كريتر نت – أنقرة
تسعى تركيا إلى تحويل وجهة مشروع طريق الحرير إلى الاتجاه المعاكس واستباق الصين بمراهنتها على طفرة نقل البضائع بالسكة الحديدية العابرة للقارات لاختراق آسيا الوسطى، حيث تستهدف أنقرة التحول إلى دولة مركزية وقاعدة لوجيستية في نقل البضائع عبر السكك الحديدية.
وتخطط تركيا لتطوير شبكة نقل القطارات واستباق طريق الحرير الصينية، التي تربط بكين بأوروبا وبالعالم بالتركيز على استغلال طفرة نقل البضائع لإعادة طريق الحرير إلى الطريق المعاكس، ما يربط تركيا بآسيا الوسطى انطلاقا من أذربيجان مع تزايد رهانات تطوير الممرات الأوسطية لتسهيل انسيابية السلع.
وقال وزير النقل والبنية التحتية التركي عادل قرة إسماعيل أوغلو، إن نقل البضائع عبر السكك الحديدية داخل وخارج تركيا خلال الربع الأول من العام الجاري زاد بنسبة 30 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق.
وأفاد قرة إسماعيل أوغلو، في حوار مع وكالة الأناضول الرسمية، أن نقل البضائع عبر السكك الحديدية في اتجاه أوروبا زاد خلال 2020 بنسبة 25 في المئة مقارنة بعام 2019، متوقعا أن يستمر هذا الزخم خلال العام الجاري.
وأكد أن خط سكة حديد “باكو – تبليسي – قارص” (ينطلق من أذربيجان إلى تركيا عبر جورجيا) نقل 154 ألفا و836 طنا من البضائع في الربع الأول من العام الجاري عبر ألفين و468 عربة قطار، مقارنة بـ78 ألف طن في الربع الأول من عام 2020.
إسماعيل أوغلو: نتطلع إلى التحول إلى قاعدة لوجيستية في نقل البضائع
ويرى خبراء أن تركيا تستهدف من هذه التحركات تبديد الشكوك حول عدم قدرتها على إحياء ممر النقل الواصل بين الشرق والغرب وإنشاء خط بري آمن وفعّال يربطها بدول القوقاز وآسيا الوسطى، لاسيما مع بدء الصين التركيز على هذا المشروع وحشدها لدعم دولي.
وأوضح الوزير أن النقل عبر خطوط السكك الحديدية أصبح أكثر أهمية وتأثيرا من أجل مواصلة التجارة في ظل انتشار جائحة كورونا، مشيرا إلى أن أهمية النقل عبر السكك الحديدية تزداد بالتدريج.
ولفت إلى ازدياد الطلب يوما بعد يوم على رحلات النقل التي تنفذها المديرية العامة للنقل بهيئة السكك الحديدية التركية، في اتجاه أوروبا إلى بلغاريا ورومانيا وصربيا والمجر وبولندا والنمسا وسلوفينيا والتشيك وفرنسا وألمانيا، ولذلك زادت عدد الرحلات.
وتابع “هناك زيادة أيضا في الطلب على النقل بحاويات الشاحنات من تركيا إلى أوروبا، ونقوم عبر تجهيز عربات القطارات بطريقة خاصة بوضع اثنين من حاويات الشاحنات في كل عربة قطار”.
وأكد أنه بذلك يمكن نقل البضائع التي يجب نقلها بالمئات من الشاحنات بعدد قليل من القطارات دون إعاقة حركة المرور وبتكلفة أقل وخلال وقت
أسرع.
وأوضح الوزير أن نقل البضائع بين تركيا وإيران ازداد عام 2020 بنسبة 60 في المئة مقارنة بعام 2019، وأن العبارات التي دخلت الخدمة مؤخرا عبر بحيرة وان (شرق) وفرت مزايا كبيرة لنقل البضائع.
وأضاف أنهم يواصلون العمل على رفع حجم نقل البضائع إلى إيران بنحو مليون طن، ولنقل البضائع عبر إيران إلى باكستان وأفغانستان والصين. وأشار قرة إسماعيل أوغلو، إلى أن تركيا نفذت عدة مشروعات مهمة بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، أبرزها خط السكة الحديد “باكو- تبليسي – قارص”.
