كتب : د.يوسف سعيد احمد
اصبح الناس في بلادنا خاصة مع ازمة سعر الصرف ربما من بين كافة الشعوب الاكثر فهما لاهمية سعر الصرف .لانهم لمسوا على الواقع انه مرتبط بدخولهم وبطلبهم على السلع والخدمات الاجنبية المستوردة. وبالتالي مرتبط باحكام بحياتهم المعيشية.
ولذلك نلحظ وعلى نطاق واسع كيف يتحدث الناس ايضا عن اهمية الوديعة السعودية المنتظرة لوقف انهيار الريال اليمني.
وبقدر مايدركون الناس ان سعر الصرف يعني سعر العملة الوطنية مقدرة بالدولار. او ان سعر الصرف ببساطة هو سعر صرف العملة الاجنبية. لكن مع ذلك يعجز العامة من الناس ادراك اسباب التغيرات التي تطرا على اسعار الصرف. مع الاشارة ان فهم هذه المتغيرات في اليمن اكثر مشقة حتى على الاختصاصين منهم .
يتحدد سعر الصرف بصفة يومية وفقا لعرض العملة المحلية والطلب عليها مقارنة بالعملة الاجنبية.ومفهوم ان اي معاملة تجارية تنطوي على جانبين بحبث يتساوى حجم المبيعات مع المشتريات .
وعلميا ينعكس اي تغير يطرا على شروط العرض والطلب في صورة تغير في سعر الصرف. وفي الاقتصاديات المستقرة وعند مستوى السعر السائد يحقق ميزان المدفوعات التوازن من يوم لآخر بل ومن لحظة لأخرى .
الطلب على الدولار هو طلب عام لكامل الاقتصاد اليمني ؟!
الطلب على الدولار ليس محصورا في مناطق الشرعية وعندما قامت صنعاء بمنع تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية وجعلت من الطبعة القديمة للريال عملة خاصة بها.
هدفت ان يحدث توافق بين عرض العرض العملة والطلب عليها في سوق الصرف. بين عملتها بطبعتها القديمة المحدودة جدا والمهترئة حجما ؛وبين العملات الاجنبية .
مما يخلق ضروف استقرار العملة المحلية في مبادلاتها مع الدولار لضمان استقرار الا سعار ونجحت الى حدا ما في ذلك.
بعد ان جعلوا من الاقتصاد داخل مناطقهم اقتصادا مغلقا .
ولكن الواقع ان استقرار الاسعار هناك هو استقرار غير حقيقي لانه من الوجهة الاقتصادية محكوم بشروط القوة.
ولايعكس توازن العرض والطلب في سوق الصرف.
والدليل على ذلك انهم في نفس الوقت يلعبون خارج سيطرتهم بحثا عن الدولار.
حيث تقوم صنعاء بعملية المضاربة على الدولار والريال السعودي وبشكل تشط من خلال استغلال المعروض النقدي الهائل من الطبعات الجديدة في مناطق سيطرة الشرعية لدى شركات الصرافة وفي بيئة اقتصادية مفتوحة تسمح لهم بذلك .
ونستنتج من ذلك ان الطلب على الدولار والريال السعودي في عدن ومختلف مناطق سيطرة الشرعية هو طلب عام لكل اليمن .
وعندما كان المعروض من العملة الوطنية في مناطق الشرعية يفوق باضعاف حاجة الاقتصاد ؛ فانع من المؤكد ان يحدث الاختلال بين عرض العملة الوطنية والطلب عليها بالمقارنة مع العملة الاجنبية النادرة .
من وجهة النظر الاقتصادية الطلب على العملة الاجنبية يتغير بتغير الدخل عدا عن تغير الاسعار النسبية بين الدول وعوامل اخرى وان على المدى الطويل .
عندما يتعلق الامر بتغير الدخل. حيث انه كلما تغير الدخل ازداد الطلب على الورادات ونفس الحال عند تغير الاسعار بين الدولة المصدرة والدولة المستوردة.
وعندما ينخفظ الدخل وهو مايميز دخل المواطنيين في بلادنا حيث تسببت ازمة سعر الصرف في تآكل دخول الناس وخاصة اصحاب الدخل المحدود فإنه يفترض ان يحدث العكس .
في الاقتصادات المستقرة يحدد سعر الصرف وفقا للعرض والطلب .
