كريتر نت – العين الإخبارية
تقاسمت مليشيات الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- وتنظيم الإخوان الإرهابي -حزب الإصلاح- مهمة استهداف وقمع الأحزاب اليمنية وتقييد نشاطها الوطني التنظيمي وعملها السياسي برمته.
واخترقت مليشيات الحوثي العمل السياسي باكرا بهدف هدمه قبل أن تطيح بالسلطة وتحظر نشاط كل الأحزاب في مناطق سيطرتها، بما فيه إغلاق الصحف الممثلة للأحزاب واعتقال الصحفيين فيها، فضلا عن المداهمات المسلحة للمقار الحزبية ونهب كل محتوياتها من وثائق وأدبيات وسجلات خاصة بعملها التنظيمي.
وبلغ عدد الأحزاب اليمنية التي شاركت في الدورات الانتخابية التي شهدها اليمن 21 حزبا، حسب ما وثقته اللجنة العليا للانتخابات في آخر عملية ديمقراطية تعددية شهدتها البلاد، في حين يزيد عدد الأحزاب المسجلة دستوريا في لجنة الأحزاب اليمنية على 40 حزبا.
وطيلة 3 عقود مضت قبل الانقلاب الحوثي، شهد اليمن تجربة سياسية وحزبية غير مسبوقة سادها إجراء 3 دورات انتخابية منذ إعلان التعددية السياسية مع إعلان الوحدة اليمنية 1990، ليخرج العمل الحزبي إلى العلن بعد أن كان عملا سريا بدأ منذ النصف الثاني للقرن العشرين.
الحوثي في مهمة جديدة
وحظرت مليشيات الحوثي كل نشاطات الأحزاب، وفرضت على ما تبقى من قيادات سياسية تحت سيطرتها تبني الخطاب الانقلابي بقوة السلاح، وعمدت مؤخرا لترك هامش محدود للنشاط تحت رقابتها الأمنية اللصيقة، كما هو الحال مع حزب المؤتمر الشعبي العام “جناح صنعاء”.
وقال مصدر سياسي يمني لـ”العين الإخبارية” إن “المليشيات الحوثية كثفت مؤخرا تحركاتها لاستقطاب ما تبقى من قيادات حزبية في صنعاء، وذلك في لقاءات شكلية مع حزب المؤتمر الشعبي العام “جناح صنعاء” والتلميح لحزب الإصلاح الإخواني بإمكانية تشكيل تحالف سياسي معه وتقاسم بعض “المناصب والامتيازات”.
وتسعى المليشيات الحوثية من خلال تحركاتها الأخيرة نحو الأحزاب لتوفير غطاء سياسي لانقلابها بعد العزلة الدولية التي فرضت على المليشيات عقب إعلانها الدستوري الذي جاء تتويجا للانقلاب العسكري.
ونص ما عرف بـ”الإعلان الدستوري” لمليشيات الحوثي أواخر 2014 على حل مجلس النواب اليمني وتشكيل سلطة موازية تشريعية وتنفيذية تمثلها ما يسمى “اللجنة الثورية العليا” كواجهة سياسية وعسكرية للانقلاب.
لكن سرعان ما عادت المليشيات لإجبار ما تبقى من نواب في البرلمان بمناطق سيطرتها على عقد جلسات شكلية وإحلال آخرين في الدوائر الشاغرة عبر انتخابات غير شرعية لم تشارك فيها الأحزاب المعترف بها في اليمن.
ومؤخرا لم تخف مليشيات الحوثي نوايا حربها ضد الأحزاب اليمنية، حيث صادرت منازل أمناء عام الأحزاب ومقرات الأحزاب التي تقدر تكاليفها المالية بملايين الدولارات وأعلنت صراحة وضع اليد عليها وتجريفها لخدمة حربها المدمرة.
الإخوان والقمع
وفيما تسيطر مليشيات الحوثي الإرهابية بدعم إيراني على شمال اليمن منفردة بالحديد والنار، يهيمن تنظيم الإخوان الإرهابي على القرار السياسي في المناطق المحررة (التي يسيطر عليها) وينتهج استراتيجية قمعية نسفت التعددية السياسية في البلاد.
