويت للديمقراطيين، ولا يحق لك أن تكون مستقلا وتقرّر ما تريد “، ثم أعقب بايدن ذلك بتصريح أشد وأنكى، عندما قال إن اللاتينيين لديهم تنوع بعكس السود، ما يعني أن بايدن مقتنع بأن السود كتلة واحدة تصوت دون وعي، ولئن كان الديمقراطيون يستخدمون السود، فإنهم يفعلون ذات الشئ مع المسلمين، فرغم كل الجهود التي بذلها المسلمون للإصطفاف خلف الديمقراطيين ومهاجمة ترمب، إلا أن الحزب تجاهلهم في مؤتمر الحزب الأسبوع الماضي، فلم تتم دعوة عضوتي مجلس النواب، الهان عمر ورشيدة طليب، ثم أهان المتحدث باسم بايدن الناشطة الديمقراطية من أصل فلسطيني، ليندا صرصور.
نرى من خلال ما سبق أن السود والمسلمين كانوا – ولا يزالون – مطايا للحزب الديمقراطي، رغم أن الأصوب هو أن يعيدوا حساباتهم، ولا يربطوا أنفسهم ككتلة تدعم الديمقراطيين، فالرئيس ترمب، ورغم كل ما يقال عنه، براغماتي، وليس لديه ما يخفيه، فهو واضح وصريح، وأثبت أنه حريص على الإيفاء بوعوده، والخلاصة هي أنني أعتقد أنه ورغم كل ما يقال ، خصوصا منذ مقتل جورج فلويد، إلا أن الحملة الجمهورية لتوعية السود، والجهود التي يبذلها النشطاء الجمهوريون السود في هذا السبيل، قد تثمر عن مفاجأة كبيرة، تتمثل في ارتفاع نسبة السود الذين سيصوتون للجمهوريين، لأن علاقة السود مع الديمقراطيين، أصبحت تحت المجهر ، وتبيّن لمن يبحث عن الحقيقة أنها علاقة تخادم لطرف واحد، منذ عهد الرئيس ليندون جانسون ( 1963-1969) وحتى اليوم ، مرورا بفترة الرئيس الأسود باراك أوباما ، الذي يتفق معظم السود أنه استخدمهم ثم تخلّى عنهم ، فلننتظر ما سيحدث يوم 3 نوفمبر القادم!.
المصدر : سكاي نيوز عربية