كتب : ماريا معلوف
كلنا يتذكر ما أعلنته الخارجية الأمريكية في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس دونالد ترامب من “تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية أجنبية”.
وأيضا ما لاقاه ذلك القرار من ارتياح شعبي عربي ودولي، إلا أنه وبعد تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة تم التراجع عن هذا القرار، وتم شطب المليشيات الحوثية من اللائحة الأمريكية للإرهاب في السادس عشر من شهر فبراير/شباط من هذا العام، لكن ذلك القرار وللأسف رأت فيه المليشيا دعما لجرائمها عقب خطأ الإدارة الأمريكية الجديدة في رفعها من لائحة الإرهاب.
وفي واشنطن أسمع كثيراً من المطالبات بإعادة النظر في القرار وضرورة مواصلة العمل في أروقة المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب الحوثي.
خلال هذا الأسبوع كان لافتاً للغاية تركيز الصحافة الأمريكية على قضية المطالبة بإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، فقد نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، يوم الاثنين، مقالاً مطوّلاً بقلم رئاسة التحرير، هاجمت فيه سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته، أنتوني بلينكن، تجاه الحوثيين والهجمات الإرهابية، التي يشنّها الحوثي مستهدفاً المدنيين في السعودية وداخل اليمن، حيث حمّل المقال إدارة جو بايدن وسياساتها تجاه الحوثي مسؤولية الهجمات، واعتبرت الصحيفة سياسة “بايدن” ضعيفة للغاية وتشجّع مليشيا “الحوثي” على الاستمرار بانتهاكاتها ضد المدنيين في البلاد ودول الجوار، بل إن الصحيفة تناولت بكثير من التهكم مواقف وزير الخارجية الأمريكي في هذا الشأن، حيث قالت: “بات تنديد أنتوني بلينكن بهجمات الحوثي وحثّه الجماعة على البحث عن حل سلمي أمراً مخزياً ومحرجاً للولايات المتحدة، وفي كل مرة نتساءل: ما الذي ستفعله الإدارة سوى إصدار بيان صحفي جديد إذا ما أقدمت الحوثي على شن هجمات أخرى؟!”.
قال لي بعضهم إن الليبراليين ممن قابلتهم في برامجي، وهم من الذين يديرون وزارة الخارجية الأمريكية، يعتقدون أن تأكيد ضرورة اللجوء إلى الحل الدبلوماسي يكفي للتوصل إلى حل دبلوماسي، ولكن الحوثيين وداعمهم الإيراني يرفضون الحوار والحلول السلمية، خاصة مع وضوح ضعف الإدارة الأمريكية الحالية، كما صرحت عضو مجلس الشيوخ السيناتور مارشال بلاك بيرن، التي كتبت تعليقاً تقول فيه: “إدارة جو بايدن ضعيفة والعالم كله يدرك ذلك”.
مسؤول آخر في الكابيتول أخبرني بأنه منذ شهر مارس/آذار الماضي تتوالى الدعوات في الداخل الأمريكي نحو إعادة تصنيف المليشيات إلى قائمة التنظيمات الإرهابية، حيث طالب تسعة نواب في الكونجرس الأمريكي في رسالة إلى وزير الخارجية، بلينكن، بإعادة تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية، وقالوا في الرسالة التي جمع توقيعاتها النائبان الجمهوريان كلوديا تيني وجو ويلسون، إن كل الشروط متوفرة لتصنيف الحوثيين على قائمة الإرهاب، وأنّ شطب المليشيات المدعومة من إيران من القائمة بدَّد فرص السلام في المنطقة.
اليوم أطمح إلى إجراء حوار مع محلل السياسة الخارجية الأمريكية وكاتب خطابات الرئيس بوش الأب، مايكل جونز، الذي يُجمع المراقبون هنا على أنه الأكثر بين الساسة الأمريكيين دعماً لإعادة تصنيف الحوثي منظمة إرهابية، بل إن التوصيف القانوني لهذا الأمر واضح في كل تصريحات هذا الرجل، حيث يقول “إن مليشيات الحوثي هي بالطبع منظمة إرهابية حسب الأفعال التي ترتكبها، وهي مشاركة في نزاعات عشوائية، وضد حقوق الإنسان في اليمن، وإن اليمنيين والنازحين عانوا كثيراً تحت سيطرة الحوثي، وكثير من الأبرياء جرحى وقتلى من جراء هذه الهجمات والممارسات، وأن حذف مليشيات الحوثي من القائمة قوبل بعمليات اعتقالات وإخفاء قسري لحقوقيين وناشطين، وهجمات قاموا بها وتوسعوا بهدف التوسع العسكري”.
بعد دراسة ما سبق من مواقف يمكنني أن أقول إن ما يمكن استخلاصه من تلك الأمور آنفة الذكر هو ما يلي:
على المنظمات داخل أمريكا أن تزيد جهودها في إظهار الأدلة على تورط إيران في دعم العدوان الحوثي، وهذا سيدعم أي توجه لاحق لإعادة تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية.
على منظمات الداخل الأمريكي الضغط على الكونجرس للطلب من مجلس الأمن استصدار قرار لملاحقة قادة مليشيات الحوثيين، ولا يكفي التلميح، الذي يتم تكراره على الدوام إلى مسؤولية قادة طهران عما يحدث في اليمن، بل تجب الدعوة لتصنيفهم كمطلوبين للعدالة اليمنية وللعدالة الدولية.
وأخيراً يجب أن ينتهي الصمت الأمريكي الرسمي عن جرائم تلك المليشيات، التي دمرت اليمن قرباناً إلى نظام الملالي المجرم.