كريتر نت – متابعات
مباراتان من العيار الثقيل في نصف نهائي بطولة كأس العرب فيفا قطر 2021 أثبت فيهما عرب إفريقيا علو كعبهم على عرب آسيا، بتأهل ثلاثة منتخبات عربية إفريقية مقابل منتخب عربي آسيوي واحد، والنتيجة نصف نهائي ناري بدراما اللحظات الأخيرة، التي ربما لن تتكرر في النسخة القادمة مجهولة المكان والزمان.
الفراعنة ونسور قرطاج.. هدف في الوقت القاتل
كان هدف الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع قاتلاً لمنتخب الفراعنة الذين كانوا أكثر المنتخبات سعادةً بعد أن نجحوا في إخراج مباراتهم في الدور ربع النهائي بطريقتهم الخاصة بعد تصدر مجموعتهم بأفضلية اللعب النظيف.
ولكن كما يُقال لكل مباراة ظروفها، فقد لدغوا بهدف من منتخب نسور قرطاج في الوقت القاتل أجهض أحلام المصريين في الوصول إلى المباراة النهائية والفوز باللقب من واقع أنه كان أكثر المنتخبات المرشحة برفقة منتخب الجزائر في نيل لقب مونديال العرب العاشر.
منتخب نسور قرطاج استطاع هزم التوقعات وتأهل للمباراة النهائية بجدارة واستحقاق بعد مباراة رائعة أمام منتخب مصر المرشح الأبرز، حيث كان الطرف الأفضل في المباراة، وكان واضحاً أن الرغبة في الفوز لدى لاعبيه أكبر وكان لهم ما أرادوا في الوقت القاتل بهدف نيران صديقة في سيناريو لم يتخيله أكثر المتشائمين في معسكر المنتخب المصري.
العنابي ومحاربو الصحراء.. دراما مثيرة في اللحظات الأخيرة
بلا شك فإن منتخب محاربي الصحراء أعلنوا عن نواياهم بشكل مبكر، ومنذ المباراة الأولى بالفوز الساحق على منتخب السودان بأربعة أهداف مقابل لا شيء، وهذا الفوز وحده بث الرعب في جميع المنتخبات، وأعلن عن منتخب قوي للغاية، وأتت مباراته أمام المنتخب المصري في صراع صدارة المجموعة ليثبت أن محاربي الصحراء من أبرز المرشحين بالفعل إن لم يكن الأول لحصد اللقب العربي من الأراضي القطرية.
بينما المنتخب العنابي وبوصفه منتخب البلد المضيف، كما جرى العُرف في مثل هذه البطولات المجمعة، لا يمكن إغفاله كُلياً عن صراع نيل اللقب، وهذا ما كان بعد أن استطاع حصد النقاط كاملة في مجموعة سهلة نسبياً ومنتخبات معروفة لديه، وأتى فوزه الكاسح على منتخب الإمارات ليرفع سقف الطموحات عالياً ويُصدر حلم أن الجمع بين لقب البطولة الآسيوية والبطولة العربية يمكن تحقيقه حتى وإن كان في طريقه منتخب قوي مثل منتخب محاربي الصحراء.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فمنتخب محاربي الصحراء أثبت جودته مبكراً حتى بدون المحترفين الأوروبيين، وقد استطاع احتواء المنتخب القطري بشكل أكثر من رائع، حيث أظهر ترابط خطوط وجودة كبيرة وسيطرة شبه مطلقة على جميع مفاتيح المنتخب القطري.
وقمة النجاح هي القدرة على عزل اللاعب “عفيفي” بشكل كامل وهو الذي يعتبر الدينمو المحرك للمنتخب القطري، فمتى ما تحرك هذا الفتى، فإن المنتخب القطري سيكون خطيراً، ولكن باختفائه تم كسر شوكة المنتخب العنابي بشكل كبير ولم يتبق للمنتخب سوى نقل الكرة من الوسط للأطراف ومن الأطراف للوسط، في سيناريو أثبت أن المنتخب القطري يفتقد للحلول البديلة أو الخطة “ب”.
وفي هذه النقطة يجدر الذكر أن المنتخب القطري ومن خلفه مدربه يعاب عليه التركيز على نقل الكرة للأطراف ومحاولة إسقاط الكرة في منطقة جزاء المنتخب الجزائري في أكثر من هجمة، وكان بالأحرى التحول مباشرة للخطة “ب”.
وذلك من خلال انتهاج أسلوب التسديدات المباشرة، خاصة أن المنتخب لديه لاعبون يملكون أقداماً قوية مثل المدافع عبدالكريم حسن والقائد حسن الهيدوس وحتى المهاجم المعز عبدالله، وهذه الاستراتيجية كانت لتكون ناجعة بشكل كبير في خطف الهدف إن لم يكن بأقدام لاعبيه فقد يكون من خلال خطأ من مدافعي محاربي الصحراء، لأن الكرة التي يتم تسديدها بشكل قوي يمكن لها أن يتحول مسارها تحت أي لحظة.
دراما اللحظات الأخيرة في نصف نهائي كأس العرب
بالعودة لدراما اللحظات الأخيرة، فإن احتساب “9” دقائق كوقت بدل الضائع وإن لم يكن رقماً قياسياً، إلا أنه سيسيل الكثير من الحبر على نزاهة الحكم البولندي وبالتأكيد سيجلب الكثير من السخرية والتهكم والتشكك من الجمهور العربي في دور اللجنة المنظمة، وسعيها في محاولة تأهيل منتخب البلد المضيف بأي طريقة، وهو ما لا نريده، خاصة أن قطر قد أبهرت الجميع بالتنظيم الرائع والفريد لبطولة يريد منها أن تكون خير استعداد للبطولة الكبرى، والأهم وهو كأس العالم الذي سيجمع صفوة منتخبات العالم في العام القادم.
وأخيراً مع انتظارنا لمباراة نهائي قوي بين منتخب أعلن مبكراً عن نواياه في خطف اللقب، وبين منتخب لم يكن مرشحاً بقوة للصعود للمباراة النهائية، فإن ما نتوق إليه هو مباراة تليق بهذا الحدث الذي خطف أنظار الجميع من حيث التنظيم والملاعب والنقل التلفزيوني الاحترافي قلما نجده في البطولات العربية وحتى العالمية.
وبالنسبة للمنتخب القطري، منتخب البلد المضيف، فإن الفرصة لا تزال لديه لمسح الصورة الذهنية السلبية التي بدأت بالانطباع في أذهان المتابع العربي بعد مباراته أمام منتخب محاربي الصحراء، من خلال التركيز على أداء مباراة قوية أمام منتخب الفراعنة في مباراة تحديد المركز الثالث وحفظ ماء وجه منتخبات عرب آسيا.
وهي فرصة أيضاً أمام المدرب للوقوف قليلاً لمراجعة أداء المنتخب أمام المنتخبات القوية التي سيواجهها في العرس الكروي الكبير، وإيجاد الحلول للخروج من المآزق المتوقع مواجهتها أمام منتخبات قوية، في أكبر محفل كروي في العالم، فاللعب كضيف شرف في بطولات الآخرين مختلف تماماً عن اللعب في بطولة بحجم كأس العالم، خاصة أن المتوقع من البلد المضيف عادةً هو الذهاب بعيداً في البطولة، وعدم انتظار هدايا الحكام أو اللجنة المنظمة.