كتب : د.يوسف سعيد احمد
عندما يقال ان البنك المركزي هو بنك الدولة فلا يجب ان يفهم ان البنك المركزي هو بنك الحكومة فشتان بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة ياحكومة ! وبالتالي لا يحق لمجلس الوزراء ان يطالب البنك المركزي ان يرفع تقارير لمجلس الوزراء حول تنفيذ قرارة بشان منع التعاقدات المحلية بالعملة الاجنبية مع العلم ان هذا القرار يندرج ضمن اختصاصات البنك المركزي .وكان يجب ان يصدرة البنك المركزي لان استخدام الريال اليمني في كل المعاملات المحلية يرفع من الدور السيادي للعملة داخل حدود الوطن ويعظم من احترامها .
غير ان الحكومة هرولت واصدرت القرار . ومع ذلك فإن الاهم ان القرارات التي تصدر يجب ان يتوفر لها شروط وظروف التنفيذ ونضع لها الاليات المناسبة لضمان تطبيقها على ارض الواقع وليس اصدارها فقط بدون تنفيذ .وقرار منع التعاقدات التجارية والمالية المحلية بالعملات الاجنبية قرار صائب من الناحية النظرية والاقتصادية لانه لايجوز ان تكون الايجارات وشراء العقارات بالعملات الاجنبية داخل اليمن .
الا ان فقدان العملة الوطنية لقوتها الشرائية واستمرار تدهور سعر الصرف مع صعوبة تنبؤ اصحاب عوامل الانتاج بالمستقبل هذا الوضع دفع المتعاملين والمتعاقدين باعتماد العملة الاجنبية في معاملاتهم التعاقدية المحلية بيعا وشراء.
ولهذا يجب اولا تعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية وجعلها عملة محترمة وقوية فقوة الدول من قوة من قوة عملتها. قبل ان نمنع التعاقد بالعملات الاجنبية .ومعروف انه مع انهيار اسعار الصرف في اي بلد يلجىء الناس الى ادخار الاصول وشراء العقارات والتعامل بالعملات الاجنبية للحفاظ على اموالهم .
وهذا حاصل في البلدان التي شهدت انهيارا في اسعار صرف عملاتها الوطنية محاولة من البنك المركزي لوقف انحدار سعر الصرف في سياق منظمونة من الاجراءات تعتبر ضرورية وقد تاخرت كنتيجة لغياب المستوى المقبول من الاستقرار السياسي والامني في الفترة السابقة ؛ وهذا شيء مفهوم لكن الاهم ان يتم التاكد من ان هذه القرارات والتوجيهات التي يصدرها البنك المركزي والحكومة تجد طريقها للتنفيذ على ارض الواقع .
الجديد اليوم ان هناك مؤازرة ودعم للقرارات والاجراءات التي يتخذها البنك المركزي من قبل حكومة المناصفة وهذا الشرط لم يكن متوفرا في السابق وحتما هذه البيئة الداعمة ستترك اثرا ايجابيا .
لكن هذه القرارات بمافيها اجراءات الحكومة لن تؤدي الى استقرار سعر الصرف عند المستوى المقبول اقتصاديا لاسباب اقتصادية ايضا كما يؤمل.
ومع ذلك ليكن هدف الاجراءات المالية والنقدية وقف الانهيار وهذا الهدف ان تحقق يعد شيئا رائعا وعظيما .
لكن السبب ان الازمة التي تاخذ عنوان سعر الصرف كنعوان عريض لها هي ازمة اقتصادية مركبة بنيويه تتحدد في طبيعة الهيكل الاقتصادي غير المتنوع يعتمد على مصدر وحيد التي تجنية الدولة من صادرات النفط ؛ ومع استمرار الحرب تعمقت الاختلالات الاقتصاددية بعد ان اصبح اليمن مستورد صافي للنفط .
والكل يعرف ان موارد النفط كانت تمثل ثلث الناتج المحلي الاجمالي ونحو ٧٠% من الموارد العامة و٩٥ % من قيمة الصادرات.
واليوم نحن امام مشكلة بعد ان اعتمدت الدولة خلال الثلاث السنوات الماضية في غياب هذه الموارد او لعدم تحصيلها وان في الحدود الممكنة ياتي ذلك في سياق المشاكل التي جابهة حكومة الشرعية ؛ والتي اعتمدت على الاصدار التضخمي للعمله” طبع النقود ” وهو الطريق السهل الذي اختارتة الحكومة لصرف رواتب موظفيها .
هل اجراءات الحكومة والبنك المركزي ستحقق اهدافها ؟
مع ارتفاع طلب السوق الحقيقي وغير الحقيقي على الدولار والريال السعودي وندرة المعروض من العملات الخارجية القابلة للتحويل فإن الاجراءات التي تهدف الى وقف المضاربة وضبط نشاط المصرافين وغيرها من الاجراءات المكملة التي تستهدف وقف تدهو سعر الصرف وما تتخذة الحكومة لاستغلال الموارد العامة المتاحة فأن من الاهمية بمكان ان يتم ذلك في سياق من التنسيق والتناغم بين السياسة المالية والسياسة النقدية ؛ و لكن بعيدا عن التنافس او التعجل فالقرارات يجب ان تكون مدروسة بعناياة في نطاق تحديد الاولويات .
في هذه الظروف و بدون وجود مصادر خارجية حقيقية لدعم احتياطيات البنك المركزي وايضا تجديد الوديعة السعودية بدون ذلك فالاجراءات المحلية المالية والنقدية وغيرها من الاجراءات لن تكون كافية ربما للسيطرة على التضخم وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية وهذا ليس تشائما ولا خذلانا للاجراءات والقرارات الحثيثة التي تتم ولكن ببساطة لان المعروض النقدي يزيد بشكل كبير جدا ممايسمح به حاجات الاقتصاد واكبر من الموارد العامة المتوقعة ولذلك على رغم كل القرارات التي تتخذها الحكومة والبنك المركزي فإن تعزيز الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي من خلال العون المالي السعودي يشكل شرطا لاعادة السيطرة على انهيار العملة واعادة استقرار سعر الصرف .