توفيق علي
منذ عشرة أيام، ترددت أنباء عن سيطرة الجيش اليمني على معظم مدينة حرض التابعة لمحافظة حجة (أقصى الشمال)، إلا أن تراجعاً ميدانياً قد طرأ في وسط المدينة، وأشعل في أطرافها معارك كر وفر لا تعرف الهدوء بالتزامن مع تعزيزات حوثية كبيرة قدمت إلى تخوم المدينة الاستراتيجية.
وفيما كان من المتوقع إعلان قوات “ألوية اليمن السعيد” إحكام قبضتها على مدينة حرض بعد أن نجحت على مدى الأيام الماضية في السيطرة على المناطق والمرتفعات المحيطة بها، إلا أن استماتة حوثية عززتها إمدادات بشرية قدمت إلى أطراف المدينة، تمكنت من كبح تقدم القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن.
هذه الحال تعزز فرضية تكرر سيناريو الكر والفر الشبيه بما جرى في عدد من جبهات القتال في وسط اليمن من دون إنجاز تفوق طرف على آخر، في ظل أنباء تتحدث عن تراجع القوات الحكومية إلى مواقعها السابقة (مواقع ما قبل العملية العسكرية الأخيرة التي أطلقتها قبل أسبوعين).
وتنتهج القوات المنضوية تحت الشرعية في اليمن سياسة تكتيك عسكرية، اتسمت بتقدمها في مناطق والانسحاب من أخرى، وفقاً لما تمليه ظروف العمليات والاستراتيجية التي تتبناها في إدارة المعارك. وبين حين وآخر، تتردد الأنباء عن انتكاستها في مناطق مثل الساحل الغربي نهاية العام الماضي، لكنها ما لبثت أن عادت مرة أخرى إلى الحملة على الحوثيين، متسببة لهم بخسائر كبيرة بدعم من التحالف العربي.
اقتحام جبهة الحوثي المتقدمة
يقول المحلل العسكري اليمني عبد العزيز الهداشي إن إصرار الجيش اليمني على اقتحام مدينة حرض كان خطأ استراتيجياً سهّل على الحوثيين استعادة زمام المبادرة بعد أن تلقوا هزائم متتالية في مداخلها والمرتفعات المحيطة بها.
وأضاف “كان يفترض محاصرة حرض والاتجاه جنوباً نحو مواقع أخرى تشتت إمدادات الحوثي وتضعف قدراته، إلا أن الإصرار على اقتحام المدينة كان الفرصة التي أنقذت الميليشيات كونها جبهة متقدمة للحوثي لن يتنازل عنها بسهولة”، في وقت تراهن أطراف من الشرعية اليمنية على أن تهدد معارك الشمال الميليشيات في عقر دارها.
التصدي
من جانبها، نشرت قناة “المسيرة” الناطقة باسم الحوثيين مشاهد تظهر تمكّن الميليشيات من “التصدي لقوات العدو وإلحاقها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد والقيام بعملية معاكسة لاستعادة مواقع واسعة”، على حد قولها، مؤكدة أنها استطاعت إثر المواجهات استعادة السيطرة على المدينة وطرد القوات المهاجمة.
منطقة ظلام مكشوفة
من جانبه، أرجع الباحث اليمني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب، أسباب تأخر سيطرة الجيش اليمني على مدينة حرض، إلى أن القوات الحكومية كشفت معلومات وتفاصيل عن معركة حرض كان يجب ألّا تصل إليها ميليشيات الحوثي.
ويضيف “في كل الحروب، هناك منطقة ظلام معلوماتية لا ينبغي أن يصل إليها العدو، خصوصاً أن المعركة قائمة”.
وتابع في تغريدة له “في معركة حرض، تصور الوزير، والغفير، وعشاق التصوير، وكاشفو العورات، عند كل شبر كان الحوثي يبحث عن أدنى معلومة عنه”. وأكد الباحث العسكري أن نشر تفاصيل المعركة والتقاط الصور الكثيرة أثناء استمرار المواجهات، جعلا القوات الحكومية تكسب حضوراً زائفاً، ومنحت ميليشيات الحوثي معلومات وظفتها لصالحها.
وكانت ألوية “اليمن السعيد” قد سيطرت قبل أسبوعين على معظم مديرية حرض في محافظة حجة، حيث استعادت قرى أم الحصم وأم التراب والحمراء.
التحضير لعملية واسعة
وفي أعقاب تدمير مسيّرة أطلقتها الميليشيات الحوثية باتجاه مطار الملك عبدالله في جازان في السعودية، أعلن التحالف العربي أنه بصدد التحضير لعملية عسكرية واسعة، و”على الحوثيين تحمل نتائج سلوك استهداف المدنيين”، معتبراً أن “الحوثيين لا يفهمون سوى لغة القوة، وعملية الاستجابة تتوافق مع القانون الدولي”.
وأفاد تحالف دعم الشرعية بأنه نفذ عملية استجابة للتهديد ودمر أهدافاً عسكرية في محافظة البيضاء اليمنية. وأضاف أنه “لحماية المدنيين من العمليات العدائية، سنستمر في تنفيذ الضربات الجوية الواسعة”.
45 عملية
واستجابة للتهديد، توعد التحالف الميليشيات الحوثية بتنفيذ عملية عسكرية لتحييد قدراتهم النوعية، بالتزامن مع غاراته المستمرة المساندة لعمليات الجيش اليمني في مختلف الجبهات.
وفي السياق، أفاد تحالف دعم الشرعية بأنه نفذ 45 عملية استهداف ضد الميليشيات في محافظة حجة خلال 24 ساعة، موضحاً أنها أسفرت عن تدمير 21 آلية عسكرية حوثية وكبّدت الميليشيات خسائر بشرية.
كسر هجمات
ومع استمرار المعارك في حجة ومأرب وصعدة وجبهات أخرى، ذكر الإعلام العسكري للجيش اليمني أن القوات مسنودة بـ”المقاومة الشعبية” كسرت هجوماً للميليشيات الحوثية جنوب مأرب.
وبحسب ما أورده المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، “تمكنت مدفعية الجيش من تدمير آلية تابعة للميليشيات، فيما استعادت القوات أسلحة خفيفة ومتوسطة وكميات من الذخائر كانت بحوزة العناصر الحوثية الإيرانية في مواقع متفرقة جنوب مأرب”.
المصدر : أندبندنت عربية