كريتر نت – العرب
تخطى القضاء التونسي جدار الخوف وشرع في فتح ملفات أكبر الأحزاب التونسية، حركة النهضة الإسلامية. وبعد تحريك قضية سابقة بشأن شبهات تمويل أجنبي خلال الانتخابات الأخيرة، أعلن مصدر قضائي في تونس الجمعة عن إيقاف أربعة أشخاص ينتمون إلى حزب حركة النهضة من بينهم عضو في مجلس الشورى أعلى هيئة في الحزب، بسبب محاولة القيام بأعمال عنف أمام مقر البرلمان.
وقالت أوساط سياسية تونسية إن فتح تحقيق ضد قيادي في الشورى وحراس شخصيين لراشد الغنوشي يظهر أن القضاء بات يسير على نفس المستوى مع التغييرات التي قادها الرئيس قيس سعيد بشأن تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن النواب.
وأشارت إلى أن القضاء، الذي خضع لضغوط كثيرة في السنوات الأخيرة، أراد أن يثبت أنه قادر على النهوض بمسؤولياته ضد أي جهة مهما كان وزنها طالما وجد مناخا سياسيا داعما لاستقلاليته. وهو أمر متوفر الآن في ظل تصريحات قيس سعيد التي تحث على مقاومة الفساد بقوة، وفي ظل الدعم الشعبي القوي لأي إجراء ضد الأحزاب والكتل السياسية التي كان لها دور في الأزمة الحادة التي تعيشها البلاد.
ويعتقد مراقبون أن فتح ملف الاحتجاج أمام البرلمان ومحاولة اقتحامه من قبل أنصار النهضة فيه رسالة قوية للغنوشي الذي كان حاضرا أثناء الاعتصام ولوّح بتوظيف الشارع لاستعادة “الشرعية”، لافتين إلى أن القضاء يضع نفسه في مستوى التغييرات التي تجري في البلاد، وهو ما يعني أن المرحلة القادمة ستعامل الجميع على قدم المساواة سواء أكانوا سياسيين من الدرجة الأولى أم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم هجوم منسق على القرارات الأخيرة للرئيس سعيد واستهداف داعميه بحملات تحريض.
وكان حزب النهضة وصف إعلان الرئيس قيس سعيد يوم الأحد بأنه “انقلاب”، ونفذ اعتصاما خارج البرلمان في ساعة مبكرة من صباح يوم الاثنين تبادل خلاله أعضاء الحزب وأنصار الرئيس الرشق بالحجارة والزجاجات.
كما أدلى قياديون في الحركة -من بينهم راشد الغنوشي- بتصريحات لوسائل إعلام أجنبية مختلفة لوّحوا فيها باللجوء إلى الشارع والاعتصامات.
وكشف مصدر قضائي لوكالة “تونس أفريقيا للأنباء” أن من بين الموقوفين شخص ينتمي إلى طاقم التشريفات (البروتوكول) التابع لرئيس الحركة ورئيس البرلمان، الغنوشي، وثالث كان حارسه الشخصي سابقا.
وبحسب المصدر نفسه خضع الأربعة للتحقيق أمام القضاء بسبب محاولة “القيام بأعمال عنف أمام البرلمان عقب إعلان الرئيس عن التدابير الاستثنائية مساء الأحد الماضي ومن بينها تجميد كامل اختصاصات البرلمان وتوليه السلطة التنفيذية وإصدار الأوامر والمراسيم”.
ونقلت الوكالة عن المصدر نفسه أن فرقة مكافحة الإجرام كانت تلقت شكايات تفيد بمحاولة هذه العناصر الأربعة القيام بأعمال عنف عن طريق الاتصال بأشخاص من حي شعبي مجاور لمقر البرلمان للتزود بعصي والقيام بأعمال عنف يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين.
وكان الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي ونائب وكيل الجمهورية محسن الدالي قد كشف منذ أيام عن فتح تحقيق ضد ثلاثة أحزاب، من بينها حركة النهضة، للاشتباه بحصولها على تمويلات أجنبية للحملة الانتخابية وقبول تمويلات مجهولة المصدر، طبقا لأحكام القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والقانون المتعلق بالأحزاب السياسية.
وينتظر أن يستفيد القضاء من قرار الرئيس سعيد رفع الحصانة عن نواب البرلمان لتوجيه تهم إلى عدد منهم كانت رفعت في حقهم دعاوى قضائية منها ما تعلق بملفات فساد ومنها ما تعلق بقضايا تجريح ضد شخصيات بارزة من بينها الرئيس سعيد.
وقالت زوجة النائب بالبرلمان التونسي ياسين العياري إن قوات أمن اعتقلت زوجها الجمعة.
وقال أمين الجمل، الذي يشغل خطة مساعد برلماني للعياري رئيس حركة “أمل وعمل”، إنه جرى اعتقاله من مقر سكنه دون أي أسباب معلومة. وحوكم العياري مرتين أمام محاكم عسكرية عامي 2015 و2016 بتهمة إهانة الجيش، وسجن أربعة أشهر ونصف الشهر.
وكانت النيابة العامة رفعت قضيتين ضد العياري بعد فوزه بمقعد برلماني كمرشح مستقل في ديسمبر 2017 معوضا برلمانيا آخر قبل أن يفوز مجددا بمقعد في انتخابات 2019.
وكان العياري قد وجه سابقا انتقادات متكررة للرئيس سعيد واتهمه بتنفيذ انقلاب عسكري، بعد أن أقال قيس سعيد يوم الأحد رئيس الوزراء هشام المشيشي وجمد عمل البرلمان لمدة شهر وقال إنه يتولى السلطة التنفيذية.