كريتر نت – العين الإخبارية
صباح 15 مارس/آذار الجاري، استيقظ سكان أبين اليمنية على خبر تفجير إرهابي استهدف اغتيال مسؤول بارز في قوات الأحزمة الأمنية الجنوبية.
لم تكن هذه أول عملية إرهابية، إذ أعتاد اليمنيون على أصوات الانفجارات بما فيه هجمات السيارات المفخخة الدامية والتي لم تنج منها حتى عدن، بيد أن الهجوم الأخير حمل مؤشرا مخيفا بشأن تنامي نشاط تنظيم القاعدة الإرهابي بدعم حوثي مباشر وتسهيلات إخوانية، بحسب مراقبين.
ورأى الكثير من اليمنيين بينهم مسؤول أمني تحدث لـ”العين الإخبارية”، فضل عدم ذكر اسمه، أن الهجوم من تدبير تنظيم القاعدة الإرهابي واستهدف الإطاحة بالعميد عبداللطيف السيد باعتباره خصما تاريخيا للتنظيم وشكل حجرة عثرة أمام تمدده في المحافظة المطلة على بحر العرب وصولا للعاصمة المؤقتة عدن.
كما لم يستبعد المسؤول التنسيق بين التنظيمات الإرهابية خصوصا الثلاثي الأسود الحوثي، القاعدة، والإخوان، حيث تسعى المليشيات التي ترتبط بتحالف غير معلن بالتنظيمين الإرهابيين إلى استهداف القادة الفاعلين عسكريا وأمنيا لتعبيد الطريق أمام عودتها جنوبا.
ويعد تفجير أبين الغادر إحدى 3 عمليات إرهابية للقاعدة خلال نحو شهر وقد امتدت إلى خطف موظفين في مكتب الأمم المتحدة في عدن وآخرين في أطباء بلا حدود.
ففي منتصف فبراير/شباط الماضي، اختطف مسلحو القاعدة 5 موظفين أمميين أحدهم أجنبي إلى موقع محصن في مديرية “مودية” شرق أبين، في عملية إرهابية اعتبرت دليل تنسيق مع الحوثيين وترمي إلى نشر الفوضى جنوبا وإجبار المنظمات الدولية للعودة للعمل من صنعاء.
ومطلع الشهر الجاري، اختطفت عناصر للتنظيم الإرهابي موظفين أجنبيين لمؤسسة دولية في مديرية قطن في وادي حضرموت (شرق) ما دفعها إلى تعليق عملها بالفعل في محافظة مأرب للضغط على السلطات المعترف بها للتحرك في انقاذ موظفيها.
وصنف يمنيون مؤخرا تنظيم القاعدة الإرهابي باعتباره ذراع مليشيات الحوثي، وأظهرت أدلة أمنية رسمية استخدام الانقلابيين للقاعدة ضدّ مناهضي مشروعهم مقابل تسهيلات للتنظيم كتوفير ملاذ آمن في البيضاء وإطلاق سراح عناصره في سجون المخابرات بصنعاء وغيرها.
الإخوان وتوفير بيئة للإرهاب
على الجبهة السياسية، ينظر اليمنيون جنوبا إلى قوات موالية لحزب الإصلاح، رافعة إخوان اليمن السياسية، بأنها وفرت مناخا آمنا لعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي وأعطته فائض القوة لعودة عملياته الإرهابية في أبين وحضرموت.
وتنتشر قوات موالية للإخوان في أجزاء من محافظتي حضرموت وأبين، إلا أن غالبية هجمات التنظيم استهدفت بدرجة أساسية القوات الجنوبية أبرزها “الحزام الأمني” و”النخبة الحضرمية” و”النخبة الشبوانية”، والتي دفعت الثمن باهظا.
وشاركت القوات الجنوبية بدعم من التحالف العربي في كل معارك حرب الإرهاب منذ 2015 وذلك بعد أن سمحت مليشيات الحوثي لتنظيم القاعدة بتوسيع رقعة سيطرته شرقا وجنوبا وصولا لمدن رئيسية كالمكلا عاصمة حضرموت قبل أن يتم تحريرها في إبريل/نيسان 2016.
ووفقا لمتحدث القوات الجنوبية المقدم محمد النقيب فإنه “لا يمكن الفصل بين أدوات التنفيذ في اختطاف موظفي الإغاثة الأمميين والعملية الإرهابية التي استهدفت محاولة اغتيال العميد عبداللطيف السيد”.
