كريتر نت – العرب
أوقد مشروع ميناء تعمل سلطات محافظة شبوة على إنشائه على ساحل بحر العرب، شرارة توتّر جديد في جنوب اليمن في وقت تعمل فيه السعودية على إنهاء الخلافات وتبريد الصّراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي المُطالب باستعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة قبل اتفاق الوحدة مع الشمال سنة 1990، والسلطة “الشرعية” بقيادة الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي.
وينظر إلى الميناء الذي وقّع محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، الأحد، اتفاقية لإنشائه، باعتباره محاولة جديدة من قبل إخوان اليمن الممثّلين بحزب الإصلاح والمخترقين لـ”الشرعية” إنشاء منفذهم الخاص على بحر العرب بهدف تأمين تواصل حرّ مع داعمتيهما الإقليميتين قطر وتركيا ما يمكّنهم من تلقّي الدعم منهما بشكل مباشر عبر البحر اقتداء بجماعة الحوثي التي تتلقّى بدورها الأسلحة والمساعدات الإيرانية عبر مجموعة من النقاط على السواحل اليمنية، لاسيما بغرب البلاد حيث تسيطر الجماعة على محافظة الحديدة الاستراتيجية، وتجد طرقا للالتفاف على الرقابة الصارمة التي يفرضها التحالف العربي بقيادة السعودية على المنافذ اليمنية، لاسيما المنافذ البحرية.
ويخوض إخوان اليمن صراعا شرسا للسيطرة على جزء استراتيجي من الأراضي اليمنية يمتدّ من معقلهم الأساسي في محافظة مأرب النفطية شرقي العاصمة صنعاء إلى شبوة جنوبا وصولا إلى أبين المنفتحة على البحر، فيما لا ينفكّون يحاولون السيطرة على محافظة عدن المعقل الرئيسي لغريمهم المجلس الانتقالي الجنوبي.
وبضمان الانفتاح على البحر يحوز إخوان اليمن نواة إقليم خاص بهم قابل للحياة ويحتوي على موارد غنية، لاسيما من نفط وغاز مأرب وشبوة وخطوط نقلهما نحو الأسواق العالمية.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” تنص الاتفاقية التي وقّعها بن عديو على قيام شركة كيو واي زد غير الحكومية للتجارة العامة بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ميناء “قنا” التجاري بمديرية رضوم في شبوة.
ويوصف المحافظ بن عديو بأنّه “أداة للإخوان” في شبوة وبأنّه تحوّل مؤخرا إلى راع للمصالح التركية هناك بعد دخول تركيا بالتعاون مع قطر على خط الأحداث في مناطق جنوب اليمن ذات القيمة الاستراتيجية العالية للملاحة الدولية في بحر العرب والبحر الأحمر.
وهاجم الكاتب والمحلل السياسي اليمني أنور التميمي مؤخرا المحافظ بن عديو قائلا في تغريدة عبر تويتر “لن تفلح محاولات الإخوان المسلمين بإنقاذ الاقتصاد العصملي”، مضيفا “بلّغوا إخوان اليمن بذلك.. وبلّغوا ابن عديو الذي يفتتح استراحات تركية على البحر في شبوة، بأنّ اللعبة على وشك النهاية”.
ضمان منفذ على البحر يتيح لإخوان اليمن تلقي الدعم المباشر من تركيا وقطر على غرار دعم إيران للحوثيين
وتشمل المرحلة الأولى من ميناء “قنا” توفير خزانات عائمة للمشتقات النفطية، وتأمين احتياجات المحافظة منها، وفق ذات المصدر.
فيما تقتضي المرحلة الثانية، بناء أرصفة التفريغ للمشتقات النفطية مع إنشاء 8 خزانات استراتيجية لخزنها، بسعة إجمالية تصل إلى 60 ألف طن، إضافة إلى بناء أرصفة النشاط التجاري للميناء.
وحسب ذات البيان، قال محافظ شبوة عقب التوقيع على الاتفاقية “إنّ المشروع تحتاجه المحافظة لتعزيز نشاطها الاستثماري، وإنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية التي تشهدها”.
وأشار إلى مزايا عقد الاتفاقية التي “تقوم على نظام الإنشاء والإدارة من قبل الشركة العاملة، ثم عودة التمليك إلى الدولة”، دون المزيد من التفاصيل بشأن القيمة ومدة التشغيل.
وتعد شبوة واحدة من أهم المحافظات اليمنية كونها غنية بالنفط، ما جعل الإخوان يضاعفون جهودهم العسكرية للسيطرة عليها حيث شهدت صيف سنة 2019 مواجهات عسكرية بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والوحدات التابعة لجماعة الإخوان ضمن القوات التابعة لحكومة هادي، ما دفع السعودية إلى إرسال قوات إلى المحافظة لفك الاشتباك بين الطرفين.
وتعمل السعودية جاهدة على تبريد الصراع بين المجلس والشرعية لكنّ جهودها لا تزال تتعثّر لعدة أسباب من بينها التدخلات الإقليمية لعرقلة تلك الجهود.
ويصطدم اتّفاق الرياض الذي رعته المملكة لنزع فتيل الصراع في جنوب اليمن بعوائق وخلافات ذات طبيعة أمنية وأيضا مالية، تضاف إلى الخلافات السياسية الدائرة أساسا حول تقاسم حقائب حكومة الشراكة التي ينص الاتفاق على تشكيلها.
ويثير عدم دفع رواتب العسكريين في جنوب اليمن حالة من الغضب في صفوف المجلس الانتقالي الذي يتّهم الشقّ الإخواني في حكومة منصور هادي بالمسؤولية عن حجز رواتب العسكريين الذي يتسبّب بمعاناة اجتماعية للآلاف من العوائل ويهدّد الوضع الأمني الهشّ أصلا في عدن
واعتبر المجلس، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلّية من داخل الاجتماع أنّ قطر وتركيا وإيران تحاول التصعيد العسكري ومواصلة الحصار الاقتصادي وعرقلة صرف مرتبات العسكريين الجنوبيين في مسعاها لإفشال اتفاق الرياض.