كريتر نت – متابعات
قلصت روسيا بشكل ملحوظ إمداداتها من الغاز نحو أوروبا في خطوة قال خبراء إن هدفها منع أوروبا من تخزين الكميات الكافية المخصصة لفصل الشتاء، وهو ما ينبئ بأن يكون الشتاء القادم في أوروبا فصلا صعبا.
وقال الخبراء إن تقليص الإمدادات الروسية إلى النصف في أكثر من دولة سيعمق المخاوف من أن القارة قد تكافح لبناء مخزون كاف قبل الشتاء خاصة مع فشل محاولات البحث عن بدائل لتعويض الغاز الروسي مثلما خطط لذلك الاتحاد الأوروبي.
وذكرت وزارة الطاقة النمساوية أن البلاد تتلقى حوالي نصف إمداداتها المعتادة من الغاز من مجموعة “غازبروم” الروسية لليوم الثالث على التوالي، لكنها مازالت قادرة على زيادة مخزونها، استعدادا للشتاء.
وأضافت الوزارة في بيان إلى وكالة الأنباء النمساوية (إيه.بي.إيه)، في أول تعليق عام بشأن حجم التقليص “تراجعت إمدادات الغاز من روسيا بواقع حوالي 49 في المئة”، حسب وكالة بلومبرغ السبت.
وأشار مستوردون في ألمانيا وإيطاليا وسلوفاكيا المجاورة إلى تخفيضات مماثلة في الحجم، حيث أصبحت أسواق الطاقة نقطة صراع بين روسيا وغرب القارة.
ويعتقد مراقبون أن العقوبات لم تؤثر على مستوى تصدير الغاز الروسي، وأن الأمر لا يعدو أن يكون رسالة سياسية روسية إلى أوروبا بشأن الحرب في أوكرانيا، وأن موسكو ستستمر في ضغوطها حتى تعلن أوروبا النأي بالنفس عن الصراع وإن كانت أغلب الدول قد تراجعت فعليا وباتت تبحث عن حل سياسي مع روسيا على عكس البداية حين كان الجميع يلوّح بحرب واسعة.
ويشير المراقبون إلى أن روسيا على علم بفشل مساعي أوروبا في البحث عن بدائل سواء من الخليج أو شمال أفريقيا، وأن الاعتماد على الإمدادات الأميركية لا يعدو أن يكون موقفا ظرفيا، ولذلك فهي تضغط لتكشف محدودية المناورة لدى الاتحادي الأوروبي ودوله بشكل منفرد.
ويرون أن إيجاد مصادر بديلة للغاز الروسي إلى أوروبا سيعني عمليا إرغام مختلف دولها على توريد احتياجاتها السنوية بتكاليف أكبر وبشروط أكثر وخاصة تلك القادمة بسفن الشحن الأميركية. كما أن الدول المنتجة القريبة من القارة لا تمتلك البنية التحتية الكافية لمثل هكذا طلب. وعلاوة على ذلك فإن أيّ استثمار جديد يتطلب في المتوسط سبع سنوات حتى يبدأ الإنتاج فعليا.
وقالت شركة الطاقة الإيطالية العملاقة “إيني” إنها لم تتلق سوى نصف الكمية التي كانت قد طلبتها من المجموعة الروسية يوم الجمعة، والتي تبلغ 63 مليون متر مكعب في اليوم الواحد، بعد أن عانت من نقص في الإمدادات لمدة يومين، قبل أن تعود الشركة الإيطالية السبت وتقول إن “غازبروم” سوف ترسل كميات الغاز بنفس معدلات الأيام السابقة، ودون أن تفسّر التناقض في التصريحات بين الجمعة والسبت.
كما أبلغت سلوفاكيا عن تلقي أقل من نصف الكميات المعتادة عبر خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 1″، الجمعة، الذي يعبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا.
وأعلنت الشركة المشغلة لشبكة الغاز الفرنسية “جي أر تي – غاز” الجمعة، أنها لم تعد تتسلم غازا روسيا عبر الأنابيب منذ الخامس عشر من يونيو، مع “توقف التدفق المادي بين فرنسا وألمانيا”.
وخفضت “غازبروم” شحناتها بشكل كبير في الأيام الأخيرة، لاسيما إلى ألمانيا عبر خط أنابيب الغاز “نورد ستريم1” (السيل الشمالي1) مما تسبب في ارتفاع هائل في الأسعار.
وتتهم ألمانيا شركة “غازبروم” بمحاولة رفع أسعار الطاقة عن طريق خفض الإمدادات بشكل حاد. وتقول الشركة الروسية إن عمليات إصلاح خط أنابيب نورد ستريم هي السبب.
وقال وزير الاقتصاد والمناخ الألماني روبرت هابيك “لا ينبغي أن تكون لدينا أوهام، فنحن في مواجهة مع بوتين”. وأضاف “هكذا يتصرف الطغاة”.
وتزود روسيا 40 في المئة من احتياجات الغاز الطبيعي للاتحاد الأوروبي. كما أنها توفر 27 في المئة من النفط المستورد من قبل الاتحاد الأوروبي، ويدفع الاتحاد لروسيا نحو 400 مليار يورو سنويا في المقابل.
وقد أوقفت بولندا وبلغاريا وفنلندا والدنمارك وهولندا بالفعل شحنات الغاز الروسي بعد أن رفضت طلب روسيا الدفع بالروبل الروسي.
صورة
وقالت شركة “غازوم” الفنلندية العامة للغاز إن موسكو أوقفت إمدادات الغاز الروسي إلى فنلندا الأسبوع الماضي، بعدما رفضت هلسنكي الدفع بالروبل إلى مجموعة “غازبروم” المزودة، وذلك في أحدث تصعيد للنزاع مع الدول الغربية حول طريقة سداد مدفوعات الطاقة.
وأفادت الشركة في بيان بأن “إمدادات الغاز الطبيعي إلى فنلندا في إطار عقد ‘غازوم’ توقفت”، مضيفة أن مصادر أخرى ستوفر الغاز عبر خط أنابيب “بالتيكونكتر” الذي يربط فنلندا بإستونيا.
وينظر إلى طلب روسيا على السداد على أنه محاولة لتعزيز الروبل بعد أن تضررت العملة الروسية بسبب العقوبات الغربية. إذ من المرجح أن تؤدي زيادة مبادلة الروبل بالعملات الأجنبية إلى زيادة الطلب عليه وارتفاع قيمته.
وفي جميع أنحاء أوروبا تم تعزيز مستويات تخزين الغاز هذا العام من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال، مع استيراد كمية كبيرة من الولايات المتحدة، لكن ذلك غير كاف.