كريتر نت – متابعات
مسارها المهني مليء بالاستثناءات، ولها من الكفاءة والنزاهة ما يجعلها محط إجماع قوي من مكونات المشهد السياسي والمجتمعي المغربي.
عُرفت بصرامة كبيرة في تطبيق القانون، وتميزت بانضباط شديد في أدائها للمهام المنوطة بها، ما جعل البعض يُلقبها بـ”المرأة الحديدية”، لكن آخرين يحلو لهم تسميتها بالمرأة الاستثناء، نظراً لقُدرتها على إثبات حضورها المهني، وفرض وجودها في مراكز قرار لم تطأها امرأة قبلها قط.
إنها المغربية زينب العدوي ابنة مدينة الجديدة وسط المغرب، سليلة المرحوم أحمد العلوي، مؤسس جمعية علماء سوس، وأستاذ التدريس بالمعهد الإسلامي بتارودانت، كما عمل أيضاً مديراً للمعهد الإسلامي بمدينة الجديدة، كما شغل العديد من المناصب العلمية والتعليمية الأخرى، قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى عام 2015.
مسار هذه المرأة كان استثنائياً منذ أيام دراستها، إذ حصلت على دبلوم الدراسات المعمقة في العلوم الاقتصادية، لتُعين عام 1984 في منصب قاضية للحسابات، لتكون بذلك أول امرأة تتقلد هذا المنصب.
حقوقية وامرأة قانون
وعام 2004، عُينت زينب العدوي في منصب رئيسة المجلس الجهوي للحسابات بالرباط، وانضمت عام 2010 للجنة الاستشارية للجهوية، وهي لجنة عينها العاهل المغربي الملك محمد السادس في الثالث من يناير / كانون الثاني من عام 2010، وعهد إليها بلورة نموذج وطني لجهوية متقدمة لتواكب ورش الإصلاحات المؤسساتية.
وفي العام الموالي، نالت زينب العدوي عضوية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو مؤسسة مُستقلة، مُهمتها مراقبة وحماية والنهوض بحُقوق الإنسان في المملكة المغربية.
عام 2012 شهدت المملكة المغربية جهودا حثيثة لإصلاح منظومة العدالة، ولأجل ذلك تم، بتعليمات ملكية سامية، تشكيل الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، والتي ضمت خيرة الأطر الحقوقية والقضائية وأيضاً السياسية في البلاد، ومن بينهم كانت زينب العدوي.
العدوي اشتغلت إلى جانب باقي الأعضاء على بلورة ميثاق وطني واضح في أهدافه ومحدد في أسبقياته٬ وبرامجه٬ ووسائل تمويله٬ ومضبوط في آليات تفعيله وتقويمه، لإصلاح منظومة العدالة.
بصمة استثنائية
مسيرة العدوي ستعرف انعطافاً ملحوظا عام 2014، بعدما عينها العاهل المغربي، الملك محمد السادس في منصب والي جهة الغرب -شراردة -بني حسن، عامل إقليم القنيطرة، لتكون بذلك أول امرأة في تاريخ المملكة المغربية تتولى هذا المنصب الكبير.
النتائج الجبارة التي حققتها العدوي خلال فترة عملها والياً على جهة الغرب – شراردة – بني حسن، وسط البلاد، جعلها تحظى بثقة ملكية أكبر، ليُعينها الملك محمد السادس مرة أخرى، والياً على جهة ثانية من جهات المملكة، وهي جهة سوس -ماسة، عاملا على عمالة أكادير -إداوتنان عام 2015.
وفي الوقت الذي كانت العديد من الأصوات تُرشحها، وتتوقع شغلها لمنصب وزير للداخلية، جاء الاختيار الملكي عام 2017، ليضعها في مسؤولية المفتش العام لوزارة الداخلية، ويُناط بها وفقاً للقانون المغربي مهمة المراقبة والتحقق من التسيير الإداري والتقني والمحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية وهيئاتها.
4 سنوات بعد ذلك، تمضي العدوي في مسارها المهني الاستثنائي لترأس مؤخرا المجلس الأعلى للحسابات، كأول امرأة تشغل هذا المنصب، وهو مؤسسة دستورية يُدقق خبراؤها وقُضاتها في طرق صرف المالية العمومية، كما يتكلف بمُتابعة مساطر التصريح الإجباري بالممتلكات للمسؤولين الحكوميين المعنيين بهذا الإجراء القانوني.
أم وزوجة
جديتها المهنية، ونجاحها الكبير في مسارها المهني، لم يُؤثرا بتاتاً على حياتها الأسرية، وعلاقتها بزوجها نور الدين الشرقاوي، وابنيها الشابين.
في مقابلة تلفزيونية سابقة، قال زوجها نور الدين الشرقاوي، إن زينب، كُلما التحقت بمنزلها تصير امرأة مغربية أصيلة، تهتم ببيتها وزوجها وأبنائها، وتجد فيها المرأة الحنونة العطوفة.