كريتر نت – وكالات
مظاهر الاحتفال بـ “عيد الحب” في المملكة العربية السعودية جلّية على واجهات المحال وفي المتاجر المختصة بالألبسة الداخلية مع عرض تخفيضات كبيرة على خلفية هذه المناسبة لكن دون الإشارة إلى اسم “عيد الحب”.
تكتسي واجهات المحال في السعوديةهذه الأيام ملابس وقمصان نوم حمراء. هذا “الغزو الأحمر” في واجهات المحال في مركز بانوراما التجاري في وسط العاصمة الرياض يعد بمثابة “تقدم كبير” عمّا كان عليه الحال قبل سنوات، حين كانت الشرطة الدينية تلاحق حاملي الورود الحمراء ومن يرتدون ملابس حمراء في عيد العشاق الذي يُحتفل به سنويا في الـ 14 شباط/فبراير .
تعرض المحال قمصان نوم وسراويل نسائية ومشدّات صدر حمراء في قلب واجهاتها الزجاجية وتقدم تحفيضات كبيرة على الأسعار تصل إلى 50 بالمائة، لكن من دون أن تذكر صراحة أن الأمر مرتبط بعيد الحب أو “الفالانتيان”، عيد العشاق.
وقالت البائعة السعودية خلود (36 عاما) التي ارتدت عباءة سوداء وغطت وجهها لوكالة فرانس برس “لم يكن الناس يحتفلون بعيد الحب (لكن) الآن أصبح عدد كبير من السعوديين يحتفلون به”. وتابعت وخلفها قمصان نوم وسراويل حمراء أنّ “هناك إقبالاً كبيراً (على الملابس) خلال عيد الحب. الزبائن يطلبون اللون الأحمر بكثرة والعائدات كبيرة”. وأضافت بحماس أنّ “الحب ملح الحياة والاحتفال به أمر جميل سواء بين زوجين أو حبيبين”.
وقالت المصرية شروق حسانين (40 عاما) لوكالة فرانس برس “كان عندي مشكلة أن زوجي غير قادر أن يفاجئني ويشتري لي قميص نوم أو ملابس داخلية في عيد الحب”. وأضافت رفقة زوجها الملتحي الذي ارتدى عباءة داكنة أنّ “كل شيء تغير إلى الأفضل. أشعر أننا مثل باقي العالم”.
عيد دون اسم
لسنوات طويلة، لم يكن بوسع السعوديين الاحتفال بعيد الحب الذي يخلد ذكرى قديس مسيحي عاش في القرن الثالث ميلادي. بينما لا تحتفل السعودية سوى بالأعياد الدينية الخاصة بالمسلمين ويومها الوطني في أيلول/سبتمبر. وكانت الشوارع والمتاجر والمطاعم تخلو من أي مظاهر احتفالية بهذه المناسبة التي تحظى باهتمام كبير حول العالم.
وفي مركز “غرناطة” التجاري في شرق الرياض، أوضحت بائعة سعودية فضلت عدم ذكر اسمها لحساسية الأمر “حاليا بات بوسعنا عرض ملابس داخلية حمراء بأريحية في واجهة المحل”. وأشارت إلى أن “هناك زبائن كثيرين يطلبون ملابس داخلية حمراء في عيد الحب”، لكنّها أوضحت “نوفر حسومات خلال فترة عيد الحب لكننا لا نسميها حسومات عيد الحب”.
وهو ما أكدته بائعة أخرى لم تكشف اسمها قائلة “الإدارة تطلب تزيين واجهة المعرض بالملابس الحمراء… لكن دون ذكر اسم عيد الحب”.
وقد يعود ذلك لعدم رغبة هذه الشركات في استفزاز الزبائن المحافظين. وأفادت البائعات الثلاث أنّ الملابس الحمراء هي الأكثر مبيعا في فترة عيد الحب في المملكة حيث أكثر من نصف عدد السكان دون سن 35 عاما، وفق بيانات صادرة عام 2020.
وتقدم متاجر العطور والماكياج بالمثل تخفيضات كبيرة في الفترة ذاتها لاجتذاب الأشخاص الراغبين في شراء الهدايا في المناسبة. كما تعرض محلات هدايا في الرياض تشكيلات من القلوب الحمراء في واجهاتها، أيضا دون الإشارة للمناسبة.
الاحتفال بشكل صامت
هذا الانفتاح لا يزال يثير حفيظة المحافظين داخل المملكة. وقالت امرأة ترتدي نقابا أسود فضلت عدم ذكر اسمها أثناء تسوقها في محل للملابس الداخلية “لا أريد رؤية هذه الأمور (المرتبطة بعيد الحب) وتضايقني، لكنّ هناك أناس يفضلونها وهذه حرية شخصية لهم”. فيما قالت الشابة السعودية ريم القحطاني (22 عاما) إنّ “المجتمع السعودي بدأ يتقبل أخيرا فكرة عيد الحب لكن بشكل تدريجي”. وتابعت بحماس “حاليا نحتفل في شكل صامت في المقاهي والمطاعم لكن نأمل أن يزداد الأمر صخبا في السنوات المقبلة”.
ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017، تشهد المملكة إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة شملت السماح للنساء بقيادة السيارات، والسماح بالحفلات الغنائية، ووضع حدّ لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء. لكنّ هذه التغيرات ترافقت كذلك مع حملة قمع للمنتقدين والصحافيين والمعارضين، وخصوصا الناشطات الحقوقيات.