ولفت إلى أنهم ينفذون رحلات نقل بضائع بالقطارات إلى جورجيا وأذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان وروسيا والصين. وأكد الوزير أن أزمة قناة السويس الأخيرة أبرزت أهمية مشروع “الممر الأوسط” الذي يمر بتركيا.
وأوضح أنه تم نقل 396 ألفا و778 طنا من البضائع عبر خطي السكك الحديدية “باكو- تبليسي – قارص” و”الممر الأوسط” العام الماضي بزيادة بنسبة 104 في المئة مقارنة بعام 2019.
وذكر قرة إسماعيل أوغلو أن خط الممر الأوسط يتيح وصول البضائع من آسيا إلى مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبحر المتوسط بفضل ربطه مع الموانئ في تركيا.
وقال إن “الدول التي يمر بها الخط ستحقق أرباحا اقتصادية كبيرة من التجارة بين أوروبا والصين، التي يبلغ حجمها سنويا 710 مليارات دولار”. وأكد قرة إسماعيل أوغلو أن الحكومة ترغب في تحويل تركيا إلى دولة مركزية وقاعدة لوجستية في نقل البضائع عبر السكك الحديدية.
وأضاف أن خط “مرمراي” الواصل بين قارتي آسيا وأوروبا ويمر من تحت مضيق البوسفور، كان نقطة تحول كبيرة في نقل البضائع مباشرة بين القارات دون توقف.
30 في المئة ارتفاع نقل السلع عبر السكك الحديدية داخل وخارج تركيا خلال الربع الأول من العام
وأشار إلى أنه قبل عام 2013 كانت البضائع تُنقل من أوروبا إلى آسيا عبر البحر، وبعد افتتاح خط “مرمراي” أصبحت قطارات البضائع تعبر مباشرة. وأوضح أنه تم نقل 335 ألفا و455 طنا من البضائع بواسطة 766 قطار بضائع عبر خط “مرمراي” إلى داخل تركي.
وأشار إلى أنه قبل عام 2013 كانت البضائع تُنقل من أوروبا إلى آسيا عبر البحر، وبعد افتتاح خط “مرمراي” أصبحت قطارات البضائع تعبر مباشرة. وأوضح أنه تم نقل 335 ألفا و455 طنا من البضائع بواسطة 766 قطار بضائع عبر خط “مرمراي” إلى داخل تركي.
وكان مشروع طريق الحرير مشروعا صينيا حيث يستهدف ربط الصين بأوروبا وببقية دول العالم، ويندرج في إطار إزالة العقبات التي تواجه مرور غالبية التجارة المنقولة بحرا بين الصين وأوروبا عبر مضيق باب المندب، على غرار الانقطاعات والاضطرابات الناجمة عن القرصنة والتوترات الإقليمية.
وتهتم الصين بالدرجة الأولى بتأمين هذه الطرق التجارية جنبا إلى جنب مع البحث عن طرق بديلة أخرى لتجنب نقاط الاختناق البحرية.
ويرى محللون أن تركيا تسعى إلى إعادة توجيه دفة هذا المشروع نحوها من أجل خلق واقع جديد في المنطقة يفتح الطريق أمام الحضور الاقتصادي التركي في القوقاز وآسيا الوسطى، في ما يمكن وصفه بطريق الحرير التركي المعاكس الذي ينطلق من أذربيجان المنطقة الثرية بالنفط والغاز باتجاه الصين، وليس من الصين نحو أوروبا مرورا بتركيا.
ويتضمن مشروع الحزام الاقتصادي “طريق الحرير” إنشاء ممر للمواصلات والطاقة والتجارة يمتد من شرق آسيا مرورا بآسيا الوسطى والجنوبية وأوروبا، وأعلنت الصين أنها ستموله من صندوق خاص لهذا المشروع الذي أطلقه الرئيس الصيني في عام 2013. ووقعت روسيا والصين أيضا اتفاقا بشأن بناء خط سكك حديدية فائق السرعة يمتد من بكين إلى أوروبا مرورا بالأراضي الروسية.
ويعتبر المشروع أحد أوائل المشاريع في إطار إنشاء الحزام الاقتصادي، وستقوم روسيا في البداية بمد خط للسكك الحديدية بين موسكو ومدينة قازان الروسية، كجزء من المشروع الذي يربط بين بكين وأوروبا. ولكن يبدو حسب مراقبين أن تركيا تريد استباق هذا المشروع من الاتجاه المعاكس.
المصدر : العرب اللندنية