كريتر نت – العرب
زار رئيس الحكومة معين عبدالملك جرحى الهجوم الإرهابي في عدد من مستشفيات العاصمة المؤقتة، موجها وزارة الصحة العامة والسكان والسلطة المحلية بمحافظة عدن بمتابعة أحوال الجرحى وتنفيذ التوجيهات برعاية أسر الشهداء بشكل فوري.
يأتي ذلك فيما تعهّدت الحكومة اليمنية الخميس بالعمل على “إعادة الاستقرار” إلى البلاد غداة هجوم دام على مطار عدن لدى وصول أعضائها إلى هذه المدينة الجنوبية، خلّف العشرات من القتلى والجرحى.
وهز انفجاران على الأقل مبنى المطار وتصاعد الدخان بكثافة بينما كان أعضاء من وفد الحكومة الجديدة ينزلون سلم طائرة الخطوط اليمنية وسط هتاف العشرات من اليمنيين الذين تجمعوا أمام الطائرة.
وأوقع الهجوم الذي لم تتأكّد طبيعته بعد، 26 قتيلا على الأقل من بينهم ثلاثة أفراد من الصليب الأحمر الدولي وصحافي يمني ومساعدة لوزير الأشغال، بينما لم يتعرض أي من الوزراء لأذى، كذلك أصيب العشرات من الأشخاص بجروح وقد أظهرت لقطات مصورة بعضهم على الأرض وهم مضرّجون بالدماء.
وقال وزير الخارجية أحمد بن مبارك الخميس إنّ الحكومة مصممة على العمل من عدن لمواجهة التحديات التي تعصف بأفقر بلدان شبه الجزيرة العربية والذي يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة.
وأوضح أن “الحكومة عازمة على القيام بواجباتها والعمل على إعادة الاستقرار إلى اليمن ولن يثنيها هذا الحادث الإرهابي عن ذلك”.
وتدور الحرب في اليمن التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى منذ 2014، بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وقوات أخرى تقودها المجموعات المؤيدة للحكومة بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية، منذ سيطر الحوثيون على مناطق واسعة قبل حوالي ست سنوات من بينها العاصمة صنعاء.
وعملت السعودية منذ أكثر من عام على تشكيل الحكومة الجديدة لإنهاء الخلافات والتفرغ لمقاتلة الحوثيين الذين اقتربوا من السيطرة على مأرب، آخر معاقل السلطة في شمال اليمن المجاور للمملكة.
ووصلت الحكومة الجديدة التي تضم 24 وزيرا إلى جانب رئيسها معين عبدالملك، إلى عدن المقر المؤقت للسلطة المعترف بها دوليا، بعد أيام من أدائها اليمين أمام الرئيس عبدربه منصور هادي في السعودية حيث يقيم منذ سنوات.
وكان اليمنيون يأملون في أن تباشر الحكومة مهامها فورا لتحسين الأوضاع المعيشية في بلد يواجه الملايين من سكانه خطر المجاعة، لكن الهجوم الدامي أعاد تذكيرهم بأن اليمن لا يزال بعيدا عن الخروج من أتون الحرب.
وقالت نور (28 عاما) وهي من سكان عدن “كان يوما موجعا ومخيفا. كنا متفائلين بعودة الحكومة ليس لأنهم رجال وطنيون لكن لأن عودتهم قد تعني عودة الخدمات وتوقف الأزمات”.
وتابعت “لكن غباءهم الأمني هو السبب في الازدحام الذي حدث (أمام الطائرة) وتحديد موعد وصولهم ونزولهم في مطار مدني. كل ذلك تسبب في هذه الكارثة”، مضيفة “استهتارهم بحياة الناس تسبب في هذا الموت”.
من جهته، خسر باسم القاضي ابن عمّه في الهجوم بعدما كان متواجدا في المطار لحظة وقوع الحادث، لكنه قال إنه رغم الهجوم “نحن متفائلون بحكومة المناصفة وهي آخر الآمال التي تعلّق على السلطة لانتشال عدن من وضعها المنهك والمحزن. الناس يريدون أن يعشوا، لقد سئموا الموت والدمار والإرهاب”.
واتّهم وزراء في الحكومة المتمردين الحوثيين بالوقوف خلف الهجوم، علما أنه سبق وتعرضت أهداف حكومية في عدن لهجمات من قبل الحوثيين بصواريخ وطائرات مسيّرة ومن قبل تنظيمات متطرفة بينها القاعدة والدولة الإسلامية.
وقال بن مبارك إنّ “المعلومات والتحقيقات الأولية تؤكد قيام ميليشيات الحوثيين بهذا العمل الإرهابي البشع، حيث تم رصد إطلاق لصواريخ حوثية من مناطق الحوثيين”.
وأضاف “سيتم نشر الأدلة وبقية التفاصيل حول هذا الاستهداف الإرهابي فور استكمال التحقيقات التي تقوم بها لجنة برئاسة وزير الداخلية”، معتبرا أن هدف الحوثيين الذين لم يعلّقوا على الهجوم هو “استمرار الحرب ورفض جهود تحقيق السلام”.
وتواصلت الخميس ردود الفعل المنددة بالهجوم، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية كالي براون إن “الهجمات التي استهدفت مطار عدن الدولي الأربعاء، تزامن توقيتها مع وصول مسؤولين جدد في الحكومة اليمنية، وكشفت عن النية الخبيثة لأولئك الذين يحاولون زعزعة استقرار اليمن”.
وأضافت براون في بيان لها أن “مثل هذه الهجمات لن توقف أو تقوض الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم يستحقه الشعب اليمني”.
وأدانت وزارة الخارجية الروسية التفجيرات داعية إلى إجراء تحقيق دقيق وغير منحاز في الواقعة.
وقالت الوزارة في بيان إن “موسكو تدين بقوة هذا العمل الإجرامي”، معربة عن تعازيها لذوي الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل للجرحى.
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجوم، واصفا إياه بـ”المؤسف”، مؤكدا التزام الأمم المتحدة الثابت بدعم الجهود المبذولة لاستئناف عملية سياسية بقيادة يمنية للتوصل إلى تسوية شاملة وتفاوضية للصراع.
وكتبت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” هنرييتا فور على تويتر “يجب أن يتوقف العنف الذي يمزق اليمن”.
وعلّقت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر كاترينا ريتز عن مقتل ثلاثة من موظفي اللجنة في الهجوم بالقول “لقد سدد هذا الانفجار ضربة موجعة للكثير من العائلات بما خلفه من قتلى ومصابين”. وأضافت “لقد عاش اليمن أياما حالكة السواد، ونأمل في أن يرى غدا مشرقا في القريب العاجل”.