كريتر نت / BBC
انشغل معظم صحف الجمعة البريطانية بمتابعة الإنجاز العلمي الصيني في إنزال مسبار على الجانب المعتم من القمر، في أول محاولة وهبوط ناجح على هذا الجانب من القمر على الإطلاق.
وإلى جانب المتابعات الإخبارية، خصص بعض الصحف مقالات افتتاحية وعددا من مقالات الرأي فيها لمناقشة هذا الموضوع.
ووضعت صحيفة التايمز “القمر الأحمر” عنوانا لمقالها الافتتاحي الذي شدد على أن التنافس بين القوى الكبرى يجب أن لا يحول الفضاء الخارجي إلى منطقة للغزو من دون قوانين منظمة لذلك.
وتقول الافتتاحية إنه بعد أكثر من ستة عقود من بدء عصر ارتياد الفضاء، في عام 1957 مع إطلاق أول مركبة سوفيتية هي سبوتنيك 1، تمكنا من رؤية صور للجانب المعتم من القمر فضلا عن صور لكويكب يقع على بعد 6.5 مليار كيلو متر من الأرض، يدعى “أولتيما تولي”، الذي يتكون من كرة عملاقة من الثلج، عرضها نحو 30 كيلومترا، ويعد أبعد نقطة وصل إليها مسبار فضائي داخل نظامنا الشمسي.
بيد أن افتتاحية الصحيفة ترى أن تلك الاكتشافات العلمية تحمل توترات جيوسياسية مطردة، مشيرة إلى أن المسبار الذي هبط على القمر تابع لوكالة الفضاء الوطنية الصينية وأن المسبار الذي وصل إلى أبعد نقطة في نظامنا الشمسي تابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وبالتالي فهما يعودان لأعظم قوتين في العالم في القرن الحادي والعشرين.
وتشدد الصحيفة على أن هذا التنافس على ارتياد الفضاء بين القوى الكبرى في العالم يُهدد بأن يجعل منه منطقة للغزو بلا أي قوانين منظمة، وربما مصدرا لنزاعات مستقبلية محتملة في العقود المقبلة.
وتخلص الصحيفة إلى القول إن على هذه القوى أن تتسامى فوق هذا التنافس للسيطرة على فضاء المجرة، مشيرة إلى أنه من الناحية التقنية تمنع معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 الحكومات من ادعاء ملكية أي منطقة في الفضاء الخارجي، بيد أنها تسمح للموقعين عليها بالانسحاب منها بعد تقديم إخطار بذلك قبل عام.
وتضيف أن القمر والكويكبات قد تبدو بعيدة، كما كانت الحال مع منطقة الآسكا عندما كانت بريطانيا وروسيا تتنافسان على ملكيتها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
وتوضح أن لأمريكا والصين مفاهيم مختلفة عن دور استكشاف الفضاء، وأن نظام القانون الدولي الحالي والتعاون القائم ليس كافيا لمنع قيام صراع فوضوي للسيطرة على الموارد.
“الأسد باقٍ لبعض الوقت”
وفي الشأن الشرق أوسطي تابع أكثر من صحيفة، من بينها الغارديان والديلي تلغراف، تصريحات وزير الخارجية البريطاني جَريمي هانت لقناة سكاي نيوز بالإنجليزية عن الوضع السوري.
وتقول صحيفة الغارديان في متابعة كتبها محررها الدبلوماسي، باتريك وينتور، إن هانت أقر للمرة الأولى أن الدعم الروسي للنظام في سوريا يعني أن بشار الأسد سيظل في سدة السلطة “لبعض الوقت”.
ويضيف المحرر أن بريطانيا كانت في مقدمة الداعين إلى تنحي الرئيس السوري كجزء من عملية الانتقال لتشكيل حكومة جديدة، بيد أنه خلال العام الماضي اعترف دبلوماسيون بريطانيون بأنه ينبغي السماح للأسد بالتقدم للترشح لأي انتخابات ديمقراطية ترعاها الأمم المتحدة في سوريا.
