كريتر نت – خاص
وجه رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني برقية عزاء بوفاة د. عبدالله الظرافي معدداً نضاله الوطني .
ولقد جاء برقية العزاء …
الأولاد الأعزاء الدكاترة نادر ومحمد وحسام وحنين المحترمون
ببالغ الأسى والحزن تلقيت نبأ وفاة والدكم الرفيق الدكتور عبدالله محمد الظرافي تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهمكم الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد ربطتني بالرفيق والصديق عبدالله محمد الظرافي علاقة رفاقية وصداقة عميقة منذ ما يقرب من أربعين عاماً، وأول لقائنا كان في عام 1981م في موسكو العاصمة السوفييتية ومعه زوجته الرفيقة الغالية بلقيس محمد أحمد عبدالولي الأديب والقاص اليمني الكبير (استشهد في حادثة الطائرة مع عدد من الدبلوماسيين والسفراء في جمهورية اليمن الديمقراطية عام 1972) رحمهم الله جميعاً، وقد وصل الدكتور عبدالله وزوجته بلقيس فراراً من الملاحقات والمطاردات القمعية البوليسية التي شهدتها سنوات 1980 – 1985م على وجه الخصوص. لأن نظام صنعاء قد اتخذ من سياسة التهدئة التي انتهجها النظام في عدن ثم التوقيع على اتفاق تعز في نفس هذه الفترة بين رئيسي الشطرين، وقام نظام صنعاء بحملات عسكرية واسعة النطاق على مختلف مناطق شرعب والعدين والقفر وجبلة وكل المنطقة الوسطى ووصابين وعتمة وريمة والبيضاء وغيرها رافقها حملات اعتقالات واغتيالات لم تشهد مثلها اليمن إلا في عام 1973-1974 في نظام انقلاب 5 نوفمبر، ولقد كان في استقبالهما الوزير المفوض علي الظرافي وهو عم الدكتور عبدالله وهيأ لهما متطلبات الإقامة في موسكو وعمل كل جهده للحصول على منح دراسية عليا لأن العودة إلى الوطن في ظروف القمع والقتل بمجرد الشبه أو الدسائس الكيدية بالانتماء للمخربين (الحزب الاشتراكي أو الجبهة الوطنية) والحقيقة أن الرفيق والمناضل والدبلوماسي الكبير علي الظرافي لم يتولى فقط رعاية ابن أخيه عبدالله وزوجته بلقيس بل أنه خدم العشرات بل لا أبالغ إذا قلت المئات من الطلاب اليمنيين وتوفير المنح الدراسية العليا في مختلف التخصصات ومختلف الكليات ومختلف المدن السوفييتية وشهادة للتاريخ أن السفير الدبلوماسي علي الظرافي قد وفر منح لليمنيين أكثر من السفارة اليمنية وأكثر من الحكومة اليمنية بعلاقاته الواسعة مع كافة الأجهزة والمؤسسات الروسية والسوفييتية ذات العلاقة بالتعليم العالي والعلاقات الخارجية لكرمه وسخائه في استضافة هؤلاء المسؤولين وتقديم الهدايا الثمينة لهم ولنسائهم وزياراته المتواصلة لكل من له علاقة بالمنح الدراسية ولهذا لم يكن أحد أو جهة ترفض لعلي الظرافي أي طلب ولقد وصفه السفير صالح الأشول بأنه حلال العقد ومقرب البعيد في توفير المنح وتجديدها ولا يقدر غيره من أعضاء السفارة القيام بمثله.
