كريتر نت – متابعات
قالت الباحثة البريطانية البارزة هيلين لاكنر “إن فشل الحوثيين في السيطرة على مدينة مأرب والخسائر البشرية الكبيرة التي تعرضوا لها طوال العامين السابقين، هو السبب الحقيقي وراء زيادة استعدادهم للتفاوض وموافقتهم على الهدنة التي جاءت برعاية الأمم المتحدة لمدة شهرين في اليمن”.
وأضافت في مقابلة مع مجلة «The New Politics» الامريكية، بالقول، لقد كان الكل يقول منذ البداية أنه لا يوجد حل عسكري لهذه الحرب، معتبرين بأن هنالك حل سياسي فقط أنا أعتبر هذا بمثابة بيان لا معنى له، فإذا نظرت إلى أي حرب، ستجد دائمًا حلًا سياسيًا في النهاية.
لكن متى يحدث ذلك؟
وفق الباحثة لاكنر، “يحدث ذلك إما عندما يفوز أحد الطرفين ويخسر الآخر، أو عندما يصل الطرفان إلى مثل هذا المأزق لفترة طويلة لدرجة أنهما يتخليا عن محاولة تحقيق النصر”.
في هذه الحالة بالذات، تعتقد لاكنر “أننا أمام وضع من المحتمل أن يكون فيه عنصر الجمود هو العنصر الأقوى، لأن الحوثيين على مدى العامين الماضيين كانوا يحاولون شن هجوم كبير للاستيلاء على آخر معقل للحكومة في الجزء الشمالي لليمن، مكان يسمى مأرب، وقد فشلوا في ذلك”.
وبحسب الباحثة، “فشلوا لأن القوات المناهضة للحوثيين قد اتحدت في النهاية وقاتلت بالفعل لمنعهم من احتلال هذا المكان، بعد عاميين من حقيقة الهجوم العسكري، وقتل الكثير من الأشخاص قد قُتلوا في هذه العملية”.
وتابعت: “وفي زيادة استعداد الحوثيين للتفاوض، فقد تم منحهم مطالبهم الأساسية وهي إعادة فتح مطار صنعاء وإنهاء حصار الحديدة، على الاقل مؤقتًا”.
وتعتقد الباحثة البريطانية، أن هناك المزيد من الأمل في هذه المرحلة للوصول إلى نوع من إنهاء القتال في اليمن، ربما في غضون عام أو نحو ذلك، لأنه لا يزال هناك قدر هائل من النقاش المطلوب.
وقالت: “أن الرهانات تتمحور بشكل أساسي حول نوع الدولة التي ستوجد بعد انتهاء الصراع، وما هو نوع النظام الذي سيكون له، وكيف سيستمر شعب اليمن في البقاء”.
هجمات الحوثيين الفاشلة
رغم الهجمات الحوثية المكثفة التي نفذتها ميلشيات الحوثي على مأرب خلال العامين الماضيين، لا تزال المحافظة عصية على السيطرة، وتعثرت الميلشيات في تحقيق هدفها الأساسي في السيطرة على المحافظة النفطية الاستراتيجية، وإنهاء نفوذ الحكومة الشرعية والتي تعد آخر معاقلها.
ومنذ مطلع العام الجاري، تحولت مهمة الجيش اليمني من حالة الدفاع إلى الهجوم، ونجح في استعادة مساحات واسعة كان قد خسرها أمام جماعة الحوثي العام الماضي، والتي تركزت في الجانب الغربي من المحافظة، سيما مديرية صرواح التي تبعد عن وسط مدينة مأرب نحو 25 كيلو متر.
وفي 19 مارس/ آذار 2021، تمكن مسلحي جماعة الحوثي من السيطرة على جبل هيلان الاستراتيجي في المديرية نفسها، وهيلان سلسلة جبلية يبلغ طولها أكثر من 13 كم، وتشرف على طريقين رئيسين يربطان صنعاء بمدينة مأرب، وتطل على مناطق عدة في مديرتي صرواح، ومدغل.
وتمكنت الجماعة بهذا التقدم من تحقيق اختراق أوسع باتجاه منطقتي “المشجح” و “الكسارة” بصرواح، اللتان تشهدان معارك شبه يومية وسط تعثر الحوثيين في تحقيق مزيد من المكاسب الميدانية، وأدى تعثر الحوثيين في تحقيق اختراق نوعي في هاتين الجبهتين خلال النصف الثاني من العام الماضي إلى جرف حملتها العسكرية جنوبا.
وفي سبتمبر 2021، شن الحوثيون هجوما تمكنوا فيه من السيطرة على مديرية “حريب” وأيضا “العبدية” التي ترتبط بخط إمداد وحيد مع “حريب” جنوب مدينة مأرب، وبعد نحو شهر من الحصار والمعارك الطاحنة نجح الحوثيون في اقتحام “العبدية” والسيطرة عليها بشكل كامل.
مطلع يناير/ 2022، أطلقت ألوية العمالقة التابعة للجيش اليمني عملية عسكرية واسعة في محافظة شبوة النفطية المحاذية لمأرب، وفي العاشر من الشهر ذاته، أعلنت هذه الألوية تحرير كامل مديريات شبوة بعد معارك عنيفة مع الحوثيين، والتقدم في مناطق واسعة واستعادت مديرية حريب في مأرب.
وعلى مدى عام كامل منذ بدء هجوم الحوثيين على مأرب، نفذ التحالف العربي (بقيادة السعودية) مئات الضربات الجوية دعما للقوات الحكومية، وفي نوفمبر 2021 أعلن التحالف العربي، مقتل 27 ألفا من مسلحي جماعة الحوثي في المعركة الدائرة بمحافظة مأرب.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مسؤول في وزارة الدفاع التابعة للحوثيين قوله، إن الجماعة خسرت 14 ألفا و700 مقاتل في مأرب خلال خمسة أشهر، فيما قتل نحو 1250 جنديا من الجيش اليمني، خلال الفترة ذاتها، وفق مسؤول حكومي.