كريتر نت – العرب
بدأت ممانعة جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن بدعم من إيران لجهود السلام ورفضها لمختلف المبادرات التي عُرضت عليها يفرزان قناعة عامة لدى مختلف الأطراف المعنية بالملف اليمني وعلى رأسها المملكة العربية السعودية باستحالة إيجاد مخرج سلمي للصراع الدامي في اليمن، الأمر الذي يثير الأسئلة بشأن بدائل الرياض وإن كانت ستعيد تفعيل الرهان على الحلّ العسكري رغم ما يطرحه من إشكالات.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إنّه “بات واضحا أن الحوثيين يفضلون الحل العسكري في اليمن”.
وذكّر خلال مشاركته في “منتدى أسبن” عبر الإنترنت بأن بلاده طرحت مبادرة لحل أزمة اليمن وعرضت تسوية لوقف إطلاق النار لكن الحوثيين لم يقبلوا.
وتعليقا على كلام الأمير فيصل بن فرحان، قال مستشار وزير الإعلام رئيس رابطة الإعلاميين اليمنيين فهد طالب الشرفي إنّه يتضمّن تلميحا إلى سحب المملكة للخيار السياسي في اليمن.
واعتبر في تغريدة على تويتر أنّ “هذا التصريح مهم جدا، والأهم منه مدى جاهزية الشرعية وكل الأطراف والقوى اليمنية لخيار عسكري”، مؤكّدا قوله “نعلم جميعا أن الخيار العسكري هو السبيل الوحيد للخلاص من هذا المشروع الإرهابي”، في إشارة إلى مشروع جماعة الحوثي المصنّفة ضمن أذرع إيران في المنطقة وأدواتها للتمدّد فيها.
وتضمّن كلام المسؤول اليمني إشارة إلى إحدى أهمّ الصعوبات التي واجهت السعودية في جهودها لإنهاء تمرّد الحوثيين بقوة السلاح، وهي عدم وجود طرف داخلي وازن ومتماسك يمكن التعويل عليه في ذلك. فرغم ما قدّمته المملكة من دعم سخي ومتنوّع سياسي ومادي للشرعية بالإضافة إلى دعمها العسكري لها عن طريق التحالف الذي تقوده، إلاّ أن الشرعية بقيادة الرئيس عبدربّه منصور هادي عجزت عن الحفاظ على تماسكها الداخلي وضمان التناغم بين مكوّناتها وتوجيه قدرات مختلف تلك المكوّنات نحو الهدف الأساسي والأصلي وهو مواجهة الحوثيين.
وخلال الأشهر الماضية أظهرت السعودية مرونة كبيرة إزاء جماعة الحوثي وعرضت عليها وقفا لإطلاق النار مرفوقا بتسهيلات لتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية مثل إعادة فتح مطار صنعاء وتخفيف القيود على دخول المواد الأساسية إلى مناطق المتمرّدين.
ورغم دخول سلطنة عمان ذات العلاقة الجيدة بالحوثيين وداعمتهم إيران على خطّ جهود الوساطة ومحاولات إقناع هؤلاء بقبول المبادردة السعودية والانخراط في عملية سلمية تنهي حالة الحرب المتواصلة في اليمن منذ نحو سبع سنوات، إلاّ أن هؤلاء أبدوا تصلّبا في مواقفهم اعتبره متابعون للشأن اليمني صدى لموقف إيران التي تقتضي مصلحتها استمرار الصراع في اليمن لإثقال كاهل غريمتها المملكة العربية السعودية بتبعاته.
وعلى صعيد ميداني تظهر حالة المدّ والجزر في جبهات القتال بين الحوثيين والقوات المحسوبة على الشرعية اليمنية من جيش وفصائل مساندة لاسيما في في محافظتي البيضاء ومأرب، ضعف الرهان على حسم عسكري للصراع دون أن يكون هناك حلّ سياسي في الأفق الأمر الذي يجعل من الملف اليمني بمثابة معضلة ومن الأوضاع الإنسانية في اليمن مأساة مزمنة بلا نهاية وشيكة.
وفي غياب الضغوط الفعلية على الحوثيين يبدو هؤلاء مرتاحين للوضع السياسي والعسكري القائم، معتبرين أن الضغوط مسلّطة على خصومهم المحليين والإقليميين، الأمر الذي يدفعهم إلى التمادي في المناورة وربح الوقت واللعب على المتغيّرات في داخل اليمن وخارجه.
وعلى الطرف الآخر ما تزال الشرعية اليمنية غارقة في صراعاتها الداخلية وفي تضارب الأجندات داخلها، حيث تعمل جماعة الإخوان الممثلة داخل الشرعية بحزب التجمّع اليمني للإصلاح على تنفيذ أجندة خاصّة بها تقوم بدل العمل على استعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في شمال اليمن وغربه، على الاستيلاء على مناطق استراتيجية في جنوب البلاد الأمر الذي وضع الشرعية في مواجهة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها السعودية لفض الاشتباك بينهما عن طريق اتّفاق الرياض الذي ما يزال يواجه صعوبات في استكمال تنفيذ بنوده وخصوصا ما يتعلّق منها بالأوضاع الأمنية والعسكرية في عدن وعدد من مناطق الجنوب.