كتب : خليل موسى
بعد إعادة اعتقاله مع رفيقه الأسير محمد العارضة، في حقول زيتون في منطقة أم الغنم بالقرب من جبل الطور، تحول الأسير المعاد اعتقاله زكريا الزبيدي، القيادي في “كتائب شهداء الأقصى”، الجناح العسكري لحركة فتح، إلى رمز فتحاوي تجمعه بقيادته نقاط عدة ويبتعد عنها في نقاط أخرى.
العلاقة مع عباس
لم تفصل سوى أربع سنوات بين حمل زكريا الزبيدي، محمود عباس، المرشح للانتخابات الرئاسية الفلسطينية آنذاك، في مخيم جنين للاجئين في عام 2005، وبين هجومه على البرنامج السياسي لعباس القائم على حل الدولتين خلال المؤتمر السادس لـ “فتح” في بيت لحم.
وكان عباس يطمح حينها من تلك الزيارة إلى استغلال شعبية مخيم جنين التي اكتسبها من معارك عام 2002 بين الجيش الإسرائيلي و”كتائب شهداء الأقصى” وأدت إلى قتل مئات الفلسطينيين وعشرات الإسرائيليين.
ومع أن عباس استغل “ملحمة مخيم جنين” لحصد أصوات الناخبين، لكن برنامجه السياسي اعتمد على الحل السياسي والمفاوضات، ورفض العمل المسلح، وضبط السلاح بيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
منذ أيام الصبا
ويعود انخراط زكريّا الزبيدي في النضال ضد إسرائيل إلى عام 1988، وهو ابن 12 سنة، حين هدم الجيش الإسرائيلي منزل عائلته، وتُركوا في العراء قبل أن يُصاب في قدمه خلال عودته من مدرسته في مخيم جنين.
واعتقل الجيش الإسرائيلي الزبيدي في عام 1991 قبل أن يُطلق سراحه بعد أربع سنوات بموجب اتفاق أوسلو، وبات يعمل في جهاز الأمن الوقائي.
وفي ظل جنوح الانتفاضة الثانية التي اندلعت في عام 2002 إلى العسكرة، بدأ مسلحون من “فتح” بتشكيل مجموعات مسلحة لمقاومة إسرائيل عُرفت لاحقاً بـ”كتائب شهداء الأقصى”.
واشترك الزبيدي في تأسيس “الكتائب” التي خاضت معركة شرسة مع الجيش الإسرائيلي في شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) من عام 2002.
مأساة عائلية
وبينما سمعَ الزبيدي بخبر وفاة والدته عبر مكبرات صوت مسجد مخيم جنين عام 1992، وهو معقتل في سجن إسرائيلي في جنين، فإن معركة ذلك المخيم منعته من المشاركة في جنازة والدته التي قتلها قناص إسرائيلي خلال المعارك، إضافة إلى تغيبه عن جنازة شقيقه. وتمكن الأسير المعاد اعتقاله من النجاة من سبع محاولات إسرائيلية لاغتياله.
وبعد توقف تلك المعارك، حصل الزبيدي مع المئات من رفاقه على عفو إسرائيلي عام 2007، قبل أن تسحبه تل أبيب منه في عام 2011.
من جهة أخرى، اعتقل الأمن الفلسطيني الزبيدي عام 2012 بتهمة المشاركة في إطلاق نار على منزل محافظ جنين قدورة موسى، تسبب في إصابة الأخير بنوبة قلبية أدت إلى وفاته.
كما لجأ الزبيدي إلى مقر الأمن الوقائي في رام الله بعد سحب إسرائيل العفو منه، حيث بدأ في الدراسة للحصول على درجة الماجستير.
وفي عام 2109، اعتقل الجيش الإسرائيلي الزبيدي الذي كان قد أصبح عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح، من رام الله بعد اتهامه بإطلاق نار على مستوطنة بيت إيل الإسرائيلية.
جانب فني
وأسس الزبيدي “مسرح الحرية” الفني في مخيم جنين بالتعاون مع المخرج الفلسطيني جوليانو خميس، وذلك بعد عقود على مشاركته في “مسرح الحجر” الذي أسسته المخرجة الإسرائيلية آرنا خلال الانتفاضة الأولى. وقال في عام 2016 خلال حوار مع إذاعة صوت فلسطين الرسمية إن “وقف العمل العسكري جاء لأن بندقية كتائب شهداء الأقصى ضاعت بين غابة البنادق والفلتان الأمني والمشاكل الداخلية”، شاكياً من “عدم وجود برنامج نضالي فلسطيني يوصل إلى الحرية”.
نقاط الاختلاف
على صعيد آخر، تحدث جمال حويل عضو المجلس الثوري لحركة فتح، صديق الزبيدي، عن علاقة الأخير برئيس السلطة الفلسطينية، فقال إن “علاقة ودية تجمع الزبيدي والرئيس عباس، لكنهما يختلفان في طريقة التعامل مع إسرائيل، وفي إمكانية إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967″، مشيراً إلى أن “إسرائيل دمرت حل الدولتين، ويجب الضغط عليها بالقوة لتحقيق حرية الشعب الفلسطيني وعدم استجداء السلام معها”.
وأشار حويل إلى أن “الزبيدي أعطى فرصة للبرنامج السياسي السلمي للرئيس عباس، لكنه فشل بسبب رفض إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية”.
ودعا حويل، المحسوب على تيار القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، إلى “انطلاقة جديدة للحركة يقودها البرغوثي والزبيدي”، مشيراً إلى أن “فتح ستخسر إن لم تعد القطار إلى سكته الأصلية، وتتخلى عن نهج الاستكانة للوضع الحالي”.
أندبندنت عربية