كريتر نت العرب
بدأ مجلس القيادة الرئاسي رسميا مهامه من عدن في تدشين لمرحلة جديدة يأمل من خلالها اليمنيون في أن تقود البلاد إلى السلام، لكن الأمر لا يخلو من تحديات لاسيما مع وجود قوى بعضها محسوب على الشرعية، ليست في وارد التسليم بالتحول الجديد في المشهد وتسعى إلى تعقيد مهمة المجلس عبر توظيف الورقة الأمنية.
وأدى مجلس القيادة الرئاسي اليمني اليمين الدستورية الثلاثاء، أمام البرلمان المنتخب في العام 2003، وذلك في تتويج لعملية نقل السلطة التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري على إثر مفاوضات يمنية – يمنية تمت برعاية مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض.
وحضر أداء اليمين لرئيس المجلس رشاد العليمي وباقي الأعضاء السبعة في العاصمة المؤقتة عدن، عدد من السفراء الأوروبيين والعرب وكذلك المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ.
ويشكل الحضور العربي والدولي رسالة دعم ومباركة للمجلس، الذي يراهن عليه في إحداث نقلة على مستوى عمل الشرعية، التي شابها الكثير من أوجه القصور خلال السنوات الثماني الماضية، جراء عجز الرئيس السابق عبدربه منصور هادي عن توحيد الصف اليمني وخضوعه لشق جماعة الإخوان الممثلة في حزب الإصلاح.
ولطالما حث المجتمع الدولي على ضرورة توحيد صفوف القوى الموالية للشرعية لتعزيز فرص نجاح التسوية السياسية، ويمثل المجلس الحالي جميع القوى المؤثرة والتي تمتلك ثقلا سياسيا وعسكريا في الساحة اليمنية، وقد أعلن هذا المجلس، عقب تفويضه، عن أنه يضع في سلم أولوياته تحقيق السلام، لكنه على استعداد لخيار الحرب في حال رفض الحوثيون الاستجابة للمبادرات المطروحة.
◙ الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي سلم في السابع من أبريل إلى مجلس القيادة الرئاسي جميع صلاحياته
وكان رئيس وأعضاء المجلس قد وصلوا في وقت سابق إلى عدن، سبقهم في ذلك أعضاء البرلمان الأحد، وتشكل هذه العودة وأداء المجلس لليمين الدستورية بداية لمرحلة جديدة، بعد سنوات من التقاعس أثرت بشكل واضح على أداء الشرعية سواء كان في المواجهة مع المتمردين الحوثيين، أو في التعاطي مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في المناطق المحررة.
وقال مسؤول حكومي “لقد أدّى رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وأعضاء المجلس… اليمين الدستورية في مدينة عدن أمام رئيس (سلطان البركاني) وأعضاء مجلس النواب بحضور رئيس الحكومة ووزرائها”، وتلا ذلك منح الحكومة التي انبثقت عن اتفاق الرياض الثقة.
وانتخب أعضاء مجلس النواب اليمني البالغ عددهم ثلاثمئة وواحد في العام 2003، ولم تجر انتخابات منذ ذلك الحين. وفيما أن 143 من هؤلاء يؤيدون الحكومة، فإن 90 يدعمون الحوثيين ويشاركون في جلسات في صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين، بحسب برلمانيين. كما أن هناك 23 لا يؤيدون أي طرف، فيما توفي 45 من مجموع الأعضاء الذين انتخبوا قبل 19 عاما.
وأوضح المسؤول الحكومي أن الجلسة تمت في ظل إجراءات أمنية مشددة خوفا من التعرض لهجوم، موضحا أنّ قوات الأمن “عزّزت إجراءاتها حول موقع انعقاد الجلسة وانتشر المئات من الجنود في شوارع المدينة” الساحلية الجنوبية.
ولا تخفي بعض القوى في الداخل على غرار جماعة الإخوان عداءها للمجلس الجديد، وهو ما ترجم في ردود فعل بعض الشخصيات النافذة المحسوبة عليها، ويعود ذلك إلى استشعار الجماعة بأنه تم سحب البساط منها وأن المجلس الجديد يشكل تهديدا مباشرا لمصالحها ونفوذها، وسط مخاوف من أن تعمد هذه القوى إلى التنسيق مع المتمردين وبعض التنظيمات المتطرفة الأخرى كالقاعدة لإثارة القلاقل في المناطق المحررة.
وكان لافتا خروج تنظيم القاعدة ببيان مطول هاجم فيه المجلس والدول الخليجية التي رعت عملية تشكيله. متوعدا بشن المزيد من العمليات الإرهابية.
وقال التنظيم الجهادي إن “قيادة المجلس الرئاسي لا تعدو كونها ضمانا للتبعية والولاء للسعودية والإمارات والغرب الصليبي وأن رشاد العليمي من رجال أميركا ويشهد له تاريخه الأسود الأمني في سبيل أميركا”.
ويرى متابعون أن إطلالة التنظيم المتطرف الذي ينتشر في مناطق واسعة في اليمن وبينها محافظات تقع تحت سيطرة الشرعية، ليس بريئا، وأن هناك أطرافا تحرك التنظيم من وراء الستار، في محاولة لخلط الأوراق وتعقيد مهمة المجلس الجديد.
الحضور العربي والدولي يشكل رسالة دعم ومباركة للمجلس، الذي يراهن عليه في إحداث نقلة على مستوى عمل الشرعية
ويشير المتابعون إلى أن هذه الأطراف تعمل على إطالة أمد الصراع وهي تتقاطع في ذلك مع قوى إقليمية، تسعى إلى إبقاء السعودية في رمال اليمن المتحركة، لافتين إلى أن المجلس الجديد سيكون أمام تحدي إجهاض هذه المخططات التي يجري العمل عليها.
وسلم الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي في السابع من أبريل إلى مجلس القيادة الرئاسي جميع صلاحياته، وذلك في ختام مشاورات لجماعات رئيسية بينها المجلس الانتقالي الجنوبي في الرياض.
وجاءت الخطوة في وقت يشهد اليمن هدنة بين المتمردين الحوثيين الموالين لإيران والحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، أحيت الأمل بأن تؤدّي إلى مفاوضات تنهي النزاع بين الطرفين الذي تسبّب بحسب الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.