ويضيف أن عددا من الدول العربية قد أقر أيضا أن الأسد قد بقي بعد سبعة أعوام من الحرب الأهلية وشرعت هذه الدول في تجهيز إعادة فتح سفارتها في دمشق.
وينقل التقرير تصريح وزير الخارجية البريطاني خلال رحلته الآسيوية الأخيرة الذي قال فيه “تعرفون أن الموقف البريطاني الثابت منذ وقت طويل هو أننا لن نحظى بسلام دائم في سوريا بوجود هذا النظام. ولكن للأسف، نعتقد أنه سيبقى لبعض الوقت، جراء الدعم الذي تلقاه من روسيا”.
وينقل التقرير أيضا عن هانت مخاطبتة لروسيا بالقول “قد تعتقد روسيا أنها اكتسبت مجال نفوذ، وما يمكن أن نقوله لهم هو : نعم، ولكنكم أيضا اكتسبتم مسؤولية. وإذا كنتم ستشاركون في سوريا فعليكم إذن التأكد من وجود سلام حقا في سوريا، وهذا يعني التأكد من أن الرئيس الأسد لن يستخدم أسلحة كيميائية”.
ما الذي يمكن أن تنجزه القوات الجوية الروسية في سوريا؟
ويقول محرر الصحيفة إن تصريحات هانت تثير أسئلة بشأن هل ستكون القوى الغربية راغبة في رفع العقوبات التي تفرضها على نظام الأسد ورفع تعليقها لتزويد سوريا بالمساعدات لإعادة بنائها.
ويخلص إلى القول إن الاتحاد الأوروبي قال إنه لن يقدم مثل هذه المساعدات حتى يتلقى ضمانات بعقد انتخابات ديمقراطية في سوريا.
أبل واضطراب الأسواق المالية
وفي الشأن الاقتصادي اهتم معظم الصحف بما وصفه بيان لشركة أبل بأنه “أكثر يوم عتمة في عصر الآيفون” في إشارة إلى تحذير شركة أبل من انخفاض مبيعاتها في الصين.
وقد احتلت تغطية صحيفة الفايننشال تايمز صدر صفحتها الأولى وأرفقتها بمقالات تحليلة في صفحاتها الداخلية، وقالت التايمز في التقرير الذي كتبه محررها الاقتصادي، جيمس دين، بهذا الشأن إن شركة أبل أطلقت حالة إنذار في وول ستريت بعد ما أسمته “اليوم الأكثر عتمة”، وقد شهدت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة أكبر انخفاض لها منذ عام 2013.
ويضيف التقرير أن ما مجموعه 75 مليار دولار قد نقص من قيمة شركة التكنولوجيا، التي تعد أكبر شركة في العالم وأول مجموعة تصل قيمتها إلى تريليون دولار حتى نوفمبر/تشرين الثاني.
وتضع الفايننشال تايمز عنوانا رئيسيا في صفحتها الأولى يقول “تحذيرات (فرع) أبل بالصين تتسبب في اهتزاز أسواق الأسهم”.
وتقول الصحيفة إن تحذير أبل المفاجئ بشأن ضعف مبيعاتها في الصين قد أثار المخاوف بشأن صحة الاقتصاد العالمي وقرع أجراس الإنذار في الأسواق المالية وقاد المتعاملين فيها إلى تكثيف رهاناتهم على ترجيح قيام البنك الفيدرالي الأمريكي بتخفيض معدلات الفائدة بدلا من رفعها في عام 2019.
وتضيف الصحيفة أن أول انخفاض في توقعات واردات الشركة المصنعة لهواتف آيفون منذ 16 عاما جعل الأسهم تنخفض بنسبة 9 في المئة يوم الخميس. وهو أكبر انخفاض في يوم واحد خلال خمس سنوات. وأشعل عملية بيع أسهم واسعة وسط قلق المستثمرين بشأن وضع الأسواق الصينية.
وتنقل الصحيفة عن كيفن هاسيت، رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، قوله إن “الحرب التجارية الأمريكية الصينية قد تقود إلى أن يرى عدد أكبر من الشركات عوائد وأرباح منخفضة هذا العام”.
