كتب : محمد الثريا
هل تعلم ماهي أخر نقاط الخلاف في مباحثات فيينا بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت الأميركية؟
يطلب الإيرانيون أن لايسمح بأي إنسحاب من الإتفاق الموقع مع واشنطن هذه المرة إلا عبر بوابة الأمم المتحدة، وهو ما ترفضه إدارة بايدن بشدة .
إذ لاتقبل واشنطن تاريخيا أي سلطة على الإتفاقات والمعاهدات المبرمة من قبلها غير سلطة وزارة الخارجية خاصتها وفي بعض المعاهدات يسمح بسلطة وموافقة الكونجرس، وهو الأمر الذي يتيح لأي إدارة أميركية قادمة إمكانية الإستمرار أو الإنسحاب من الإتفاقات المبرمة عبر وزارة خارجيتها وقرار الرئيس فقط .
حدث هذا مع إدارة ترمب الجمهورية التي انسحبت من الاتفاق النووي الموقع بين سلفها أدارة أوباما الديمقراطية وطهران الى جانب كبار أوروبا، ولأن الطرف الاميركي المغادر هو الطرف المؤثر أصبح الإتفاق حينها غير ذي قيمة رغم إعلان الأوروبيين يومذاك إستمرارهم ومحاولة الابقاء عليه .
وإنسدادا عند هذه النقطة في مباحثات فيينا اليوم ، فإنه من المرجح أن تلجئ الأطراف المتحاورة هناك إلى محاولة تحريك أوراق ضغط إقليمية عدة، ما يعني إحتمالية أن نرى متغيرات طارئة فضلا عن توقف محتمل لجهود التقارب في بعض ملفات المنطقة .
وعموما، إذا لم يتم التوصل إلى حل لذلك الخلاف فقد لاتمثل جميع المعطيات والتطورات المستجدة مؤخرا في ملف اليمن شيئا أمام ما قد يحدثه إستمرار خلاف فيينا .
مرة أخرى دعنا نؤكد على مرتكز التحول المفترض وهي مصير مباحثات فيينا المتعثرة وإحتمالية أن يقود إستمرار الخلاف هناك نحو اللجؤ إلى تحريك أوراق ضغط إقليمية، وبالتالي رفع مستوى التوتر أكثر في منطقة الشرق الأوسط وعودة الحديث مجددا عن صراع محاور واسع ومتعدد تنتظره المنطقة الإستراتيجية الأهم في العالم .
إذ، وعلى الرغم اليوم من إستمرار نفي إيران صلتها بالهجوم الذي إستهدف السفينة البريطانية مؤخرا إلا أن واشنطن وحلفائها لازالوا يصرون على علاقة طهران بالأمر، حتى أنه دعي حينها إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بهدف مناقشة تداعيات ذلك الهجوم، وفعلا عقدت تلك الجلسة أمس الإثنين تحت عنوان مؤتمر حماية الممرات البحرية ..
إليك جزء من بيان وزراء خارجية مجموعة السبع وما يعكسه البيان هنا من رغبة ملحة تبرز لدى دول المجموعة في تحميل إيران مسؤولية الهجوم وتبعاته :
( تعرضت سفينة تجارية للهجوم قبالة سواحل عمان في 29 يوليو .
يدين وزراء خارجية مجموعة السبع هذا الهجوم غير القانوني الذي لقي جراءه مواطنان بريطانيان ورومانيان مصرعهما،..إنه هجوم متعمد وموجه ويمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي .
تشير جميع الأدلة المتاحة بوضوح إلى إيران، لايوجد أي مبرر لهذا الهجوم ) ..
وبالعودة لجلسة مجلس الأمن أمس تجدر الإشارة هنا تقديم روسيا طلبا يقضي بالسماح لها في حماية مياة الخليج والاطلسي وذلك من خلال تشكيلها هيئة أمنية بحرية تتولى مهمة تأمين ممرات الملاحة البحرية وحمايتها من القرصنة .
نظريا، يبدو أن الكل على إستعداد تام للحفاظ على مصالحه ولديه ما يلزم من أوراق الضغط المؤثرة لتحريكها وقت الحاجة، لتبقى مسألة ترجمة ذلك عمليا ونقطة التحرك واقعا هي المنعطف الحقيقي
في تعيين القدرات والمواقف وأيضا في تحديد طبيعة المرحلة القادمة من صراع المصالح والتحالفات المتشكلة على إثرها بالمنطقة ..
خليج عمان وسواحل اليمن لم تكن خيارا عبثيا البتة، وعما قريب قد تصبح مبادرة السلام السعودية باليمن خيارا إضطراريا وتحديدا لدى الحوثيين حينما يدرك قيادات الجماعة أنهم الطرف المعني والأكثر تضررا من تفعيل ورقة الأمن البحري، وربما يفسر هذا معنى توجيه الحوثيين لدعوتي سلام في أقل من أسبوع !!
بالتأكيد تأمل طهران وحلفائها بالمنطقة قبول مجلس الأمن طلب موسكو، إذ سيمثل ذلك حقا طوق نجاة إيران ووسيلة إنقاذها المنتظرة من كماشة الورقة الجديدة، غير أن واشنطن هي الأخرى وحلفائها هناك قطعا ليسوا بصدد السماح بتفويت تلك الفرصة خاصة وأن خيارات الإدارة الأميركية فيما يتعلق بملف المفاوضات مع طهران وكيفية إقناعها بضرورة العودة إلى الإتفاق النووي باتت محدودة جدا، فهل تضطر إيران هربا من ضغط تلك الورقة إلى الرضوخ ورمي ورقة السلام باليمن على طاولة واشنطن سيما مع ارتفاع حدة التصريحات الأميركية مؤخرا تجاه الحوثيين وتحميلهم مسؤولية استمرار القتال وعرقلة السلام باليمن؟