كريتر نت – صحف
تستمر روسيا نحو تحقيق أهدافها من العملية العسكرية في أوكرانيا، في ظل تعنت وإصرار غربي على “تركيع روسيا” وشن حرب شاملة على بوتين أطلقوا عليها “الحرب العالمية الثالثة”.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الإثنين، أشارت مصادر إلى أن قوات الناتو بدأت في حشد قواتها البرية والبحرية والجوية لشن حرب عالمية ثالثة على روسيا، في حين رأت أخرى أن القوى الكبرى لا تحمل هماً لمشكلة الأمن الغذائي التي ستسبب أضراراً لشعوب العالم.
حرب أخيرة
قال عبدالله السويجي في صحيفة أخبار الخليج “يصّر قادة العالم وعلى رأسهم قادة حلف شمال الأطلسي، على تسمية الحرب العالمية القادمة بالحرب العالمية الثالثة، وهم على علم تام بالقوة التدميرية التي يمتلكونها، من خلال حيازتهم للأسلحة النووية والبيولوجية والنيتروجينية وغيرها من الأسلحة التي لم يعلنوا عنها بعد”.
وأضاف “على الرغم من هذه الصورة السوداوية، يحشد حلف الناتو قواته البحرية والبرية والجوية لشن حرب عالمية ثالثة ضد روسيا، وهذا ما يعتقده المحلل العسكري الأمريكي كريس أوزبورن، في حديثه إلى صحيفة (ناشيونال إنترست)، إذ يوضّح أن حلف الناتو يستعد لشن حرب عالمية ثالثة ضد روسيا، ويستشهد بزيادة عدد القوات الأمريكية في الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي من 78 ألفاً إلى 102 ألف جندي، إضافة إلى نشر كمية كبيرة من المعدّات العسكرية في المنطقة ومقاتلات (إف 16)”.
وأوضح الكاتب “قد يكون حديث المحلل العسكري الأمريكي في إطار الحملة النفسية الأمريكية ضد روسيا، لأنه افترض فرضية عجيبة من حيث التسمية، ووصف ما سيحدث بالحرب العالمية الثالثة ضد روسيا، وكأن كل أعضاء حلف شمال الأطلسي الثلاثين، يمثّلون العالم، وأنهم سيتّحدون ضد روسيا، كما أنه افترض وجود روسيا وحيدة كأنها دولة يتيمة بلا حلفاء، وربما اعتقد أن روسيا مثل العراق، يمكن للولايات المتحدة حشد العالم والقيام بحملة عسكرية، متناسياً أن روسيا ليست العراق، لا عسكرياً ولا سياسياً ولا جغرافياً، وفلاديمير بوتين ليس كصدام حسين”.
واختتم مقاله بالقول “أعتقد أن استخدام مصطلح الحرب العالمية لم يعد له وجود، لأنها لن تكون حرباً عالمية بالمعنى الذي حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وإذا كانت الولايات المتحدة تعتقد أن 30 دولة هي التي تمثل العالم، وستكون في طرف، وروسيا ستكون في طرف، فهذا تحليل مضحك حقاً”.
منعطف طويل
ومن جهته، قال عبد الوهاب بردخان في صحيفة الاتحاد إن “الحرب مستمرّة في أوكرانيا حتى تحقيق أهدافها، كما تقول موسكو، وحتى هزيمة روسيا أو عدم السماح لها بالانتصار، بحسب واشنطن وعواصم غربية أخرى، لكن حصر العمليات العسكرية في الإقليم الشرقي (دونباس) وتحويل المدن الواقعة على أطرافه ساحةَ حرب، كذلك في الساحل الجنوبي، أوضح الاستراتيجية الروسية المرحلية، وبات يحدّد شروط أي تسوية محتملة”.
وأضاف أن “المفاوضات الروسية الأوكرانية متوقّفة ولم يكن يعوّل عليها أصلاً، ولا مؤشّرات لتفاوض مرتقب بين روسيا والغرب، لأن أي مبادرة لم تأتِ من واشنطن، لذلك اعتُبرت آراء وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر، كذلك الخطة التي طرحتها إيطاليا على الدول السبع والأمم المتحدة، بمثابة بداية بحث عن تسوية لإنهاء الحرب”.
وأوضح الكاتب أن كيسنجر اقترح صراحةً في منتدى دافوس أن تتنازل أوكرانيا لروسيا عن الأراضي التي احتلّتها بما في ذلك انفصال دونباس وضمّ القرم، محذّراً من عواقب على أمن أوروبا تصعب السيطرة عليها في حال السعي إلى إذلال بوتين وروسيا، وأما خطة “الخطوة خطوة” الإيطالية فتبدو محاولةً لوضع أسس للتفاوض، وتستند فيها روما إلى كونها قدّمت الدعمَ المطلوب لأوكرانيا، لكنها تعتبر أن إنهاء الحرب لن يتم إلا بالتفاوض، وهو ما تعتقده عواصم أوروبا المنقسمة حول فرض العقوبات على روسيا، كذلك حول الإدارة “الأمريكية” للأزمة.