في اي اقتصاد يشهد استقرارا كما اشرنا تنخفض رصيد العوامل الاخرى المحددة او في حالة افتراض ثباتها.
وبالتالي يتحدد سعر الصرف وفقا لنموذح العرض والطلب مثله مثل اي سلعة تتمتع بميل عالي في طلب المستهلكين كواقع سلعة البنزين في بلادنا .
لكن من المهم ان اشير ان مايحدث لسعر الصرف في مناطق الشرعية على الرغم ان الطلب على العملات النادرة الدولار والريال السعودي طلب مرتفع لانه يعكس طلب الاقتصاد اليمني كله.فانه بالتالي وهذا ملنوس حيث يحصل في ظل ارتفاع المعروض من العملة المحلية وبشكل متضخم جدا المتكدسة لدى الصرافين اختلالا كبيرا بين العرض والطلب حيث ترتفع قيمة العملات الاجنبية النادرة في مبادلاتها بالعمله المحلية.
ومع ذلك فإن مايحدث ليست نتيجة هذا المتغير الاقتصادي فحسب بل يحصل لعوامل اخرى .وهو ناتج عن طلب غير حقيقي .
عادتا يرتفع الطلب على الدولار في سوق الصرف بشكل رئيسي بدافع الاستيراد .لكن مع التغيرات الايجابية التي طرات على مؤسسة البنك المركزي ؛ ولما كان البنك المركزي ايضا ومنذ شهرين تقريبا ؛ينظم اسبوعيا ومن خلال المنصة الالكترونية مزادا لبيع الدولار من خلال مشاركة التجار عبر البنوك التجارية.
حيث وصل حجم ماباعة حتى الآن نحو 165 مليون دولار ؛ وهو المزاد الذي يهدف الى استقرار سعر العملة وتوفير حاجة تجار استيراد السلع والخدمات لكل اليمن.
وهي بهذا الحجم كافية لتغطية حاجة اكثر من شهرين لاستيراد السلع الغذائية الرئيسية تقريبا .
لذلك كان من المنطقي ان تقل الضعوط على طلب الدولار في سوق الصرف خاصة وانه يشتق الطلب على الصرف الاجنبي من الطلب على استيراد السلع والخدمات الاجنببة مع بقاء الطلب على استيراد النفط مرتفع .. وبالتالي كان من المؤمل في المحصلة ان يستتبع ذلك تحسن في سعر صرف العملة الوطنية.
لكن كما يلاحظ يحدث العكس في سوق الصرف حيث ترتفع اسعار الصرف وبعناد بمستوى يفوق بكثير اسعار العطاءات الاسبوعية للبنك المركزي. وهذا مايؤكد ان المضاربة على الدولار لها منطق آخر .
في المشهد وهذا ليس بجديد دوافع الطلب الاخرى؛ منها ماهو يهدف الى الاكتناز تخوفا من توقع تعاضم انهيار سعر الصرف .
ومنها ماهو ناتج عن عمليات غسل تاتي من مصادر قذرة ؛ ومنها مايهدف الى سحب العمله الى خارج البلاد .خاصة مع ما انتجتة الحرب من ظهور نخب ثرية واستثمارية جديدة .
لكن كل هذا اجمالا هو طلب غير حقيقي وهو بالمعنى الاقتصادي غير قانوني وعذل ما يتصف به الوضع الراهن لسوق الصرف .
يبقى ان سياسة البنك المركزي المتبعه والموجه لاستقرار سعر الصرف هي سياسة سليمة وفي حدود الادوات المتاحة امامه . وبالتاكيد هذه السياسة ستعطي نتائجها لاحقا بقطع النظر ان كانت البيئة الاقتصادية غير مسواه او غير مواتية .. لكن يمكن القول انه على الصعيد التنظيمي والاجرائي فإن هناك لازال الكثير مما يجب ان يفعلة البنك المركزي لتحجيم عمليات المضاربة بسعر الصرف.غير انه حتى تؤتي هذه الاجراءات نتائحها فإن هذا يتطلب مساعدة البنك المركزي من خلال تظافر كل الجهود من كافة الفاعلين من الجهات الامنية ؛والقضائية ؛ والحكومية بفعالية ودون توقف في سبيل تحقيق توجهات البنك المركزي وتعزيز آثارها الايجابية على صعيد الواقع النقدي والاقتصادي .