كريتر نت – متابعات / صالح البيضاني
رجحت مصادر سياسية يمنية مطلعة أن تشهد الفترة المقبلة المزيدَ من الضغوط الأميركية والأوروبية لدفع الحوثيين نحو القبول بالخطة الأممية التي وافقت عليها الحكومة اليمنية والتحالف العربي وحظيت بدعم دولي واسع.
وأشارت المصادر إلى أن الضغوط الدولية المرتقبة على الحوثيين، والتي ربما تتجه نحو مسار آخر يتضمن تجفيف منابع التمويل والسلاح القادم من إيران مع نبرة أوضح في تحميلهم مسؤولية تعثر جهود السلام في اليمن، ستترافق مع مساع أممية لإجراء تعديلات طفيفة ربما في تراتبية البنود المتعلقة بخطة وقف إطلاق النار التي يصر الحوثيون على فصل مسارها العسكري والسياسي عما يعتبرونه استحقاقات إنسانية في ما يتعلق بمطار صنعاء وميناء الحديدة.
ويقوم كل من المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ والأممي مارتن غريفيث المنتهية ولايته بزيارة للعاصمة السعودية الرياض اشتملت على لقاءات مع مسؤولين سعوديين ويمنيين تمحورت حول جهود إحلال السلام في اليمن، بحسب وسائل إعلام يمنية وسعودية رسمية.
واستقبل رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك في مقر إقامته بالرياض الأربعاء المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن الذي أطلعه، وفقا لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، على “نتائج التحركات المبذولة لإحلال السلام في اليمن، وما تواجهه هذه الجهود من تحديات وعراقيل في ظل استمرار رفض وتعنت ميليشيا الحوثي تجاه كل المبادرات والحلول المطروحة”.
والتقى ليندركينغ السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وتمت في اللقاء “مناقشة الجهود والتحركات المشتركة والدولية والأممية لوقف إطلاق النار”.
كما التقى وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، الخميس، مع المبعوث الأميركي، حيث دار اللقاء حول “رفض الميليشيات الحوثية لوقف إطلاق النار الشامل وإعادة فتح مطار صنعاء وضمان توريد عوائد المشتقات النفطية لسداد رواتب الموظفين” و”استهداف المدنيين والتجمعات السكانية في مأرب بالصواريخ البالستية”.
وأشاد بن مبارك بالقرار الأميركي المتعلق بإضافة عدد من الكيانات والأفراد -الذين يعملون ضمن شبكة تهريب مدعومة من إيران لجمع ملايين الدولارات لصالح الميليشيات الحوثية- إلى قائمة العقوبات، وتأكيده على أن السبيل الوحيد للوصول إلى السلام الدائم والشامل يتمثل في وقف التدخل الإيراني ولجم عدوان الميليشيا الحوثية على الشعب اليمني.
وتأتي زيارة المبعوثين الأممي والأميركي إلى الرياض في أعقاب حراك دبلوماسي دولي وإقليمي نشط خلال الفترة الماضية تكلل بزيارة وفد من المكتب السلطاني العماني إلى صنعاء واللقاء بقيادات الجماعة الحوثية -بمن في ذلك زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط- بهدف إقناع الحوثيين بقبول الصيغة النهائية لخطة وقف إطلاق النار.
وكانت مصادر خاصة كشفت لـ”العرب” في وقت سابق عن مغادرة الوفد العماني صنعاء دون إحراز أي تقدم نتيجة رفض الحوثيين القبول بالخطة الأممية كحزمة واحدة وإصرارهم على المضي قدما في ترتيبات فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وترحيل ملف وقف إطلاق النار -بما في ذلك الهجوم العسكري على مأرب والهجمات على الأراضي السعودية- إلى مرحلة لاحقة.
وتبرز مأرب كقضية محورية في خارطة الصراع الحالي في اليمن، حيث يبدي الحوثيون إصرارا لافتا على استكمال خطتهم لاجتياح المدينة متجاهلين كل الدعوات الدولية والأممية لوقف الهجمات العنيفة على المدينة التي تسببت في سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، جراء تكثيف الميليشيات الحوثية هجماتها الصاروخية على أحياء من المدينة المكتظة بالنازحين والتي كان آخرها إطلاق صاروخ بالستي مساء الأربعاء.
ويشير مراقبون إلى أن انعدام حالة التوازن بين حسابات الربح والخسارة الحوثية في هذه المرحلة هو أحد أبرز عوامل فشل الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في اليمن، حيث لا يزال المتمردون الحوثيون يفضلون الانحياز إلى خيار تحقيق المزيد من المكاسب على الأرض في ظل حالة الارتباك الدولي وعدم وجود خسائر محتملة قد تنتج بسبب تجاهلهم للضغوط والدعوات الدولية التي يغلب عليها الطابع الدبلوماسي.
ويؤكد خبراء في الشأن اليمني نشوء حالة تحول في الموقفين الأميركي والأوروبي إزاء الملف اليمني خلال الفترة القليلة الماضية، عكستها التصريحات التي يغلب عليها طابع الإحباط والتلويح بممارسة ضغوط إضافية على الحوثيين نتيجة رفضهم الانصياع لخيارات السلام المطروحة.
ويرجح الخبراء تبلور موقف دولي من الحوثيين أكثر صرامة، ولكن في مدى زمني طويل نسبيا وهو الأمر الذي يراهن الحوثيون على استغلاله لتحقيق أهدافهم العسكرية على الأرض قبل القبول بصيغة لوقف إطلاق النار تكرس سياسة الأمر الواقع التي فرضوها خلال السنوات الماضية، قبل التحول إلى مرحلة جديدة من المراوغة السياسية والتوقيع على الاتفاقات وعدم الالتزام ببنودها.
وأشار الباحث السياسي اليمني عبدالوهاب بحيبح إلى أن الحوثي حركة مؤدلجة تنظر إلى السلام من زاوية استسلام الخصم، خصوصا أنها تسيطر على المناطق الإستراتيجية في شمال اليمن وأهمها صنعاء والحديدة.
ونوه بحيبح في تصريح لـ”العرب” إلى إمكانية خضوع الميليشيا الحوثية للضغوط الدولية واحتمال انخراطها في مفاوضات لكن وفقا للهدف الذي ترسمه لنفسها وبما يحقق التصور السياسي الكامل لشكل نفوذها، وهي المعضلة التي لا يمكن تحقيقها عمليا عبر أي حوار شاركت فيه الجماعة ثم لم تف ببنوده.
وأضاف “القضية هنا معقدة جدا، فالحوثي ينظر إلى نفسه على أنه يتحدث من منطلق ديني وليس سياسيا، حيث يقدم نفسه كحاكم وفقا لنص ديني مقدس، وهي الفكرة التي تنسف عملية السلام في جوهرها، إذ لا يمكن أن يقبل صاحب هذا الفكر الاستعلائي بأي سلام أو تعايش”.
وتابع “تحقيق السلام الدائم لن ينجح ما لم تكن هناك قوة عسكرية من قبل الشرعية تفرض سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء والحديدة وتكسر شوكة الحوثي في تلك البقعة الجغرافية الهامة، والقوة هنا هي عمود السلام الدائم وهي من ستجبر الحوثي على الانصياع”.
المصدر : العرب اللندنية