كريتر نت – الحرة
منذ أعوام تشهد مدينتا سبتة ومليلية الإسبانيتان محاولات دخول يقوم بها آلاف من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الساعين إلى بلوغ أوروبا، غير أن محاولة هذا العام كانت “عنيفة للغاية”، حيث قتل 23 شخصا على الأقل.
وتقع مليلية وجارتها سبتة على الساحل الشمالي للمغرب، الأمر الذي يجعلهما يشكلان الحدود البرية الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع القارة الأفريقية.
تأتي محاولة التوغل الأخيرة، التي وقعت الجمعة الماضية، بعد أشهر فقط من تغيير إسبانيا موقفها بشأن الصحراء الغربية لتقترب أكثر من موقف المغرب، وتنهي خلافا استمر عاما حول المنطقة المتنازع عليها، مما مهد الطريق لإبرام اتفاق لتعزيز التعاون في مراقبة الحدود.
أصل الخلاف
النزاع بين المغرب وإسبانيا حول الجيبين الإسبانيين ليس وليد السنوات الأخيرة، بحسب موقع “أصوات مغاربية”، وإنما يمتد لقرون، حيث تأرجحت فيه موازين القوى بين البلدين، قبل أن تميل الكفة لصالح إسبانيا، على النحو التالي:
– في القرن الخامس الميلادي سيطر القرطاجيون والإغريق والرومان على التوالي على مدينتي سبتة ومليلية.
– ما بين القرنين الثامن والـ15 انتقل الحكم في المدينتين إلى عدة مماليك عربية وأمازيغية.
– عام 1415 استعمر البرتغال مدينة سبتة.
– خلال عام 1497 غزت المملكة الإسبانية مليلية، لكنها لم تحكم السيطرة عليها إلا في 1556.
– بعد اتحاد المملكتين الإسبانية والبرتغالية، أصبحت سبتة تحت السيطرة الإسبانية.
– بعد استقلال المغرب عام 1956، طالب المغرب بأحقيته المغربية في سبتة ومليلية لكن إسبانيا احتفظت بهما، بحسب تقرير لشبكة “بي بي سي”.
الوضع القانوني
وقد صادقت الحكومة الإسبانية، عام 1995، على منح الحكم الذاتي لسبتة ومليلية، الأمر الذي رفضته المملكة، مؤكدة أنهما جزء لا يتجزأ من أراضيها.
وتعزيزا للمصادقة، زار ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس، في 2007، المدينتين وذلك للمرة الأولى، مما أثار غضبا في المغرب، وتجددت الدعوات باستعادتهما.
غير أن المغرب لم يعترف بشرعية السيادة الإسبانية على مدينتي سبتة ومليلية، ويقول إنهما آخر مستعمرتين في أفريقيا.
وفي المقابل، لا تصنف الأمم المتحدة المدينتين ضمن المناطق المحتلة.
والعام الماضي، خفف المغرب قيوده حول سبتة وسمح لآلاف المهاجرين بالعبور إلى إسبانيا. واعتبرت الخطوة انتقاما لقرار إسبانيا السماح لزعيم حركة موالية لاستقلال الصحراء الكبرى بالعلاج في مستشفى إسباني من كوفيد-19.
ورغم تحسن العلاقات بين البلدين، في وقت سابق من العام الجاري، بعد أن دعمت إسبانيا خطة المغرب لمنح مزيد من الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الكبرى، حيث يطالب نشطاء بالاستقلال الكامل، لم تفتح الرباط ملف المدينتين مع مدريد.
وكان رئيس الحكومة المغربي السابق سعد الدين العثماني أكد أن المغرب سيطرح الملف مع جارته الشمالية، بعد إنهاء نزاع الصحراء الغربية.
وأثار هذا التصريح حينذاك حفيظة الحكومة الإسبانية التي استدعت السفيرة المغربية في مدريد للاحتجاج على هذه التصريحات.
يبلغ عدد سكان سبتة نحو 200 ألف نسمة يتحدثون الإسبانية ويتعاملون باليورو. وأصبح الجيبان الإسبانيان في شمال أفريقيا نقاط جذب للمهاجرين المغاربة والأفارقة الذين يحاولون العبور إلى أوروبا.
وعادة ما تعتمد إسبانيا على المغرب في إبعاد المهاجرين عن الحدود.
وعن حادث الجمعة، قال رئيس الحكومة الإقليمية في مليلية، إدواردو دي كاسترو، لتلفزيون آر.تي.في.إي: “كان هجوما عنيفا للغاية، لكن عليك أن تأخذ بالحسبان مدى تناسب (رد الفعل) من جانب المغرب”.
وقال مدير مكتب منظمة العفو الدولية في إسبانيا إستيبان بلتران: “هذا هو أخطر حادث (على الحدود بين إسبانيا والمغرب) منذ 2014 عندما قتل 15 شخصا”.