فاضل المناصفة
تدخل الحرب في روسيا شهرها الثالث مع استمرار صمود فولوديمير زيلينسكي بدعم من الغرب، وذلك على الرغم من خسارته لمدينة استراتيجية قد ترسم ملامح جديدة لمسار الحرب، بينما يسابق فلاديمير بوتين الزمن لحسم المعركة قبل أن تصل المساعدات العسكرية الأميركية إلى كييف مع تصميم الإدارة الأميركية على أن يكون هناك جديد في هذا الشهر، إما من خلال الدفع نحو حل سياسي للأزمة حفظا لماء الوجه، أو الاعتراف بالفشل أمام بوتين وترك زيلينسكي يواجه مصيره لوحده ومنحه بعض الأسلحة للدفاع عن بلده إلى آخر رمق.
زيارة أنطونيو غوتيريش إلى موسكو ستحدد ما إذا كان الروس مستعدين لوقف الحرب، وهي زيارة تحمل في مضامينها نية الغرب اللجوء إلى استعمال أسلوب الدبلوماسية بدلا من العقوبات الاقتصادية التي لم تكن كافية لردع الروس عن خيارهم العسكري.
ويرجح أن غوتيريش سيقدم عرضا لموسكو قد يساهم في حل الأمور ويحفظ ماء وجه الغرب أمام نجاح بوتين في الالتفاف على خطة الولايات المتحدة في محاربته اقتصاديا، وإيقاف زحفه المتواصل نحو العاصمة كييف، الذي يبدو بطيئا ولكنه مدروس بحذر من قبل بوتين.
لقد أثبتت الجولة الأولى من الحرب، قبل وقوع ماريوبول في يد الروس، أن بوتين متجاهل تماما للوضع الإنساني الخطير داخل أوكرانيا، والذي ينذر بحصول المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك استعداد من قبل بوتين لقبول الحل السياسي أم أن الرجل قد غاص في الوحل ولم يعد بالإمكان التفكير في العودة إلى الوراء؟
بالطبع بوتين يعلم يقينا أن الغرب غير مستعد لتقديم تنازلات في أوكرانيا لأن تقديمها سيكون بمثابة موقف ضعف، ورغم ذلك يصر الكرملين على أن تأتي التنازلات من الطرف الآخر، لتصل الرسالة إلى السويد وفنلندا بأن الغرب قد يتخلى عنهما بنفس الطريقة التي مورست في حق أوكرانيا، التي دُفعت للانضمام إلى الناتو ووُرّطت مع الدب الروسي.
حتى وإن أظهر الغرب مساندته العسكرية لكييف إلا أنها مساعدة تأتي متأخرة وغير قادرة على قلب موازين القوى، مادام الجيش الروسي هو من يهاجم وهو من يفرض قواعد اللعبة.
كما أن بوتين لا يملك خطوطا حمراء في الحرب وبإمكانه استعمال السلاح الكيمياوي، ولا يؤمن بأن هناك أخلاقا في الحرب، ومستعد لجعلها أكثر قذارة مما سبق.
يكفي فقط أن احتفالات أعياد الفصح أتت تحت صوت المدفعية والدبابات ولم تراع أيّ شيء آخر.
لقد فشل الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانكوفيتش مع بوتين في القرم، وفشل الغرب معه أيضا في سوريا، وهم يتجهون إلى الفشل مع خطة بوتين لضم أوكرانيا بأكملها، بالرغم من العقوبات الأميركية والأوروبية التي لم ولن تنجح في ردع تحرك الجيش الروسي ولا حتى عزل روسيا عن نصف الكرة الأرضية، وهو ما يعني الآن أن الغرب يحس بالإحراج، وقد ظهر هذا في التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والتي أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الغرب سيمضي نحو قبول ضم دونباس ودونيتسك مقابل ترك ما تبقى من أوكرانيا على وضعه.
وربما ترك الغرب العقوبات الاقتصادية المفروضة قائمة لعلها تصل إلى تدمير نظام بوتين داخليا، بانتظار أزمة اجتماعية تؤدي إلى ثورة قد تنفجر على المدى الطويل، في حال بقيت روسيا مكبلة اقتصاديا وغير قادرة على تكوين حلف شبيه بالمعسكر السوفياتي السابق.
نقلاً عن العرب اللندنية