بقلم / خديجة الكاف
بداية الف ميل خطوة وبدء المرأة بالدراسات العليا يكسبها عدة خطوات لكي تصل الى كافة المراكز في صنع القرار ، لكون التعليم يلعب دورًا أساسيًّا في تحسين الجانب النفسيّ للمرأة؛ وذلك من خلال تعزيز ثقتها بنفسها، وتمكينها من اتّخاذ القرارات الصحيحة، والتّخفيف من التبعيّة للغير، إذ يزيد من قدرتها على الدّفاع عن نفسها ضدّ اي تمييز أو اعتداء أو عنف، وخاصّة في حال كانت تعيش ضمن نطاق مجتمعات ذكوريّة، يُهيمن عليها التسلُّط ضدّ النّساء.
وفي تقرير نشر في الموقع المركز اليمني للسياسات بعنوان التعليم العالي هو الطريق نحو تمكين المرأة في اليمن يشير الى غياب مشاركة المرأة في السياسة هو نتيجة لتأثير الوضع الاجتماعي للمرأة في اليمن، لا سيما داخل المجتمعات القبلية تعزز الأعراف الدينية والاجتماعية والثقافية والجندرية بعضها البعض وتؤثر سلبًا على إمكانية متابعة الإناث للدراسة في مساق التعليم العالي، مما يساهم بشكل مباشر في عدم مشاركة المرأة في أدوار خارج المنزل، بما في ذلك المشاركة السياسية وهذه الأعراف الاجتماعية والثقافية المحافظة ترسخت في المجتمع طيلة عقود، غير أن التعليم الجامعي هو الكفيل بتفكيك هذه الأغلال التقليدية فالنساء الحاصلات على التعليم الجامعي قادرات على المشاركة ضمن القوى العاملة والحياة السياسية، لكن بالنسبة لأولئك النساء المحرومات من الحق في التعليم، فإنهن محصورات في أدوار محددة مسبقًا داخل المجتمع.
عندما نتحدث عن دور المرأة الجنوبية بشكل خاص والمرأة في بلادنا بشكل عام فإنها قد لعبت ادوار مهمة خلال مسيرتها في مراكز صنع القرار وان كان لها تمثيل بسيط منها المجالس المحلية وفي الحكومة السابقة كانت هناك وزيرتين وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الشؤون القانونية وكانت هذه النسبة لا تلبي حصة النساء البالغة 30٪ المتفق عليها خلال مؤتمر الحوار الوطني. .
وخلال الفترة الاخيرة لاحظنا استبعاد سياسيا كبيرا للنساء من حكومة المناصفة التي تم الاتفاق تشكيلها ضمن اليات اتفاق الرياض رعته السعودية لأكثر من عام وتم الاعلان عن حكومة جديدة التي تم تشكيلها مناصفة بين الشمال والجنوب والمعترف بها دوليا ولمجلس وزراء جديد أعضاؤه من الرجال فقط، وتلك سابقة لم تحدث منذ 20 عاما .
الاطراف السياسية المتواجدة على ارض الواقع تستخدم منهج تقييد قدرة المرأة على المشاركة في الفضاء العام مما جعل المشاورات بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي الاتفاق على استبعاد المرأة نهائيا من المشهد السياسي الراهن حيث تم تشكيل بنص إعلان الحكومة، على منح المحافظات الشمالية (12) حقيبة وزارية، بينها الدفاع، كما حصل الجنوب على (12) حقيبة، من بينها (5) حقائب للمجلس الانتقالي الجنوبي .
ويذكر في التقرير معوقات التعليم العالي في اليمن بسبب اعراف النوع الاجتماعي لكون المرأة في المجتمعات الإنسانية مختلفة، هو تحدٍ في حد ذاته غير أن بلادنا تظهر بوصفها مثالا متطرفا على ذلك التحدي وبما إن مجتمعنا يهيمن عليه الذكور، وللتقاليد القبلية والدينية فيه تأثير كبير على أفراده، فإن النساء يُنشّأن فيه على أن يؤدين أدوارًا محددة في الحياة زوجات وأمهات وتُعطى هذه الأدوار المحددة مسبقًا أولوية، بينما يظل التعليم والترقيّ الوظيفي غير ضروريين في نظر الأغلبية .
