كريتر نت – العرب
مع إغلاق فرنسا ملف المنظمة اليمينية التركية “الذئاب الرمادية” وإصدار قرار بحظرها إثر المواجهات مع الجالية الأرمنية في باريس وليون، فتحت أجهزة أمنية دولية ملف هذه المنظمة المتطرفة التي تأسست في تركيا منتصف ستينات القرن الماضي.
وعادت قصة الذئاب الرمادية التي تنشط أينما توجد جالية تركية، مع تورطها في الهجمات الأخيرة ضد المجتمعات والنصب الأرمنية في فرنسا؛ الأمر الذي كشفت المزيد من الأوراق عن دور المخابرات التركية في نشاط عناصر هذه المنظمة.
وشوه عناصر من الذئاب الرمادية في فرنسا النصب التذكاري لضحايا حملات الإبادة الجماعية للأرمن بكتابات صفراء، كما شوهدت حشود من الأتراك الغاضبين وهم يتجولون في الأحياء الأرمنية في باريس وليون مع تصاعد ذروة القتال بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورني قره باغ.
وفتح قرار حظر فرنسا لمنظمة الذئاب الرمادية الذي أثار استياء حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عين دول أخرى على نشاط هذه المنظمة التي تأسست كجزء من موجة السياسة اليمينية لمسؤولي الدولة التركية المناهضة للشيوعية في الستينات.
ودعا حزب الخضر الألماني والحزب اليساري الألماني والبديل من أجل ألمانيا إلى اتخاذ إجراءات مماثلة في ألمانيا بحظر نشاط الذئاب الرمادية. بعد أن أثبتت أنقرة أنها لن تتردد في استخدام الجالية التركية في أوروبا لتعزيز مصالحها.
ويدير الرئيس التركي شبكة استخبارات واسعة في أوروبا حول تجمعات المساجد والقوميين، وهو تقليد إسلامي محافظ لا يتردد أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في الإعلان عنه.
لم تكن هناك حاجة إلى الذئاب الرمادية في الدول الأوروبية، ولكن عندما اشتعل القتال بين أرمينيا وأذربيجان صارت المخابرات التركية بحاجة إلى عناصر طالما اعتمدت عليهم.
ويكشف الانتقاد الشديد من قبل وزارة الخارجية التركية للقرار الفرنسي، الدعم الذي يتلقاه عناصر هذه المنظمة باعتبارهم جزءا من الدولة التركية، الأمر الذي يبرر الوقوف وراءهم.
ونشأت هذه الجماعة كجزء من عملية غلاديو السرية المناهضة للشيوعية بدعم من الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة. وظهرت الجماعة كمنظمة ضمن “دولة الظل” واستمرت كأداة شبه عسكرية تستخدمها تركيا.
وكانت أولى المجموعات من طلاب القانون في جامعة أنقرة في 1966 أطلقوا على قائدهم ألب أرسلان توركش كنية “باشبوغ” أو “الجندي الرئيسي” وكانت مستوحاة من “الفوهرر”. وبقي في الولايات المتحدة لفترة من الوقت خلال الخمسينات كضابط شاب في الجيش، وتدرب على الحرب غير النظامية وحرب العصابات.
وإضافة الى الأنشطة غير النظامية في تدمير الممتلكات العامة والخاصة والمداهمات ونصب الكمائن والاغتيال والتفجير والسطو المسلح والتعذيب والتشويه والخطف، تشمل الأنشطة غير النظامية السرية التجسس ونشر الدعاية والشائعات، وتأخير الأوامر أو توجيهها، وإصدار تقارير كاذبة أو مضللة.
ويصف الكاتب التركي إرغون باباهان منظمة الذئاب الرمادية بهيكل يتشابك فيه جهاز أمن الدولة والأحزاب السياسية والمنظمات الشبابية. وقال باباهان في مقال بموقع أحوال تركية “باختصار، ليس استخدام الذئاب الرمادية ضد الأرمن في أوروبا بالأمر الجديد على تركيا”.
واستمر صعود هذه القوة شبه العسكرية برعاية الدولة التركية خلال السبعينات، وبلغ ذروته مع حكومة بولنت أجاويد، بينما كانت البلاد تتجه نحو الانقلاب العسكري في 1980.
وبدأت هذه المافيا القومية في المشاركة بنشاط في حرب تركيا ضد الحركة السياسية الكردية في التسعينات مما زاد من تعقيد علاقاتها مع الدولة. ونجحت الجماعة في السيطرة الكاملة على طريق المخدرات من أفغانستان إلى أوروبا والأميركتين.
وقال رئيس جهاز الاستخبارات الوطني التركي السابق، محمد إيمور، إن الذئاب الرمادية استُخْدِمت ضد الجيش الأرمني السري في تركيا، وحزب العمال الكردستاني، واليسار الثوري الماركسي اللينيني. وتابع إيمور في شهادته “لا يمكن القيام بهذه الأنشطة مع أشخاص عاديين. نحن بحاجة إلى رجال يمكنهم كسر الأشياء”.