كريتر نت – العرب
حذر جيفري فيلتمان المبعوث الأميركي الجديد إلى القرن الأفريقي من حرب أهلية في إثيوبيا تبدو أمامها الحرب في سوريا مثل لعب الأطفال.
وتوقع فيلتمان، وهو دبلوماسي محنك، في أول مقابلة له منذ أن تم اختياره للمنصب، أن يتحول الصراع إلى أزمة إقليمية كاملة، مقارنا ذلك بالحرب في سوريا.
وقال المبعوث الأميركي لمجلة فورين بوليسي “انظرْ إلى ما صلت إليه سوريا من انهيار وفوضى خلال الحرب الأهلية”، مستشهدًا بأزمة اللاجئين وتأثيرها على أوروبا، فضلاً عن صعود الجماعات الإرهابية الناجم عن انهيار الدولة.
وأضاف “إثيوبيا فيها 110 ملايين نسمة. وإذا أدت التوترات في إثيوبيا إلى نشوب حرب أهلية واسعة النطاق تتجاوز منطقة تيغراي، فإن سوريا ستبدو مثل لعب الأطفال مقارنةً (بما سيحصل في إثيوبيا)”.
وسبق أن شغل فيلتمان عدة مناصب في الشرق الأوسط، بما في ذلك سفير الولايات المتحدة في لبنان من 2004 إلى 2008، وعايش حرب لبنان عام 2006. ومن عام 2009 إلى عام 2012 شغل منصب كبير مبعوثي وزارة الخارجية إلى الشرق الأوسط، خلال ثورات الربيع العربي.
ألكسندر روندوس: تيغراي أصبحت معسكر اعتقال ضخما في ظل الظروف المروعة
لكن مهمته الجديدة ستكون شاقة، في ظل أزمة تيغراي التي فتحت الأبواب أمام أزمة إنسانية ضخمة وسط مزاعم واسعة النطاق بارتكاب جرائم حرب.
كما أن السودان يكافح في ظل انتقال حكومي هش إلى الديمقراطية بعد ثلاثة عقود من الحكم الاستبدادي، وهو يشهد نزاعا حدوديا مع إثيوبيا يمكن أن يشعل صراعا منفصلا بين هاتين الدولتين خاصة مع التوتر بينهما بشأن سد النهضة.
من جانبه يعيش الصومال على وقع أزمة سياسية وأمنية حادة لا تحمل أي مؤشرات على استقرار في ظل التدخلات الخارجية، وتحوّل البلد كما بقية دول القرن الأفريقي وتلك المطلة على البحر الأحمر إلى قبلة للتنافس الإقليمي والدولي.
وقال فيلتمان “أشعر بالخوف من هذا التحدي. إنه جزء معقد من العالم فيه الكثير من الأزمات المتداخلة التي تحدث في نفس الوقت. لكن الأولوية في الاهتمام ستكون لتيغراي”.
وأضاف أن الأولويات الرئيسية الأخرى هي النزاع الحدودي بين إثيوبيا والسودان والتوترات بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، مؤكدا أنه سيسافر إلى المنطقة قريبًا لكنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل.
ورحّب دبلوماسيون أوروبيون يعملون في القرن الأفريقي بوجود فيلتمان بينهم. وقال ألكسندر روندوس، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي، إن خبرة فيلتمان وعلاقاته في الشرق الأوسط ستكونان ضروريّتيْن لهذا المنصب، بالنظر إلى الدور المتزايد لدول الخليج العربي في القرن الأفريقي.
ووسّعت كل من قطر والسعودية والإمارات بصماتها السياسية والتجارية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة في سياق مساعيها لحماية أمنها القومي.
وقال روندوس “بدأ الخليج يدرك أن منطقة القرن هي حدوده الغربية. وأي شخص في الغرب يعتقد أننا (أميركا وأوروبا) اللاعبون الوحيدون هناك من الأفضل له أن يستيقظ ويفهم أن هناك لاعبين آخرين في المنطقة”.
وأكد على أن وقف القتال في تيغراي يجب أن يكون أولوية قصوى، خاصة أنها “أصبحت معسكر اعتقال ضخما وهائلا (…) الناس يموتون هناك في ظل ظروف مروعة”.
واندلع الصراع في تيغراي في نوفمبر 2020 بعد أن شن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد هجوما عسكريا على جبهة تحرير شعب تيغراي التي تسيطر على المنطقة، والتي كانت تمثل في السابق الحزب الحاكم في إثيوبيا، ثم تحول الهجوم إلى صراع طويل الأمد، حيث تشارك قوات من إريتريا المجاورة وميليشيات أخرى مع القوات الإثيوبية.
ومنذ ذلك الحين ظهرت تقارير موثوقة عن ارتكاب جرائم حرب محتملة من قبل الفصائل المشاركة في القتال، بما في ذلك ذبح المدنيين والعنف الجنسي الممنهج.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد وصف تلك الانتهاكات بأنها “تطهير عرقي” وحث حكومة آبي على وقف جميع الأعمال العدائية.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن ما يصل إلى ثلاثة أرباع سكان تيغراي، أي 4.5 مليون من أصل حوالي ستة ملايين، بحاجة إلى مساعدات غذائية. كما أدى الصراع إلى إثارة أزمة لاجئين هائلة، حيث نزح أكثر من مليون شخص داخليا فيما فر أكثر من ستين ألفا إلى السودان المجاور.
ولم تنجح مساعي إدارة الرئيس جو بايدن في إنهاء الصراع على الرغم من تصعيد الضغوط السياسية على آبي أحمد.
وكان بايدن أرسل أحد كبار حلفائه في مجلس الشيوخ، السناتور الديمقراطي كريس كونز، إلى إثيوبيا الشهر الماضي لمعالجة الأزمة وحث الرئيس الإثيوبي على إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى تيغراي وإخراج القوات الإريترية من المنطقة.
وعبر كونز لاحقا عن شعوره بالإحباط لأن آبي أحمد لم يف بعد بهذه الالتزامات.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن هناك “تقارير موثوقة مفادها أنه بدلاً من الانسحاب من تيغراي كانت القوات الإريترية تتخلى ببساطة عن زيها الرسمي وترتدي زيًا إثيوبيا من أجل البقاء في تيغراي إلى أجل غير مسمى”.
وعلق فيلتمان قائلا “الأمر مخيب للآمال عندما نسمع بتصريحات علنية حول انسحاب القوات الإريترية لكنها لم تتحقق على أرض الواقع. أفترض أن رئيس الوزراء آبي يريد أن يرى إثيوبيا قوية وموحدة، ولا يريد أن يترأس دولة متدهورة ومنهارة”.