ولم يترك إخوان اليمن عبر رافعتهم السياسية، حزب الإصلاح، غير مساحة محدودة من العمل السياسي لممارسة بعض الأحزاب نشاطها في المناطق المحررة التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
حيث خنق الإخوان العمل السياسي للأحزاب عبر اختطاف القرار السياسي والاستحواذ على المناصب والدعم المالي.
كما عملوا على إيقاف الدعم المالي المخصص من الدولة لتمويل النشاط التنظيمي للأحزاب التي تنافس التنظيم الإرهابي سياسيا في مناطق حكومة اليمن المعترف بها.
ولعل هيمنة تنظيم الإخوان الإرهابي على السلطات والمؤسسة العسكرية في المناطق المحررة أوضح دلالة على إقصاء الأحزاب الكبيرة التي نصت المبادرة الخليجية على أن تتقاسم السلطة وإدارة البلاد في أوسع مشاركة للأحزاب في الحكم شهدها اليمن.
وبحسب قيادات حزبية لـ”العين الإخبارية”، فإن الأحزاب اليمنية في مناطق الحكومة المعترف بها تواجه صعوبة في مواصلة نشاطها التنظيمي بعد إيقاف التمويل المقرر لها بموجب قانون الأحزاب رغم توجيهات سابقة للرئيس (عبدربه منصور هادي) صرفت بموجبها الاعتمادات المالية للأحزاب حتى عام 2018.
وجهان لإرهاب واحد
(الإخوان والحوثية) وجهان لإرهاب واحد، يجمع مظلة أيديولوجية متطرفة تنبذ التعددية وترفض الأنشطة الحزبية السياسية.
ووفقا للناشط السياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام، رشاد الصوفي، فإن المليشيات الحوثية صادرت مقرات الأحزاب السياسية اليمنية وضيقت الخناق على الأنشطة التنظيمية، فلا يمكن السماح بأي نشاط تنظيمي خاص إلا بتصريح وإذن ومراقبة منها، ولا يتم إلا تحت إشراف أذرعها الأمنية.
ولا يختلف الحال بالنسبة لإخوان اليمن، فبحسب الصوفي فقد شنت أذرع حزب الإصلاح المسلحة حروبا جانبية للقضاء على المكونات السياسية، أبرزها حملات الاعتقالات الواسعة لمنتسبي الأحزاب اليسارية في ريف تعز، وقمع مفرط لقوات اللواء 35 مدرع، ضمن جرائم لتعطيل أي نشاط سياسي لا يخضع لتوجهاتها.
وأضاف السياسي اليمني لـ”العين الإخبارية”: “حرية العمل السياسي والحزبي معدومة تماما في ظل سطوة جماعات لا تؤمن بالتعددية ولا بالديمقراطية، ومنذ انقلاب مليشيات الحوثي وهي ترسخ مفهوم الولاية و”الحق الإلهي” لتشرعن مشروع خرابها الإيراني”.
وأوضح أن الإخوان ومليشيات الحوثي قطعا كافة المستحقات المالية التي كانت تتلقاها المكونات والأحزاب من خزينة الدولة وفقا للدستور اليمني، وهذا بدوره يشكل عائقا كبيرا أمام الحركة الحزبية وقدرتها على ممارسة دورها السياسي أو عودتها باليمن.
وأنهت المليشيات الحوثية على كافة النشاطات الحزبية والسياسية، وابتكرت لها يافطات سياسية تحاول من خلالها تمرير مشروعها الإرهابي كغطاء أمام المجتمع الدولي ووفقا لمصالحها، كما هو حال إخوان اليمن، وفقا للسياسي اليمني.
وما بين إجرام الحوثي الدموي وقمع الإخوان، ولدت قوى حية وجديدة يعول عليها اليمنيون في استعادة وطنهم المختطف، لعل أهمها المجلس الانتقالي الجنوبي، كحامل للقضية الجنوبية، والمقاومة الوطنية اليمنية، كقوى تسعى لتحرير البلاد من قبضة الانقلاب والتنظيمات الإرهابية.