احتجاجات السودان
وتخصص الصحيفة ذاتها مقالا افتتاحيا لتناول الاحتجاجات الدائرة في السودان تحت عنوان: “احتجاجات السودان تحمل رائحة الربيع العربي”.
وتقول افتتاحية الصحيفة إن الرئيس السوداني، عمر البشير، لديه قدرة استثنائية على البقاء جعلته يتحمل سنوات من العزلة الدولية ويخمد عددا من الانتفاضات ضد حكمه منذ سيطرته على السلطة في انقلاب دعمه الإسلاميون في 1989.
وتشير الصحيفة إلى أنه إذا كان من غير الحكمة وفق هذه الرؤية توقع أن يكون رحيل البشير عن السلطة وشيكا، فإن الاحتجاجات التي انتشرت خلال الأسابيع الماضية في مدن وبلدات في عموم البلاد تشير فعلا إلى أن يوم حسابه يقترب.
وترى الصحيفة أن مثل هذا اليوم إذا جاء سيشكل لحظة أمل عظيمة في القرن الأفريقي ولكن لحظة خطر حقيقي بشكل مواز.
وتوضح بالقول إن التحرر مما تسميه “وصمة عار” في أن يكون شخص متهم بجرائم حرب على رأس الدولة، سيطلق بعملية انتقال سياسي تدار بشكل جيد، إمكانيات هائلة للاقتصاد السوداني، ولكن في الوقت نفسه يمكن لنهاية فوضوية للنظام أن تجلب للبلاد أعواما من النزاع والاضطراب.
وترى الصحيفة أن البشير يحظى ببعض الدعم من دول الخليج منذ وقوفه في صف المملكة العربية السعودية في معاركها في الشرق الأوسط ، ولكن إذا غرقت البلاد في هذا المأزق (الاحتجاجات) فإنها تحتاج إلى ما هو أكبر من هذا الدعم بكثير.
وتخلص الى أن جذور الأزمة الاقتصادية في جوهرها سياسية، ولتجاوزها، ثمة حاجة إلى جذب الاستثمارات والتخلص من المديونية المتراكمة التي تصل إلى 56 مليار دولار، لذا تخلص إلى ضرورة بداية سياسية جديدة، لكنها تستدرك أن مثل هذه البداية غير مرجحة مع بقاء البشير في السلطة.
طرابلس بين الصين وسوريا
وتنشر الصحيفة ذاتها تقريرا من مراسليها في بكين ولبنان يشير إلى أن ميناء طرابلس اللبناني يسعى لأن يكون مركز محوريا للاستثمارات الصينية في مجال إعادة بناء سوريا.
وينطلق التقرير من رسو سفينة شحن تابعة لشركة كوسكو، شركة الشحن البحري المملوكة للحكومة الصينية، في ميناء طرابلس اللبناني، مُدشنة أول رحلة في مسار بحري جديد للشركة من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط.
ويقول التقرير إن وصول السفينة كان محفزا للبنان بشأن ما يقال إنه اهتمام بكين بجارته سوريا.
ويوضح التقرير أنه بعد سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد على معظم مناطق سوريا وسعيه لإعادة بناء المدن المدمرة، يسعى لبنان للحصول على حصة من الأموال التي ستضخ في عملية إعادة البناء المتوقع أن تصل تكاليفها إلى 200 مليار دولار.
ويشير التقرير إلى أن طرابلس لا تبعد سوى 35 كيلومترا عن الحدود السورية، لذا تسعى إلى تسويق نفسها كمركز لوجستي لعمليات إعادة البناء.
ويضيف أن الصين واحدة من الدول القليلة التي تمتلك المال اللازم والنفوذ الدبلوماسي لقيادة عملية إعادة البناء في سوريا، وقد أبدت اهتماما في المشاركة وأرسلت وفودا إلى سوريا ولبنان، ولكن على الرغم من الآمال المعقودة في بيروت على ذلك، لم تبد بكين حتى الآن أي التزام ثابت بهذا الصدد.