الشاعر / جهاد العبادي
هــا قـدْ أتيــتُ أجــرُّ الشــوقَ والولَعَـا
تركـتُ خلفي همــومَ الأرضِ والجَشَـعَا
بقلــبِ طفــلٍ أتيـــتُ الآن يحــملــنــي
حــبُّ إليــك ووصـــلٌ زادنــي طَــمَعَــا
من غربــة الروح، حيث الدهر أجبرني
أنــأى بعيـــداً، أداري غــربتــي وجَــعَا
حَبـــْوًا أتيـــتُ كطفـــلٍ لــمْ يــذقْ لبناً
من قسوة الأهل.. في خديه كم صُفِعَا
طفــلٌ شـــريدٌ رغيفُ العــيشِ يؤلمــهُ
يـكابـد الجــوع.. يومًا قــطّ ما شَبِــعَا
آتٍ إليــكِ وفكري محضُ أسئلـــةٍ
مــن العتــابِ وحلــمٌ هدَّ مُضْطَــجَــعَا
آتٍ إليــكِ وفــي جنــبيَّ مغــتســلٌ
كـي أغســلَ الحــزنَ والأدرانَ والهَلَـعَا
آتٍ إليـكِ بقلــبٍ ضــاقَ حــــاملُــهُ
من قبضة البعـد آت هـــائمـًا هـَـرعَا
هــذي الندوباتُ في وجهــي لفــاتنتي
تحكـي بصمـتٍ نضوبَ العمـرِ والوَرَعَا
تــوسـدُ الشــوقُ أضلاعــي وذاكرتـي
عقــدٌ من العمرِ.. ضاقَ القلبُ وانْصَدَعَا
يا مسقــطَ الرأسِ.. حــبًّا يا مغــربتي
ضمــي شتاتي.. سئمــنا البعدَ والجَـزَعَا
يا نبضَ شعــري حنينُ الحرفِ يعزفـني
كمْ دندنَ العشــقُ في قلبي وكمْ سَجَعَا
تراقصين فــــؤدي مثل فــاتنــةٍ
فــي حــبِّها جـازَ لي أن أحدث البدَعَــا
يا أرضَ غنــتْ لهــا أنغــامُ قافـــيتــي
فداك شعـري وما في خـــافقــي طُبِعَا
فــداك قـلبٌ أتى والشــوقُ يعــزفـــهُ
ومنبــــعُ الحـــبِّ مــن أوداجـــهِ نَبعَــا
يا سفــرَ أمـــي ويا ذكــرى لعشقِ أبي
يا إرثَ جـــدي ازيحــي الهــمَّ والفزعَـا
تهــدمــتْ فــي غيــابي خــيرُ مئــذنــةٍ
وغـادر القــوم.. وانْسـل المــدى هــزَعَـا
جميعــهــم غـادروا.. فالدارُ موحشــةٌ
وحـامل العمــر ضـلَّ الــدار وانْخَلَــعَا
وساوسُ الخــوفِ.. أشباحٌ هنا سكنوا
مــا حــلَّ بالقــوم يا الله؟ مــا وقَعَــــا؟
يا حـارس الــدار دعنــي أَرتَوِي عَـبَـقـاً
يعـانق الروح من أمســي الذي أنْقَشَـعَا
من ذا؟
غـريبٌ أتى والأمـس في يــده
مـن غيــر إذن ولــم يأبَــهْ بما ابْتَدَعَا
سمعــتها هكــذا مـن ثغـر حاكمهــم
يستفســر القوم عنــي بعض ما سَمَــعَا..
معشـوقتي “الكرب” تغريني محاسنُها
سلطــانةُ الروح.. سبحــان الذي صَنَعَا
القلــبُ نشــوانُ، لونُ الأرض يسحــرهُ
وفــتنــةُ الطقــس تثـري خافقــي وَلَعَا
وددتُ لــو أننـــــي لحــنٌ تغردنــي
فيها العصـــافيرُ أو نجمٌ بها سَطَعَا
رغـم اغتــرابي وصحبي عن مـواطنها
مـا زال فــي الرَّف تـذكـارٌ لمــن رَجــعَا