كريتر نت – متابعات
ما زالت حركة طالبات تمارس المزيد من التضييقات على النساء منذ توليها الحكم في أفغانستان، وفرضت الحركة على النساء لبس البرقع وتغطية أجسادهن ووجوههن بالكامل في الأماكن العامة، بدعوى أن هناك رجالا لا ينتمون إلى أسر النساء لتجنب أي استفزاز، ما دفع النساء إلى الاحتجاج على ما تمارسه الحركة المتشددة.
وتشعر تهمينة طهام الناشطة الأفغانية الشابة في الدفاع عن حقوق المرأة أنها في ما يشبه السجن بعد أن قررت حركة طالبان أن تفرض على النساء تغطية أجسادهن ووجوههن بالكامل في الأماكن العامة، وتجنب الخروج من منازلهن.
وأصدرت الحكومة مرسوما صادق عليه المرشد الأعلى لطالبان وأفغانستان هبة الله أخوندزاده يقضي بإلزام النساء ارتداء البرقع في الأماكن العامة.
وأوضحت طالبان أنها تفضل ارتداء النساء البرقع، لكنها أعلنت لاحقا أنها ستقبل بارتداء المرأة لحجاب لا يكشف إلا العينين. كما أكدت طالبان أن “من الأفضل أن تلازم المرأة المنزل” ما لم يكن لديها حاجة ملحة للخروج. وعندما علمت بمضمون المرسوم، وهو الأول الذي يملي على المرأة أسلوب لبسها والصادر على المستوى الوطني، شعرت تهمينة بانزعاج كبير.
وقالت هذه الموظفة الحكومية السابقة التي خسرت وظيفتها عندما وصلت طالبان إلى السلطة في أغسطس، لفرانس برس: “شعرت وكأني مسجونة لأن حياتي الاجتماعية تخضع لسيطرة طالبان”. وأضافت الشابة التي اضطرت شقيقتها إلى تعليق دراستها لأن الجامعة التي التحقت بها رفضت تسجيلها في فصل مختلط أنها حُرمت من حرياتها كإنسان، وليس كامرأة فقط.
ومن وجهة نظرها، فإن القرار الذي صدر مؤخرا ستكون له عواقب سلبية للغاية على الحياة الشخصية والمهنية للمرأة. ويبدو أن هذا المرسوم لم يطبق على الفور في كابول حيث سارت العديد من النساء في شوارع العاصمة من دون إخفاء وجوههن.
من الناشطات الحقوقيات إلى الاعتراض عليه، واعتبرن أن طالبان أعادت أفغانستان إلى الوراء مرة أخرى
بررت حركة طالبان وجوب إخفاء المرأة وجهها بحضور رجل لا ينتمي إلى أسرتها المباشرة وضرورة تجنب أي “استفزاز”، وفقا لتفسيرها الصارم للشريعة. وترى أزيتا حبيبي وهي قابلة في مستشفى في مدينة هرات الكبرى (غرب)، أن الإسلام لا يفرض ارتداء الحجاب الكامل.
وتساءلت “لماذا علينا أن نغطي وجوهنا وأيدينا؟”. وأضافت “أين ورد في القرآن أنه يجب تغطية أيدي ووجوه النساء؟”.
وتؤكد هذه القيود الجديدة، التي شجبتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة بشكل خاص، تطرف حركة طالبان التي حاولت في البداية إظهار انفتاح أكبر مما كان عليه خلال توليها السلطة بين عامي 1996 و2001. وكانت الحركة حرمت النساء من جميع حقوقهن تقريبا وفرضت عليهن ارتداء البرقع.
لكن الإسلاميين سرعان ما تراجعوا عن التزاماتهم، واستبعدوا النساء إلى حدّ كبير من الوظائف العامة فحرمن من الالتحاق بالمدارس الثانوية أو حتى من حقهن في التنقل.
ولتطبيق مرسومها الأخير، حرصت طالبان على عدم معاقبة النساء لكي لا يصاب المجتمع الدولي بصدمة، لكن ألقت بمسؤولية فرض هذه الرقابة الاجتماعية على أسرهن. ورب العائلة الذي لا يفرض ارتداء الحجاب، يعاقب أولا بالسجن ثلاثة أيام ثم يتعرض لعقوبات أشد.
تقول ليلى سحر (وهو اسم مستعار) الموظفة السابقة في منظمة غير حكومية تعيش في كابول: “توصلت إلى استنتاج مفاده أن علي ارتداء الحجاب لأنني لا أريد أن يتعرض الرجال في عائلتي للعقاب”. ترى هدى خموش الناشطة المقيمة الآن في النروج، أنه من المرجح أن تُرغم النساء على قبول ارتداء الحجاب لأن “طالبان تستخدم بذكاء نقطة الضعف” مع أسرهن.