وأوضح أنه “لا يمكن الفصل بين تنامي النشاط الإرهابي الإجرامي في بعض المحافظات عن المناخ الآمن والظروف المواتية التي توفرها قوات الإخوان العسكرية والأمنية للعناصر الإرهابية المتطرفة في مناطق سيطرتها”، طبقا للنقيب.
وقال المتحدث العسكري لـ”العين الإخبارية”، إن “مؤشر عودة العناصر الإرهابية ارتفع إثر سيطرة الإخوان وقواتهم على أجزاء من أبين وحضرموت تزامنا مع تماهي إعلامي لعمليات الاختطافات التي تمارسها القاعدة”.
وأعرب المسؤول العسكري عن أسفه من عودة الإرهاب إلى مناطق في أبين كانت قد طهرتها القوات الجنوبية قبل أغسطس/آب 2019 بدعم من التحالف العربي وقدمت تضحيات كبيرة خلال عمليات نوعية ضد أوكار القاعدة.
وبشأن دور الحوثي والقاعدة، أكد متحدث القوات الجنوبية أن “الحوثيين يديرون بالفعل الإرهاب جنوبا ونملك أدلة مثبتة أحدثها اعترافات منفذي العمليتين الإرهابيتين التي استهدفتا موكب محافظ عدن ووزير الزراعة اليمني وبوابة مطار عدن الدولي العام الماضي”.
وأشار إلى أن العناصر الإرهابية تستخدم بمثابة ذراع طولى للإرهاب من قبل مليشيات الحوثي وأداة فوضى من قبل الإخوان للعمل في عدم استقرار الجنوب.
خلط أوراق
كلما زاد نشاط “القاعدة” في المحافظات الجنوبية، من خطف الأجانب إلى عمليات التفجير كلما تذكر السكان في حالة من الخوف وحشية التنظيم الإرهابي لسنوات طويلة ما دفعهم للمطالبة مؤخرا بتفعيل آليات محاربة الإرهاب.
وبحسب الناشط السياسي اليمني عمار علي فإن “عودة نشاط تنظيم القاعدة في المحافظات المحررة له أكثر من سبب وأكثر من هدف للأطراف التي بات من المعروف أنها تحرك نشاط التنظيم وهي جماعتي الإخوان والحوثي”.
وأوضح الناشط علي لـ”العين الإخبارية”، أن تركز نشاط تنظيم القاعدة في أجزاء من أبين وحضرموت تأتي بالتزامن مع ضغط سياسي للمجلس الانتقالي يستهدف تنفيذ اتفاق الرياض وسحب القوات العسكرية للجبهات مع مليشيات الحوثي بموجب نصوص الاتفاق.
وأشار إلى أن الاتفاق ينص أيضا على نشر قوات النخبة الحضرمية في وادي حضرموت وقوات الحزام الأمني في أبين وهي قوات صاحبة سجل حافل وبارز في دحر التنظيمات الإرهابية في هذه المحافظات خاصة.
ومن الواضح أن هناك طرفا يعرقل تنفيذ اتفاق الرياض سعى لتحريك القاعدة لخلط الأوراق جنوب اليمن، وفقا للناشط السياسي.
وتعد الرسالة الأكثر خطورة، طبقا للناشط السياسي، هو استهداف تنظيم القاعدة لموظفين في منظمات أممية ودولية لأول مرة وخلال فترة قصيرة جنوب اليمن، بهدف إجبار هذه المنظمات على مغادرة المناطق المحررة.
كما تستهدف إفشال جهود الحكومة المعترف بها دوليا في تقديم تجربة المنطقة الآمنة لعمل المنظمات والتي تضغط لنقل مقرات هذه الوكالات من يد مليشيات الحوثي في صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهنا يبرز بوضوح أيادي الحوثي في عودة نشاط القاعدة، وفق عمار.
وكان رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، ندد بعودة نشاط التنظيمات الإرهابية سيما هجوم أبين الآثم، ووجه الأجهزة الأمنية والعسكرية والحزام الأمني بمضاعفة التنسيق لملاحقة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة والقضاء على اوكارها وافشال خططها بالتنسيق مع شركاء اليمن في مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى التخادم الواضح بين مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية لزعزعة الامن والاستقرار في المحافظات المحررة، مشددا على أهمية اليقظة العالية ورفع الجاهزية الأمنية والاستخباراتية مع الرفض الاجتماعي والشعبي للحركات الإرهابية بطريقة تصب في مسار تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على عناصره.