ومن ناحية التعليم العالي يميل الأهل في الغالب إلى الاستثمار في تعليم الأبناء وليس الإناث، للاعتقادهم أنْ الابناء يعيلوا أسرهم في مراحل لاحقة من الحياة وفضلا عن ذلك، فالنساء لا يمكن أن يكنَ مستقلات في الحياة اليومية، لأن الذكور الأقارب هم من يشكلّون حياتهم اجتماعياً ومالياً ، فالعديد من النساء لا يستطعن الخروج من المنزل أو التقدم للحصول على وظيفة أو حتى زيارة أسرهن الممتدة دون إذن من الذكور في الأسرة.
العائق الرئيسي أمام التعليم بالنسبة للمرأة هو وصولها سن البلوغ ،حيث تتمتع الفتيات الأصغر سنًا بمعدل تحصيل تعليمي مرتفع نسبيا، ولكن هذا المعدل ينخفض بشكل كبير عند اقترابه من سن البلوغ ففي هذه المرحلة من العمر يجبر معظم الآباء بناتهم على ارتداء الحجاب، ويشرعون في مراقبة تفاعل بناتهم مع الجنس الآخر كما تقل حرياتهن تدريجياً ، ويرجع ذلك إلى أن أية احتمالية لنشاط جنسي خارج الزواج ستؤدي، ضمن هذه النظرة، إلى تدمير المكانة الاجتماعية للبنت علاوة على ذلك، فإن حقيقة كون العديد من المدارس بيئات مختلطة بين الجنسين، تؤدي إلى أن يقرر الآباء أنه من الأكثر أمانًا لبناتهم أن يتركن المدرسة، لتجنب أي احتمال للتفاعل مع الجنس الآخر ، كما انه ذكر في التقرير بيانات من العام 2016 إلى هذا الواقع، فعدد الفتيات الملتحقات بالمدارس الابتدائية يقرب من 90 بالمائة، غير أن أعدادهن تنخفض في المدارس الثانوية إلى ما نسبته أكثر بقليل من 40 بالمائة والقليلات اللواتي يواصلن الدراسة هن في الغالب ممن أتيح لهن الوصول إلى مدراس غير مختلطة خاصة بالبنات، وهي قليلة وقد تكون بعيدة من حيث المسافة، ويتضاءل عدد هؤلاء عند الوصول إلى مراحل التعليم العالي أو في المناطق الريفية.
وأوكد على أهمية التعليم العالي التي تتيح للمرأة المشاركة السياسية على الرغم من أن عدد الجامعات كثيرة في بلادنا .. كما ذكر في التقرير أن التحاق النساء بالتعليم الجامعي لا يزال منخفضًا للغاية فقد كان معدل التحاق الإناث بالتعليم العالي 6٪ فقط من إجمالي الإناث الواصلات إلى سن التعليم الجامعي، وكان فقط ثلث من الملتحقين بالتعليم العالي من الإناث ولا بد أن هذه المعدلات قد انخفضت خلال الأعوام الستة الماضية منذ بداية الحرب .
ويذكر في التقرير العوائق ظلت تقف أمام التعليم طيلة عقود في المجتمع الغير أنَّ حدوث التغيير لايزال ممكنا على المدى الطويل ومن شأن زيادة معدلات النساء الحاصلات على الدرجات العلمية العالية أن يسهم في تقويض المعيقات الاجتماعية والثقافية داخل الأسر، وقد يشجع ذلك الجيل القادم من النساء على توسيع أدوارهن في المجتمع ، وفي الوقت الراهن فإنَّ من شأن تعيين النساء الحاصلات على تعليم عالٍ في مناصب تمكنهن من صنع وتشكيل السياسات أنْ يكنّ قادرات على إنفاذ حلول تتعلق بقضايا ذات صلة من قبل المساواة بين الجنسين، والزواج المبكر؛ وهو الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بصورة إيجابية على تمكين المزيد من الإناث ،من الوصول إلى التعليم العالي وإنّ النساء القلائل اللاتي ينجحن في تعليمهن ومساراتهن العملية سيشكلن مستقبل غيرهن؛ وذلك أنهن سيدعمن الإناث الأصغر منهن، فضلا عن أنهن سيكنّ نماذج يُحتذى بها.
التعليم الجامعي يعتبر من الاسس الرئيسة التي تصل بها النساء الى مراكز صنع القرار ولكون التعليم يوسع مداركهن ويعطيهن الخبرات المعرفية في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية ويسهم في تزويدهن بالأدوات الضروريّة للحصول على حقوقهن المنهوبة.
ومن خلال التعليم يمكن تحديد أنواع الأدوار التي يمكن للمرأة أن تؤديها خارج المنزل ومن هنا، فإذا لم تتمكن الإناث من الوصول إلى التعليم العالي، بالتالي سيقلل فرص تمكنهن من الوصول الى المشاركة السياسية الفاعلة.