كريتر نت – متابعات
كثّف المتمرّدون الحوثيون خلال الفترة الأخيرة من محاولاتهم استهداف مواقع داخل الأراضي السعودية، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخّخة، وذلك في وقت اشتدّت فيه مواجهاتهم العسكرية ضد القوّات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف العربي، في عدّة جبهات تمتّد من محافظة الجوف شمالا إلى محافظة البيضاء جنوبي العاصمة صنعاء مرورا بمأرب شرقي البلاد.
وأعلن التحالف الذي تقوده السعودية اليوم الخميس أن قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن دمّرت اليوم (الخميس)، صواريخ باليستية وطائرات «مسيرّة» أطلقها الحوثيون باتجاه السعودية.
وأضاف أن الحوثيين يتعمدون التصعيد العدائي والإرهابي لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار (المفخخة)، مشيراً إلى كفاءة قوات التحالف في التصدي لهذه التهديدات وإفشالها برصدها من داخل مناطق الميليشيا وتدميرها والتصدي لها.
والأربعاء أعلن التحالف أيضا تدمير ثاني طائرة مسيرة مفخّخة تابعة للحوثيين أُطلقت باتجاه أراضي المملكة، خلال أربع وعشرين ساعة، بعد أن كان قد أعلن الثلاثاء، عن تدمير طائرة مماثلة أُطلقت باتجاه السعودية.
وبالنظر إلى محدودية القدرة التدميرية للطائرات المسيّرة التي يستخدمها الحوثيون في حربهم باليمن، وسهولة تصيّدها من قبل دفاعات التحالف العربي، فإنّه كثيرا ما يُنظر لاستخدامها في قصف الأراضي السعودية، باعتباره عملية توجيه لرسائل سياسية بشأن قدرة المتمرّدين الموالين لإيران على احتفاظهم بقدرات عسكرية كافية لمواصلة الحرب وتهديد السعودية رغم الاختلال الكبير في ميزان القوى لمصلحتها.
وقال مصدر سياسي يمني إنّ الحوثيين في أشدّ الحاجة لتوجيه مثل تلك الرسائل في الوقت الحالي نظرا لتعقّد أوضاعهم المالية، وحتى العسكرية بسبب دخولهم في مواجهات مرهقة شتّتت قواهم على عدّة جبهات.
وبحسب ذات المصدر فإنّ الحوثيين يحاولون بتكثيف تهديدهم للأراضي السعودية الضغط على التحالف الذي تقوده المملكة والذي يقوم حاليا بدور كبير في معركة الجوف حيث شلّ طيرانه حركة قوات الحوثي في الأماكن المكشوفة وقطع عنها الإمداد وألحق بها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وقال المتحدث باسم التحالف العربي تركي المالكي في بيان مقتضب إنّ “قوات التحالف المشتركة تمكنت صباح الأربعاء من اعتراض وتدمير طائرة مسيرة أطلقتها الميليشيا الحوثية الإرهابية بطريقة ممنهجة ومتعمدة لاستهداف الأعيان المدنية والمدنيين بالمنطقة الجنوبية” للمملكة.
وعلى الجهة المقابلة أعلن المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع، في بيان، استهداف مطار أبها السعودي بدفعة طائرات مسيرة في ثاني قصف خلال 24 ساعة.
وخلال الأيام الأخيرة تحدّثت مصادر يمنية متعدّدة عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف قوات الحوثيين في عدّة جبهات، مشيرة إلى مواجهة المتمرّدين صعوبات كبيرة في تعويض تلك الخسائر وإعادة إمداد الجبهات بالمقاتلين والمعدّات. ولم يستبعد أحد المصادر السياسية أن يكون الحوثيون بصدد البحث عن مخرج بوساطة دولة إقليمية أو الأمم المتّحدة لوقف القتال بما في ذلك وقف ضربات طيران التحالف العربي.
ورجّح ذات المصدر أن يكون الحوثيون بصدد محاولة الضغط على السعودية عبر استهدافهم لأراضيها بالطائرات المسيّرة لدفعها للقبول بهدنة عاجلة تكون تحت بند مراعاة الظروف الإنسانية في اليمن والتي بلغت درجة كبيرة من التعقيد.
مصدر أممي يؤكّد محاولة الحوثيين دفع الأمم المتّحدة للضغط على التحالف العربي عبر إغلاقهم مطار صنعاء.
وقال ذات المصدر إن ضغوط الحوثي تشمل أيضا الأمم المتّحدة عبر وقف رحلات الطيران إلى صنعاء بهدف إحراج المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وتحميله جزءا من المسؤولية عن تعقيدات الوضع الإنساني.
وعلقت جماعة الحوثي جميع رحلات الأمم المتحدة والرحلات الجوية الإنسانية إلى العاصمة صنعاء وذلك في ما قالت الجماعة إنّه ردّ على احتجاز التحالف الذي تقوده السعودية سفنا تجارية في ميناء الحديدة على البحر الأحمر، الأمر الذي أحدث أزمة وقود خانقة في مناطق سيطرة المتمرّدين.
وقال خالد الشايف مدير مطار صنعاء “الكمية الباقية من الوقود شحيحة جدا ولنا أكثر من ثلاثة أشهر ونحن نعاني من شح المشتقات النفطية وفعلا وصلنا إلى مرحلة الخطر”. وأضاف “أبلغنا مكتب المبعوث الأممي والمنظمات المعنية.. لكن لم نتلق ردا حتى هذه اللحظة”.
وأفادت مصادر مطلعة بأن وزارة الخارجية التابعة لجماعة الحوثي بعثت برسالة إلى الأمم المتحدة آخر أغسطس الماضي قالت فيها إنه كي يستمر المطار في العمل، فعلى المنظمة تزويده بما حجمه 30 ألف لتر من وقود الديزل و15 ألف لتر من البنزين وثلاثة آلاف لتر من زيت الوقود لمعدات أخرى.
وذكرت مصادر في الأمم المتحدة أن مسؤولي المنظمة الدولية يعتقدون أن المطار يحتاج أقل من نصف تلك الكمية من الوقود.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة طلب عدم نشر اسمه “إنهم يستخدمون الاستجابة الإنسانية كأداة، ويعلمون أنه لا يمكننا إغلاق المطار، لذا يريدون منا الضغط على التحالف”.
ومدينة الحديدة المتنازع عليها على البحر الأحمر هي نقطة دخول لأكثر من 70 في المئة من واردات اليمن من السلع التجارية والمساعدات.
وحتى الثالث من سبتمبر الجاري حصلت 21 سفينة على تصريح دخول من آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة ومقرها جيبوتي، لكن احتجزتها سفن التحالف المتمركزة قبالة الحديدة. وقالت مصادر بالأمم المتحدة إن السفن تحمل إجمالا 525 ألف طن من منتجات النفط مثل الديزل والبنزين والغاز الطبيعي المسال.
وفي صنعاء الواقعة منذ خريف سنة 2014 تحت سيطرة الحوثيين، تشكلت طوابير طويلة من عشرات السيارات ويمكن للسائقين الانتظار لمدد تصل إلى 48 ساعة للحصول على الوقود. ويحدد نظام حصص الوقود الذي تفرضه سلطات الحوثيين 40 لترا من البنزين لما يمكن للسيارات الخاصة الحصول عليه أسبوعيا.