كريتر نت – العرب
أدت مفاوضات اللحظات الأخيرة بين لندن وبروكسل حول حقوق الصيد إلى عرقلة اتفاق على صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد بريكست.
وقال وزير الخارجية الايرلندي سايمون كوفني إن عقبة في اللحظة الأخيرة تتعلق بموضوع الصيد البحري أدت إلى إرجاء الإعلان عن اتفاق التجارة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وأضاف كوفني أن ملف صيد الأسماك في بريكست متفق عليه من حيث المبدأ لكن المناقشات حوله ما زالت دائرة.
وتابع “كنت آمل أن أتحدث إليكم صباح اليوم تزامنا مع إعلانين مهمين في لندن وبروكسل، لكن لا نزال نتوقع هذا في وقت لاحق اليوم (الخميس)”.
وكانت حصص الأسماك التي يتم صيدها في مياه المملكة المتحدة نقطة شائكة رئيسية في المفاوضات، ويُعتقد أن المملكة المتحدة قد عرضت صفقة تقل بموجبها نسبة الاتحاد الأوروبي من المصايد بنسبة 25 في المائة على مدار خمس سنوات ونصف.
وتجري رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين محادثات، الخميس، مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعد ليلة من المفاوضات الشاقة حول اتفاق تاريخي بشأن علاقتهما التجارية المستقبلية، على أمل انتزاع تسوية تاريخية ليلة عيد الميلاد.
وتتركز المفاوضات على تقاسم نحو 650 مليون يورو من المنتجات التي يصطادها الاتحاد الأوروبي كل عام في مياه المملكة المتحدة والمدة التي ستحدد لتكيف الصيادين الأوروبيين مع الوضع الجديد.
وتم حل القضيتين الأخريين اللتين كانتا عالقتين -طريقة تسوية الخلافات وإجراءات الحماية من أي منافسة غير عادلة- في الأيام القليلة الماضية.
وفي حال التوصل إلى تسوية بين المفوضية الأوروبية وبريطانيا، يفترض أن تصادق عليها الدول الأعضاء في إجراءات تستغرق أياما.
ونظريا، ما زال هناك وقت كاف لبدء تطبيق اتفاق محتمل في الأول من يناير عندما تكون بريطانيا التي غادرت الاتحاد الأوروبي رسميا في 31 يناير قد تخلت نهائياً عن السوق الموحدة.
وسيصادق البرلمان الأوروبي في وقت لاحق على النص المؤلف من ألفي صفحة من النصوص القانونية التي تم الاتفاق عليها، وفقا لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وستسمح نتيجة هذه المفاوضات التي بدأت في مارس للطرفين بإنقاذ نفسيهما من خروج بلا اتفاق مربك على الصعيد السياسي ومضر على المستوى الاقتصادي.
وبدون اتفاق، ستخضع التجارة بين الاتحاد الأوروبي ولندن لقواعد منظمة التجارة العالمية ما يعني فرض رسوم جمركية وتحديد حصص، إلى جانب تطبيق إجراءات إدارية قد تؤدي إلى اختناقات مرورية ضخمة و تأخير تسليم البضائع.
وهذا سيناريو قاتم للمملكة المتحدة التي تواجه في الوقت نفسه انتشار سلالة أكثر ضراوة من فايروس كورونا المستجد تسبب في عزلها عن العالم.
وانتقلت المفاوضات منذ الاثنين إلى رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس الوزراء البريطاني اللذين قاما بمحاولات عدة لتجاوز الجمود في مسألة الصيد.
وعلى الرغم من وزنه الاقتصادي الضئيل، يرتدي هذا القطاع أهمية سياسية واجتماعية للعديد من الدول الأعضاء بينها فرنسا وهولندا والدنمارك وأيرلندا. لكن البريطانيين جعلوا منه رمزا لاستعادة سيادتهم بعد بريكست.
وسيشكل إبرام نص خلال عشرة أشهر، بعد أربع سنوات ونصف السنة من استفتاء يونيو 2016 بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، انجازا مهما للندن وبروكسل، خصوصا لاتفاق بهذا الحجم لأن المحادثات في مثل هذه الحالات تستغرق عادة سنوات.
واستغرقت المفاوضات للتوصل إلى اتفاق انسحاب بريطانيا في نهاية 2019، عامين ونصف العام. وهذا النص يقدم قواعد قانونية للمغتربين المقيمين على جانبي المحيط الأطلسي وضمانات لحفظ السلام في جزيرة إيرلندا.
وأدى انتشار كوفيد-19 إلى تعقيد المحادثات التجارية التي قادها كبيرا المفاوضين الأوروبي ميشال بارنييه والبريطاني ديفيد فروست اللذان اضطرا لإجراء محادثات عبر الفيديو وأحيانا إلى تعليق المناقشات بسبب وجود إصابات بين المفاوضين.
وبهذا الاتفاق، قد يسمح الاتحاد الأوروبي لبريطانيا بدخول غير مسبوق لسوقه الضخم الذي يعدّ 450 مليون مستهلك بدون رسوم جمركية ولا حصص، لكن هذا الانفتاح مرفق بشروط صارمة، إذ يتعين على الشركات البريطانية احترام عدد معين من القواعد التي يتم تطويرها على مر الوقت في مجالات البيئة وقانون العمل والضرائب لتجنب أي إغراق. ويفترض أيضا تأمين ضمانات في مجال مساعدات الدولة.
ويفترض أن تسمح آلية بتفعيل إجراءات مضادة بسرعة، مثل فرض رسوم جمركية في حال حدثت خلافات حول هذه المعايير.
وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستكون خسارة بريطانيا أكبر بكثير من خسارة أوروبا. فالمملكة المتحدة تصدر 47 بالمئة من منتجاتها إلى القارة، بينما يصدر الاتحاد الأوروبي ثمانية بالمئة فقط من بضائعه إلى الضفة الأخرى لبحر المانش.