كريتر نت – DW
يعتقد خبراء ومحللون أن خسائر بوتين العسكرية والاقتصادية قد تدفع مشهد الصراع للوصول إلى واحد من خمس سيناريوهات أخطرها سيناريو انفتاح الشهية الروسية في أوروبا بما يدفع نحو حرب عالمية ثالثة.
بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاثة أسابيع، في ما يأتي السيناريوهات المحتملة لما قد يحدث لاحقاً وفق تقديرات مصادر حكومية وعسكرية غربية وخبراء من مراكز أبحاث.
لا تزال القوات الأوكرانية تقاوم القوات الروسية، وتكبدها خسائر فادحة في العتاد والعديد، إذ صدّ الأوكرانيون بشكل حاسم محاولة من قوات المظليين للاستيلاء على العاصمة في أيام الحرب الأولى، قبل أن يتراجعوا مذاك إلى مواقع دفاعية مكنتهم من إبقاء سيطرتهم على جميع المدن الاستراتيجية.
وجاء في تقرير لوزارة الدفاع البريطانية الخميس أن “الغزو الروسي تعثّر إلى حد كبير على كل الجبهات”. لكن المقاومة العسكرية الأوكرانية لها تكلفة مدنية عالية، فقد قتل الآلاف ودمرت مدن مثل ماريوبول وخيرسون.
قد تدفع الخسائر المتزايدة في ساحة المعركة والعقوبات الغربية الخانقة للاقتصاد الروسي الرئيس فلاديمير بوتين للبحث عن وسيلة لإنهاء النزاع تحفظ ماء وجهه.
1- خيارات صعبة
كتب خبير الحروب في جامعة أكسفورد روب جونسون هذا الأسبوع أن “أوكرانيا قد تكون قادرة على إجبار روسيا على اتخاذ خيار: الاستمرار وتكبد خسائر لا يمكن تعويضها، أو التوقف وإبرام اتفاق سلام يحقق بعض أهدافها”.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء إن الجانبين “على وشك الاتفاق” على صفقة تقبل بموجبها أوكرانيا بأن تكون دولة محايدة على غرار السويد والنمسا.
وأقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علناً بأن بلاده لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي العسكري الغربي – وهذا مطلب رئيسي للكرملين.
لكن رغم أن فرص التوصل إلى اتفاق تعززت بشكل كبير في الأيام الأخيرة، لا يوجد ما يشير إلى التوصل لوقف لإطلاق النار، إذ تريد أوكرانيا انسحابا روسيا كاملا وضمانات أمنية بشأن المستقبل. ويرى بعض منتقدي بوتين أنه يستعمل الدبلوماسية ستاراً لمواصلة الحرب.
2- تصدعات في النخبة الحاكمة الروسية
يعمل بوتين على تشديد قبضته على المجتمع الروسي. إذ عززت الحملة ضد وسائل الإعلام المستقلة والأجنبية من هيمنة الإعلام الحكومي الروسي شديد الولاء للسلطة.
اعتقل آلاف المتظاهرين المناهضين للحرب، وأقر قانون جديد ينص على عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما لكل من ينشر “أخباراً زائفة” عن الجيش.
لكن هناك مؤشرات على حدوث تصدعات في النخبة الحاكمة، إذ دعا بعض الأوليغارش والنواب وحتى مجموعة النفط الخاصة “لوك أويل” علنا إلى وقف إطلاق النار أو إنهاء القتال.
ورفعت صحفية روسية لافتة كتب عليها “لا للحرب” خلال بث نشرة الأخبار في وقت الذروة على التلفزيون الحكومي هذا الأسبوع.
3- سقوط بوتين
لا يمكن استبعاد احتمال سقوط بوتين في احتجاج شعبي عنيف أو حتى انقلاب من داخل السلطة، لكن ذلك لا يبدو مرجحاً في هذه المرحلة.
وقال الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن إليوت كوهين إن “أمنه الشخصي جيد للغاية وسيظل جيداً حتى اللحظة التي يتغير فيها الأمر”. وأضاف “لقد حدث ذلك مرات عدة في التاريخ السوفياتي والروسي”.
4- استمرار الغزو الروسي
بالنظر إلى الأسلحة المتفوقة للقوات الروسية، والقوة الجوية والاستخدام العشوائي للمدفعية، يرى محللو دفاع غربيون أنها قادرة على مواصلة التقدم.
وكان مسؤول عسكري أوروبي كبير قد حذر الأربعاء من الاستخفاف بقدرة القوات الروسية على تجديد تكتيكاتها وتكيّفها. وقال المسؤول إن روسيا لديها على ما يبدو مشاكل لوجستية ومعنوية، مع نقص في الوقود وحتى في زيوت المحركات. وأضاف “لكن علينا ألا نتجاهل أن كل ذلك لا يغير تفوق الجيش الروسي”.
تجنّد موسكو علانية مرتزقة من سوريا لدعم قواتها، وتستخدم أيضا مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة التي يحيط بها كثير من الغموض. لكن حتى لو سيطر الروس على مدن استراتيجية مثل كييف أو أوديسا الساحلية جنوب البلاد، فسيواجه بوتين بعد ذلك تحديا في الاستمرار في احتلالها.
أوكرانيا لها حدود مع أربع دول سوفياتية سابقة أصبحت الآن أعضاء في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يُعتبر الهجوم على عضو واحد فيه هجوما ضد كل الأعضاء.
– حرب عالمية “نووية”
حنين بوتين إلى الاتحاد السوفياتي وتعهده حماية الأقليات الناطقة بالروسية – الموجودة أيضا في دول البلطيق – يطرح سؤالاً مفتوحاً حول طموحاته الإقليمية.
قلة هم الذين يتوقعون أن يهاجم بوتين مباشرة دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، الأمر الذي ينطوي على خطر حصول هجوم نووي، لكن محللين حذروا من حدوث استفزازات روسية لا تصل إلى حد إشعال فتيل حرب.
أمر بوتين بوضع الردع النووي الروسي في حال تأهب قصوى، كما حذر وزير الخارجية لافروف من أن “الحرب العالمية الثالثة لا يمكن إلا أن تكون حربا نووية”.
ويقول محللون غربيون إن مثل هذه التحذيرات يجب أن تعتبر بمثابة موقف لردع الولايات المتحدة وأوروبا عن التفكير في مقترحات مثل فرض “منطقة حظر طيران” فوق أوكرانيا.