كتب – د.يوسف سعيد احمد
من بين اهم الاولويات والتحديات التي يتعين حلها من قبل الدولة من اجل ضمان اصلاح الموازنة العامة والاستخدام الاكفء للموارد والحد من الفساد تبرز للواجهة الاهمية التي تمثلها اصلاح قوائم القوات المسلحة والمؤسسات الامنية.نقول ذلك لان اكبر الفساد على الاطلاق يتواجد داخل الجيش والمؤسسات الامنية الذي اصبح يشكل ظاهرة لها آثارها الاقتصادية والاجتماعبة باعتراف الجهات لرسمية ومعروفه لدى القاصي والداني .
وحتى اوضح اولوية و خطورة واهمية اصلاح القوات المسلحة والامن دعوني ابين حجم الانفاق على القوات المسلحة والمؤسسات الامنية الذي يتم بصورة رواتب وتلك المتعلقة بالتغذية حيث تشكل النفقات العامة على هاتين المؤسستين مانسبتة ٦٠% من اجمالي الانفاق العام الجاري الذي تتحملة الموزانة العامة للدولة.
هذا الانفاق ياخذ شكل الرواتب والغذاء كما اسلفنا لكن لماذا هذه النسبة الكبيرة والضخمة من الانفاق الجاري تستحوذ عليه القوات المسلحة والامن !
يحدث هذا لان قوائم القوات المسلحة تحتوي على اعداد وهمية ربما يبلغ مانسبتة ٧٠ % من القوة كما صرح به وزير الدفاع ذات مرة ، وهذا يعني ان القوة الفعلية في القوات المسلحة لاتشكل إلا مانسبتة ٣٠% فقط . هذا الوضع لا اعتقد انه موجود حتى عند المقارنة مع اي بلد آخر يعيش حالة حرب وتستحوذ على الموارد فئات طفيليه فاسدة حيث توجه هذا الفائض الذي يستخدم في غسل الاموال و لبناء القصور وشراء العقار في الخارج .
ولذلك من وجهة نظر اقتصادية ليس من المبالغة القول انه لو قامت الدولة باجراء اصلاحات حقيقية في القوات المسلحة والمؤسسات الامنية كاولوية لامكنها الاستغناء عن استحداث اي زيادة ضريبية او جمركية ولحققت وفرا سنويا في موارد الموازنة العامة للدولة.
ومن هذا المنطلق اصبحت رواتب المؤسسات العسكرية تثقل كاهل الموازنة العامة الى الحد انه صار من الصعوبة بمكان صرف رواتب القوات المسلحة بانتظام. بالنظر الى الاثار والضغوط التضخمية التي ستتولد وناجمة عن الحجم الضخم التي تستحوذ عليه الرواتب.
ان لم يجري تنقية كشوفات القوات المسلحة من الاسماء المزدوجة والوهمية. ولذلك يشكل اجراء الاصلاحات الحقيقية في هاتين المؤسستين العسكريتين اولوية قصوى تفوق من حيث الاهمية اية اصلاحات اخرى. لكن لماذا لايتم صرف رواتب القوات المسلحة بانتظام ؟
السبب الرئيس واضح و هو وجود هذا الكم الهائل من الاسماء المكررة والمزدوجة والوهمية والذين لايوجد لهم تواجد فعلي داخل قوام القوات المسلحة. الى الحد انه اصبح من شبه المستحيل صرف رواتب هذا الجيش الضخم دون ان يترتب على ذلك آثار اقتصادية واجتماعية سلبية متمثلة في فقدان الريال اليمني لقيمته .
ولهذا يتعين التخلص من هذه الاعداد الوهمية و تنقية كشوفات الجيش والامن من هذه الاسماء. لكن امام هذه المعضلة ترفض الدوائر المالية في القوات المسلحة تسليم كشوفات الفعليين بحيث يستطيع الضباط والجنود استلام رواتبهم بشكل شخصي ومباشر ودون انتقاص.
في الوقت الراهن مايحدث ان قادة هذه القوات يستلمون رواتب الجنود الوهميين والحقيقين وهي ضخمة على اية حال ومباشرة يتم وضعها عند الصرافين وهنا تحدث المضاربة المنفلتة في سوق الصرف .. وتصوروا ان صرف راتب شهر للقوات المسلحة والامن بمبلغ اجمالي يصل الى ٥٠ مليار ريال تقريبا كيف سينعكس ذلك على تدهور سعر الصرف بحيث يبلغ التضخم عنان السماء وتفقد النقود قيمتها خلال ايام فكيف الحال اذا تم صرف راتب ثلاثة اشهر مثلا دفعه واحدة، فمن المؤكد ان الاثر سيكون كارثي على العملة الوطنية .
البعض من الجنود الغلابا فعلا والذين حرموا من استلام رواتبهم لاشهر يحاجج لماذا يتم صرف رواتب القطاع المدني بانتظام فيما يحجم البنك المركزي عن صرف رواتب الجيش!.
السبب واضح ومعلوم وهو ان موظفي الحهاز المدني يقدمون كشوفات واضحة بافراد كل مرفق على حدة وفوق ذلك يستلمون الموظفين رواتبهم بشكل مباشر ودون اي نقص على عكس القوات المسلحة الذي يقومون قادت الوحداث بوضع عشرات المليارات لدى الصرافين وفوق ذلك يسلمون رواتب الجنود ناقصة او مستقطعة. وبدونا نتعاطف مع الجنود والضباط الذين لم يستلمون رواتبهم لاشهر في الوقت الذي يتحمل قادتهم حرمانهم من استلام رواتبهم شهريا وليس البنك المركزي لذلك امام هذه المشكلة نتامل من الدولة التوجية للقوات المسلحة والمؤسسات الامنية الاسراع في تنقية كشوفات الجنود والضباط من الاسماء المزدوجة والوهمية وفي اسرع وقت ممكن. وهنا اذا استطاعت الدولة انجاز مثل هذا العمل النبيل فانه من المؤكد وضع حدا لظاهرة الفساد المستشري في المؤسسات العسكرية والامنية وسيشكل ذلك مدخلا لاصلاح الموازنة العامة للدولة ولعملية الاصلاح الاقتصادي الكلية .