محمد علي شايف
ايها التاريخ تكرم وغادر لبعض الوقت البروج المصنوعة من اضواء قرمزية ليست لساكنيها ان كل بناء قائم على اساسه الذي لا تمنحه عينك العوراء التفاتة لتروي اهميته الاولى على ما اعتلاه .
فماذا ستكتب عن هذه الاسرة الفدائية التي توشك ان تهلك على مذبح الشهادة ؟
ستقول انها ملحمة وطنية تستحق ان تنقش على جبين الزمن بحروف من نور للخلود ( ملحمة شوبجية ) .
لكنك لم تر الا وجها واحدا للحقيقة التي لا تحتاج الى من يمنحها تلك الصفة لانها بالارواح والدماء والعطاء النادر كتبت ملحمتها على جبينك دونما حاجة لشهادة من دخيل عليك .
وستسالني وما الوجه الاخر ؟
اقول لك : الوجه الانساني للماثرة الوجه الماساوي لاسرة تمضي الى هلاكها على مهل واننا اذ نشاطر هذه الاسرة الابية الامها واحزانها ونعلي ونكبر من تضحياتها الملحمية المجيدة نتساءل :
الا تستحق ان يحيا فيها من يفخر بما اجترحه ابوه واخوانه ؟ وان يحظى بما تستحقه تضحياتهم الملحمية ؟
فليضع كل منا نفسه مكانهم ليدرك الوجه الاخر للماثرة .
ان الماساة تتجلى باقسى صورها في عيني امراة فقدت زوجها واربعة من ابنائها فلذات كبدها شهداء .
فاي معنى للمجد في عين ام كهذه ؟
وحتى من تبقى من الاخوه يظلمهم من يعتقد انهم خارج الماساة يعتصرهم الالم وتحرقهم نيران الحزن وجدا وتخنقهم مرارة الاسئلة لماذا عليهم ان يموتوا جميعهم ؟ الا يستحقون ان يعيشوا كغيرهم ؟
ولكن كيف ؟! ليسوا هم من يجيب على هذه الاسئلة الدامية المرارة وانما من بيدهم القرار متصدري المشهد السياسي والعسكري الراهن المجلس الانتقالي اولا .
لم تعد قريتهم الصغيرة المكلومة تحتمل بقائهم فيها ولاهم ايضا .
ينبغي ان نحافظ على من تبقى منهم بتوفير سكن لائق بهم وما دون استحقاقهم لتامين حياة انسانية كريمة بعيدا عن اي خطر في عدن او الخارج .
يا دكتور صلاح نصيحة مخلصة قدم استقالتك من منصبك وحافظ على نفسك ومن تبقى من اسرتك امنح والدتك فرصة صغيرة للامل بانها ستموت وانتم على قيد الحياة الا تستحق منكم ذلك ؟ خاطبتكم بعقلي وعواطفي ولكم القرار .
ومما سلف اقول لن اعزيكم احبائي فما جدوى التعازي ان لم نعظم تضحية اسرتكم بالافعال والاقوال وانما ادعو الله ان يتغمد شهداء الملحمة الشوبجية بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته وان يلهم من تبقى من الاسرة الصبر والسلوان ويرشدهم طريق السلامة للحفاظ على حياتهم ليحفظوا شرف تضحيات ابيهم واخوانهم ويفرحوا بانتصار حلمهم وطنا حرا مستقلا كغيرهم من الابناء والاباء والامهات ممن قدموا وقدمن القرابين على مذبح الحرية المنشودة على طول وعرض خارطة الماساة من حوف الى ميون .
يكفي هذه الاسرة الفريدة العطاء الثمين يكفيها تعازي ومراثي وحان وقت تكريمها بما يبعد ما تبقى من اشبالها من كل اسباب وعوامل الخطر في الداخل او الخارج
او ليس ذلك اقل تكريم يستحقونه ؟
والى أم الشهداء ماذا بوسعنا ان نقول ؟
انها امراة فوق كل الاوصاف ودلالاتها اللغوية وان حشدنا كل افعال التفضيل في لغتنا وكل لغات الارض فانها دون قوة ارادتها وتسامي حزنها وعمق جرحها النازف من شرايين قلبها.
الخمسة ماساة أم اعطت فوق احتمال احتمالها النادر المثال اننا ازاء امرة تجسد في الواقع لا الخيال المعاني الحسية واللاحسية لملحمة وطنية انسانية متعددة الابعاد لأم اعطت لحلم حرية الوطن جزءا عظيما من قلبها وروحها وسلامها الروحي لتحترق بنار اشد قسوة من النار التي احرقت بها القديسة الفرنسية جان دارك .
افلا تستحق هذه الأم العظيمة بما تبقى لها من روح ان تتنفس اكسجين الامل والسلام بان ما تبقى من فلذات كبدها ونصف روحها سيعيشون حتى يواروها الثرى ؟
انها عاجلا او اجلا ستحظى باكاليل التعظيم والاكبار ولكنها الان والان فقط تحتاج الى بعض من حقها ذلك ما اسلفنا ذكره وعلى اولادها قبل الاخرين .