كريتر نت – الأناضول
منذ نشوب الحرب الروسية الأوكرانية والأزمة الناتجة عنها، تصاعدت حدة المخاوف في المنطقة من تأثيرات الحرب، خصوصاً على الوضع الاقتصادي والمعيشي وسوق الطاقة.
غير أن مخاوف اليمنيين تبدو أكبر لما تشكله الأزمة والحرب في أوكرانيا، من تهديد على الأمن الغذائي، المهدد أصلاً نتيجة حرب سبع سنوات متواصلة بين الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي، وجماعة الحوثي.
في 25 فبراير/شباط الماضي، بعد يوم من اندلاع الحرب، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن الحرب في أوكرانيا “ستؤدي على الأرجح إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء في اليمن”.
وقال البرنامج في بيان: “يؤدي تصعيد الصراع في أوكرانيا إلى زيادة أسعار الوقود والغذاء، وخاصة الحبوب في اليمن، الذي يعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد”.
جاء هذا التنبيه بعد أن كان البرنامج قد اضطر إلى خفض الحصص الغذائية، لثمانية ملايين شخص في اليمن، في بلاد تقف على حافة المجاعة.
في جوانب أخرى، تلقي الحرب الروسية على أوكرانيا بظلالها على الواقع اليمني المأزوم، على جميع المستويات، خاصة فيما يتعلق بالجانب الإنساني والعسكري.
كما تلقي الأزمة على الأطراف اليمنية التي ترتبط بأطراف خارجية مؤثرة هي الأخرى على الأزمة الأوكرانية، وما يتعلق بالطاقة، وإن بتأثيرات أقل من تأثر الأمن الغذائي.
التأثيرات السلبية للأزمة الأوكرانية على اليمن، باتت أمرا متفقا عليه لدى المهتمين بالشأن اليمني، غير أن هناك من يرى تأثيرات إيجابية، لكنه أقل بكثير من التأثيرات السلبية التي تمس حياة اليمنيين بصورة مباشرة.
الأمن الغذائي
رئيس مركز الاعلام الاقتصادي في اليمن مصطفى نصر، يؤكد أن التأثيرات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية، سلبية على اليمن، أبرزها تأثر حجم استيراد القمح إلى اليمن، بشكل مباشر من روسيا وأوكرانيا،.
وقال نصر في حديث مع الأناضول، إن حوالي ثلث الكميات المستوردة من القمح إلى السوق اليمنية، يأتي من هاتين الدولتين.
“إن الكمية المستوردة من القمح إلى اليمن، ستتأثر بشكل مباشر، وسيدفع المستوردين للبحث عن مصادر بديلة، التي عادة ما تكون أعلى وأكثر كلفة”.
وأوضح أن ارتفاع أسعار القمح عالمياً، سيؤثر سلبياً على اليمن الذي يستورد معظم احتياجاته من القمح من الخارج، بما يساوي 90 بالمئة من الاحتياج.
ولا تتوفر أرقام رسمية حول حجم استهلاك اليمن من القمح، بسبب الانقسامات السياسية والجغرافية، وأثرها على صعوبة إحصاء الأرقام الرئيسة.
وارتفعت أسعار القمح تسليم ظهر السفينة عالميا، إلى متوسط 450 دولارا للطن الواحد، صعودا من متوسط 290 – 310 دولارات للطن قبل الحرب.
الأمر الآخر بحسب نصر، هو تأثير الأزمة بشكل عام خصوصاً على أسواق النفط، وما يلحقه من تأثير على أسعار الشحن والنقل، التي تؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي في البلاد.
يعتقد رئيس مركز الإعلام الاقتصادي، أنه لا توجد أية مكاسب لليمن إزاء ما يحدث في أوكرانيا، حيث أن العالم كله سيتضرر، غير أن الدول النامية والفقيرة كاليمن التي تواجه أزمة إنسانية مستفحلة، فإنها تتضرر بشكل مضاعف.
واستدرك: “الأمر الوحيد الذي يمكن أن يكون مكسباً، هو أن هذه التأثيرات قد تدفع الناس للاهتمام بالزراعة وإنتاج الحبوب على المستوى المحلي”.
** خسائر مؤكدة
يشرع المحلل الاقتصادي اليمني وحيد الفودعي، بالإشارة إلى المشكلة الاقتصادية في اليمن، التي يرى أنها معقدة ومتداخلة، وأهمها المضاربة في أسعار الصرف، وعدم قدرة البنك المركزي على التحكم بها.
ويذهب الفودعي في حديث للأناضول، أن موضوع التذبذبات في أسعار صرف العملة، سيصبح أكثر تأثراً بسبب الأزمة في أوكرانيا، التي أثرت على الاقتصاد العالمي، فهي ستؤثر بالضرورة على الاقتصاد اليمني.
وتسببت الأزمة الأوكرانية في ارتفاع مؤشر الدولار وكلفته على العملات الأخرى، ما سيدفع أسعار السلع المقومة بالعملة الأمريكية للصعود.
أمام هذه الصعوبات، اعتبر الفودعي أن الحكومة اليمنية اليوم أمام مهمة البحث عن بدائل لاستيراد الحبوب التي كان يتم استيرادها من أوكرانيا وروسيا.
إلا أن وفرة السلع الرئيسة تواجه تذبذبا اليوم مع ارتفاع الطلب العالمي على تخزين السلع الاستراتيجية وبناء احتياطات من القمح والحبوب والمعادن، تجنبا لمستقبل أكثر ضبابية، ما يعني زيادة الصعوبات على الاقتصاد المحلي.