وتابع قائلاً “كل الخطوات المقترحة في الخطة صعبة ومعقّدة، من وقف إطلاق النار ومراقبته، إلى حياد نهائي لأوكرانيا بضمان دولي، إلى الاتفاق الثنائي على الأراضي بين روسيا وأوكرانيا، وصولاً إلى اتفاق متعدد الأطراف للسلام والأمن في أوروبا بهدف نزع السلاح ومنع النزاعات بما يعنيه من إحياء للمبادئ التي تأسّس عليها الاستقرار الأوروبي منذ 1975 عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لكن كل ذلك لا يحلّ مشكلةَ روسيا مع حلف شمال الأطلسي”.
وسيط مختلف
وبدوره، قال مشاري الذايدي في صحيفة الشرق الأوسط “الحديث الذي أدلى به شيخ السياسة الوزير الأمريكي القديم، هنري كيسنجر، أمام منتدى دافوس الأخير، عبر الستالايت، وهو يدلف لنادي المائة من العمر، قرع جرساً لتنبيه العقول الغربية المتهوّرة”.
وأضاف “كيسنجر سبح عكس تيار النخب الغربية، وقال صراحة إنه من الخطأ الخطير حشر الدب الروسي في الزاوية وتركيع روسيا، وإنه يجب على أوكرانيا أن تحافظ على حيادها الدائم وتلتزم صراحة في دستورها بعدم الانضمام للناتو”.
وأشار الكاتب إلى أن رأي كيسنجر قوبل بغضب عرمرمي من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وكبار موظفي الخارجية الأمريكية وغيرهم، وهذا متوقع، لكن الشيخ الكبير المجرب كيسنجر شدّد على أنه في كل الأزمات، يجب على المرء أن يحاول فهم الخط الأحمر للطرف المقابل.
وأوضح “أتخيّل أن خلق قنوات لتنفيس الأزمة وصناعة مساحة للحوار عوض صوت السلاح، بين موسكو وكييف، ربما يقع على عاتق طرف آخر غير أمريكا ومن معها، أمريكا التي لا تريد الإصغاء لشيخها كيسنجر، فهل يكون هذا الطرف المقبول من الروس والأوكران هم العرب؟ خاصة إذا تذكرنا كلنا في بداية الأزمة الاتصالات التي تمت في وقت واحد تقريباً، بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيسين الروسي والأوكراني؟”.
ولفت قائلاً “لا توجد أطماع جغرافية ولا جيوسياسية ولا عقد تاريخية، لدى هذا الطرف العربي تجاه الخصمين، ولذلك ربما كان موقف التؤدة والحكمة الذي اتخذته الرياض وبعض العواصم العربية، مقدمة مساعدة على إغراء الطرفين بالجلوس على مقاعد عربية والبدء في الحديث الجادّ، من يدري؟”.
أزمة الغذاء
وأما في صحيفة الوطن البحرينية، تطرق وليد صبري إلى أزمة الغذاء العالمية قائلاً “لا يبدو أن القوى الكبرى التي تتصارع فيما بينها وتنفخ في كير حرب روسيا وأوكرانيا لا تدير بالاً ولا تحمل هماً لمشكلة الأمن الغذائي العالمي، التي سوف تسبب أضراراً وويلات كبيرة لشعوب العالم، خاصة وأن تلك القوى تتبادل الاتهامات فيما بينها دون أي تحرك جدي حقيقي لإنهاء الحرب أو إيجاد حل جوهري لمشكلة في سبيلها للحدوث والوقوع”.
وأضاف “تكمن أزمة الغذاء العالمية الحقيقية في وقف صادرات أوكرانيا من الحبوب، نتيجة الحرب الطاحنة، وربما هذا ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للحديث عن محادثات مكثفة مع روسيا وأوكرانيا وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في محاولة لاستعادة صادرات الحبوب من أوكرانيا مع تصاعد أزمة الغذاء العالمية”.
وأشار الكاتب إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي وبينها البحرين، تستطيع بإمكانياتها أن تسيطر على تلك الأزمة، حيث شكلت تصريحات وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد الزياني حلاً عندما قال إن “الشراء الموحد قد يكون وسيلة للدول الخليجية لمواجهة أزمة الغذاء العالمية، خاصة وأن دول الخليج تقوم بشراء موحد للمعدات والمواد الطبية، ويمكن أن نضم إليه الأغذية، وهي الشيء الأهم بهذه المرحلة الاستثنائية”.
وتابع “توفر روسيا وأوكرانيا معا نحو ثلث إمدادات القمح العالمية، كما تصدر روسيا وبيلاروسيا نحو 40% من سماد البوتاس لدول العالم، لذلك تصاعدت التحذيرات الدولية من خطر أزمة الغذاء العالمية حيث من الممكن أن تتحول إلى مجاعة، في الوقت الذي تسيطر فيه البحرية الروسية على حركة المرور في الثلث الشمالي من البحر الأسود، وبالتالي تعوق نحو 10% من صادرات القمح العالمية، والتي يتم تصدير 95% من تلك الصادرات عبر موانئ البحر الأسود”.
واختتم مقاله بالقول “إن الخطر الداهم الآن يتمثل في أزمة غذاء عالمية قد تتسبب في مجاعة وقد تكون مسؤولة عن ارتفاع الأسعار عالمياً، بالتوازي مع أزمة التضخم المالي الدولي، وبالتالي سوف تتفاقم الأوضاع، طالما لا تبحث القوى المتناحرة عن خط رجعة، كي يستعيد العالم عافيته بعد خروجه خاسراً اقتصادياً من معركة كورونا”.