كريتر نت – BBC
أثار رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو 2020، يوشيرو موري، ذو الـ83 عاما، غضبا عالميا بعد تصريحه بأن “النساء يتحدثن كثيرا والاجتماعات مع عضوات مجلس الإدارة تستغرق كثيرا من الوقت”.
وسرعان ما تراجع عما بدر منه من قول، واعتذر، لذلك أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية “إغلاق القضية”.
لكن هذه القضية لم تغلق بالنسبة لطالبة الاقتصاد، موموكو نوجو، البالغة من العمر 22 عاما؛ إذ قررت إطلاق حملة أطاحت برئيس لجنة أولمبياد طوكيو.
تقول موموكو لبي بي سي: “في السابق، كان من المعتاد تجاهل مثل هذه الملاحظات في اليابان، وعدم معاقبة الجاني. قد تظهر هذه التعليقات في الأخبار ليوم أو اثنين، ثم تعود دورة الأخبار كما كانت، ويتكرر الأمر من جديد”.
ولأن موموكو شعرت بأنها لم تعد قادرة على احتمال هذه الحالة، أطلقت عريضة على الإنترنت بعنوان (لا تسكتي #DontBeSilent)، وحصلت على أكثر من 150 ألف توقيع، فمهدت الطريق بذلك نحو التغيير.
علما أن اليابانيات كنّ بالفعل يستخدمن وسما لتسليط الضوء على هذا الموضوع ومن الصعب ترجمة اسمه تماما، لكن أقرب ترجمة له هي “امرأة لا تعرف مكانها”، إذ بدأت النساء بالاستفسار، بتهكم، عن هذا “المكان” المحدد للمرأة.
لكن موموكو أدركت أنه من أجل تحقيق تغيير ملحوظ، كان عليها توسيع حملتها للوصول إلى جمهور عالمي.
وتوضح ذلك قائلة: “انطلقنا من مبدأ إشراك الناس في الخارج، وقررنا استخدام الهاشتاغ باللغة الإنجليزية “لا تسكتي #DontBeSilent”.
وبدعم من ثلاث نساء أخريات، أطلقت الطالبة عريضة عبر الإنترنت وأدرجت مطالبهن، التي تضمنت أن تتبنى اللجنة الأولمبية في طوكيو سياسة عدم التسامح عندما يتعلق الأمر بالتمييز القائم على أساس الجندر.
“شعرت بالخوف من التحدث علنا، ومن هنا تأتي روعة الحصول على هذا الدعم. من الصعب أن تكوني شجاعة عندما تكونين بمفردك ولكن هذه المرة كنت مع ثلاث نساء أخريات لعبن دورا أساسيا في هذه العريضة”.
ذهلت موموكو من حجم ردود الفعل، ومن مدى الحديث عن الموضوع عن هذه الفضيحة التي اشتعلت في اليابان.
وقالت: “بدأت النساء بمشاركة تجاربهن الخاصة، وبما كن يشعرن به أثناء الاجتماعات.. إذ اعتقدن أنه كان عليهن قول ما يحظى باستحسان الرجال الأكبر سنا. كن يتراجعن عن قول أي شيء لا يتماشى مع ذلك”.
وتضيف: “كتبت لنا نساء أخريات أنهن سمعن رجالا آخرين علقوا بطريقة مماثلة لما قاله موري، وكن قد ضحكن حينها على تلك التعليقات، لذا فهن يشعرن بالأسف الآن”.
توجد في اليابان امرأتان فقط ضمن الهيئة الإدارية للحزب الليبرالي الديمقراطي المكون من 12 شخصا.
ولا يتجاوز عدد النائبات في البرلمان الياباني 46 فقط من بين 465 سياسيا – وهذه النسبة أقل من المتوسط العالمي.
تعلق موموكو: “في كلية الاقتصاد، حيث أدرس، 20 بالمئة فقط من الطلاب من فئة الإناث. ومنذ أن كنت في المدرسة الابتدائية، تعلمت أن أقتنع بضرورة التزام النساء الهدوء من أجل أن نحظى بإعجاب الصبيان. الآن أنا صريحة، أتحدث عن رأيي متى شئت. أعتقد أن المهم هو أن أعبر عن نفسي، أكثر من أن أكون محبوبة”.
لكن موموكو لم تكن دائما ناشطة.
تعود بداياتها لعام 2019 عندما أطلقت جمعية اسمها “لا يابان بلا شباب NO YOUTH ، NO JAPAN”، بهدف إشراك الطلاب في النشاط السياسي وإطلاق حملات تخص القضايا المجتمعية.
“لم أكن مهتمة بأن أكون ناشطة، فليس هناك أي ناشط في عائلتي. لكني بدأت أهتم بذلك بعد أن درست في الدنمارك في عام 2019، ورأيت هناك الشباب يتحدثون عن القضايا التي تهم مجتمعهم. رؤية ذلك جعلتني أفكر في الأشياء التي تزعجني في اليابان. كنت أعتقد أنني غير قادرة على فعل أي شيء حيالها، لكني عندما عدت إلى اليابان، أدركت أنني قادرة على ذلك، ويمكنني أن أفعل ما يفعله هؤلاء الشباب في الدنمارك”.
زيادة في التمثيل
استقال يوشيرو موري في فبراير/شباط بعد تصاعد الضغط العام ضده، وحلت محله امرأة هي البطلة الأولمبية لسبع مرات، سيكو هاشيموتو، والتي شغلت منصب وزيرة الألعاب الأولمبية اليابانية السابقة، ووزيرة تمكين المرأة والمساواة الجندرية منذ عام 2019.
وقبل أيام قليلة، أعلنت سيكو هاشيموتو، وعمرها 56 عاما، أن اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية قد شكلت فريقا لتعزيز المساواة الجندرية.
الوظيفة الأولى لهذا الفريق هي زيادة نسبة النساء في مجلس الإدارة لتصل إلى إلى 40 بالمئة – علما أن هذا هو الهدف الذي حددته اللجنة لنفسها عام 2019، لكنها لم تحققه بعد. وهذا جزء من مطالب حملة موموكو.
تقول موموكو بفخر: “قد تكون الخطوة الأولى صعبة، لكن الناس يقفون خلفك بمجرد إعلائك صوتك”.
لكنها تؤكد أن هذه ليست سوى الخطوة الأولى.
وتضيف: “من النادر أن ترى نساء في مناصب تنفيذية في مجال السياسة أو إدارات الشركات في اليابان. آمل أن يتغير هذا”.
“ما أشعر أنه مختلف هذه المرة هو أننا جمعنا أكثر من 150 ألف توقيع، وفي نهاية الأمر استبدل الرجل بامرأة، لذلك أعتقد أن هذه سابقة مهمة في اليابان”.