لكنها تعتقد أن النساء، اللواتي تظاهر بعضهن من أجل حقوقهن في الأشهر الأخيرة قبل قمع هذا التحرك من قبل حركة طالبان، لن يوافقن على البقاء في المنزل أو التوقف عن العمل.
خلال العقدين الماضيين، اكتسبت المرأة الأفغانية حريات جديدة وعادت إلى مقاعد الدراسة أو تقدمت لتولي وظيفة في شتى المجالات، حتى وإن ظلت البلاد محافظة اجتماعيا.
فاطمة رضائي وهي من سكان هرات، تريد أيضا أن تؤمن بأنه لن يتم إملاء على النساء سلوكهن. وتقول: “لم تعد النساء كما كن عليه قبل 20 عاما”، عندما كن يرغمن بشكل منهجي على القيام بأشياء ضد إرادتهن. اليوم هن “على أتم الاستعداد للمقاومة دفاعا عن حقوقهن”. وعمد موظفو طالبان بين 1996 و2001 إلى جلد كل امرأة يجدونها لا ترتدي البرقع.
كما حرمت الحركة المتشددة النساء من كافة حقوقهن الأساسية، وكانت حياتهن عبارة عن محظورات مستمرة، إذ لم يُسمح لهن بارتداء ملابس زاهية، أو التبرج، أو حتى تلقي التعليم. كذلك منعن من الذهاب ليس فقط إلى العمل أو المدرسة أو الجامعة، وإنما إلى البازار للتسوق.
إضافة إلى ذلك، حظرت الحركة الموسيقى وأغلقت صالونات التجميل، كما راقبت شرطتها الشرعية احترام تلك القواعد الصارمة، فارضة عقابها.
القيود الجديدة تؤكد تطرف طالبان التي حاولت في البداية إظهار انفتاح أكبر مما كان عليه خلال توليها السلطة بين عامي 1996 و2001
من جهتها، قالت إحدى الناشطات الأفغانيات عبر تويتر في تغريدة مرفقة بصورة “هؤلاء أجدادي في الستينات في كابل. بينما أوافق على أن هذا الزي الغربي ليس شائعا أيضا، لكن لماذا كان الناس قبل 50 عاما يتمتعون بحرية ارتداء ما يريدون واليوم يُطلب من النساء ارتداء البرقع والبقاء في المنزل؟”.
وأضاف آخر “منذ قرون، كان هذا هو لباس المرأة الأفغانية حتى في المناطق النائية. الآن يريد بعض الوكلاء الأجانب غزو ثقافتنا بنسخة متطرفة من البرقع”.
ويشار إلى أنه في العقدين الأخيرين، اكتسبت الأفغانيات حريات جديدة فعُدنَ إلى المدارس وتقدّمنَ للحصول على وظائف في كل القطاعات، رغم أن البلاد بقيت محافظة اجتماعيا.
وقبل عودة الحركة إلى الحكم، كانت الغالبية العظمى من الأفغانيات محجبات لكن بوشاح فضفاض، إذ ترتدي معظم النساء في البلاد غطاء رأس لاعتبارات دينية، لكن أغلبيتهن في المناطق الحضرية، مثل كابل، لا يغطين وجوههن.
إلا أن إعادة فرض البرقع في كافة أنحاء البلاد، دفعت العديد من الناشطات الحقوقيات إلى الاعتراض على هذا القرار، معتبرات أن طالبان أعادت أفغانستان ثانية إلى الوراء.
وسرعان ما بددت الإجراءات الأولية التي اتخذتها طالبان بعد عودتها إلى الحكم الآمال الكثير من النساء. إذ تبنَّت الحركة حكما قمعيا، ومنعت أكثر من مليون أنثى من الذهاب إلى المدارس، وأعادت عمل وزارة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” -واحدة من أقوى المؤسسات التي تمارس بها الحركة سيطرتها على المجتمع- وذلك على أنقاض وزارة “شؤون المرأة”.
وطبيعي ألّا يُمثِّل ذلك مفاجأة، نظرا إلى سجل الحركة السابق، والطرق التي سلكتها للعودة إلى الحكم، فقد أفسح انسحاب الجيش الأميركي، وما أعقبه من تنحي الحكومة الأفغانية، الطريق أمام طالبان كي تتولَّى السلطة دون تنازلات تُذكَر.