وكنت أنا في هذه الفترة في موسكو مع العائلة المريضة، وكان الدكتور عبدالله الظرافي وزوجته بلقيس يعانيان من مشكلة السكن وصادف زيارة الرئيس علي ناصر محمد إلى موسكو وقد تمكنت من حل مشكل السكن بأمر استخرجته من الرئيس علي ناصر محمد ونص الأمر بخط يده (الأخ سفير اليمن الديمقراطية، وفروا سكن لإبنة أديب اليمن الكبير محمد أحمد عبدالولي – بلقيس، التي تدرس في موسكو وعلى حساب السفارة وسوف تحاسبكم الرئاسة، التوقيع الرئيس علي ناصر محمد) وطلب علي ناصر محمد رؤية بلقيس فاتصلت على الفور بعلي الظرافي ليعمل على إيصال بلقيس إلا أن الوقت لم يسعفنا فقد صادف أن بلقيس وزوجها في الكلية ووقت الرئيس مزحوم، ولقد استفدت أنا أكبر فائدة من وجود الدكتور عبدالله الظرافي حين عرف وضع زوجتي وأطفالي وتوزعهم في المستشفيات، رثى لحالي وأشفق عليّ فتفرغ لشهور كاملة لمساعدتي على الزيارات اليومية التي كنت أقوم بها مكرهاً وملزماً لجميع الأمراض وكنت أعاني من عدم معرفتي باللغة الروسية وأعاني من الطوابير الطويلة التي لا تنقطع وعلى كل شيء لا بد من الطابور والذي يستهلك وقتاً غير قليل، وكذا أزمة المواصلات فالسيارات الأجرة ليست متوفرة بكثرة ولا بد من ضياع الساعات للبحث عن المواصلات لمن لا يعرف اللغة وإلا فالمترو والباصات متوفرة، كان يترك بلقيس المنهمكة بالدراسة وخاصة اللغة ويأتي للقيام معي من أجل نتحرك صباحاً وبرنامجنا يبدأ بالطوابير على متطلبات الأمراض ثم نذهب إلى شرق العاصمة حيث يوجد مستشفى كاشنكا للأمراض العقلية الذي ترقد فيه الزوجة بنت السقاف حيث لم يعرف أحد في اليمن أسباب مرضها، أما في موسكو فإن أطباء النفس بعد معرفة تاريخ حياتها والمصائب التي واجهتها في طفولتها ومرافقة زوجها المليئ بالمشاكل الناتجة عن معارضته لنظام الحكم، ثم نذهب إلى شمال العاصمة في معهد مشهور جداً خاص بمعالجة أمراض الدرن (السل) للأطفال فقط وقد رقد فيه ابني الأكبر لمدة سنتين وكان على شفى الموت من علاجات اليمن وخرج بصحة جيدة جداً ثم نذهب إلى معهد الربو خاص بالأطفال حيث كانت ترقد ابنتي الدكتورة أنجيلا لمعالجة مضاعفة العلاجات الغلط في اليمن حيث كانوا يقررون لها علاج استربتمسين المضاد للسل من منطلق أن العدوى انتقلت لها من أخيها وهي بصحة جيدة إلى اليوم، والثالثة نضال في معهد الكلى الخاص بالأطفال وظلت سنة ونصف وخرجت سليمة ، وكل هذة العلاجات مجانية لم ندفع فلس واحد . وكم كان الأخ الدكتور عبده محمد المعمري مرتاح بوجود الظرافي ليقوم مقامه بهذه الجهود المضنية ولا أنسى الواجبات العظيمة التي قدمها وقام بها الدكتور محمد أحمد المخلافي نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي والدكتور أحمد أبوبكر الحداد والدكتور أحمد سلطان وعبدالرحمن الشيبه وقايد محمد طربوش في مساعدتي بالمشاوير والترجمة والعناية الشخصية بشخصي المرهق إلا أن عبدالله الظرافي كان يلازمني معظم الوقت ويرقب حالتي الصحية والنفسية ويخفف من مأساتي وإرهاقي وهي فترة امتدت لأكثر من سنتين كانت اكثر مرارة من اختفائي ومطاردتي في العشر السنوات الماضية في اليمن بل كانت ارحم بما لا يقاس من أيام موسكو .
إلا أن الشيء الذي كان يجعلني أتماسك وأقف دائماً على قدمي هو الكرم والسخاء والدعم والمساعدة في جميع المراحل من حيث الاحتياجات المالية يعود الفضل للإخوان السفير صالح الأشول والرفاق السفراء علي الظرافي وأحمد كلز والسفير عبدالله الوهابي لأن الإخوان في عدن نسوني تماماً لأكثر من عام حتى جاء علي ناصر وحل المشكلة، وما ضاعف من مأساتي وأنا في ظروف موسكو أن الحملات العسكرية وخراب بيوتنا وقرانا وقتل رفاقنا في مديرية جبلة (الربادي والشراعي والثوابي والمكتب وغيرها) وأنا بعيد وغير قادر على العودة وكم أن بحاجة لتدوين هذه المرحلة من وجودي في موسكو والحديث عن منظمة الحزب وعن العاملين في سفارتي صنعاء وعدن والوفود الزوار من اليمن إلى الاتحاد السوفييتي وفيها ما يستحق الذكر ولا سيما عن الدكتور البروفيسور فيلسوف السياسية والحزبي المخضرم عبده محمد المعمري وعن الدكتور عبدالله محمد الظرافي وتفانيه وإخلاصه وطيبة أخلاقه وحبه لحزبه وكوادره واستعداده لتقديم روحه بقناعة ورضى من أجل الوطن والحزب والأصدقاء، وكان آخر عهدي به أثناء تواجدي في تعز عام 2013 لترتيب وضع منظمة الحزب الإشتراكي في تعز وانتخاب قيادة جديدة.
فله الرحمة والخلود ولأسرته العزاء والصبر الجميل وإنا لله وإنا إليه راجعون.
يحيى منصور أبو اصبع
رئيس اللجنة المركزية
للحزب الاشتراكي اليمني