أحمد فتحي
تبدو بيانات تنظيم الإخوان الإرهابي مؤخرا كنداءات استغاثة لسفينة تغرق، فيما يتمسك ربانها بدفة معطوبة.
لكن الأزمة التي تكابدها الجماعة أصلا يزيد من عمقها صراع بين قياديين على انتزاع الدفة التي تحطمت بالفعل على صخرة الشعوب العربية بعد عقد من الزمن اختبرت خلاله الجماعة ربما للمرة الأولى في السلطة.
وتصاعدت حدة الانقسام داخل قمة الهرم التنظيمي لجماعة الإخوان، وسط تواصل حرب البيانات الإعلامية بين الجبهتين المتنازعتين على السلطة والمال، وهما؛ جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام في لندن، مقابل جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة في إسطنبول.
وفي أحدث فصول الأزمة المحتدمة وغير المسبوقة داخل الإخوان، قالت “جبهة حسين” في بيان ردها على “منير” أمس الأحد، إن “كل ما ينشره (منير) إنما هو رؤية فردية لا تعبر عن جماعة الإخوان”.
وأشار البيان إلى أن “محمد بديع (..) ما زال هو المرشد العام للجماعة وسيظل الإخوان جميعا ملتزمين ببيعتهم لفضيلته، وهو الذي عبر عن منهج الجماعة بعدم استخدام العنف بقولته المشهورة “سلميتنا أقوى من الرصاص”.
وأوضح بيان حسين أن “مؤسسات الجماعة وعلى رأسها مجلس الشورى العام هو المعني حصرا باتخاذ القرارات المعبرة عن الجماعة، ولم يناقش المجلس وليس مطروحا على جدول أعماله مسألة المنافسة على السلطة في ظل الظروف التي تعيشها الجماعة وتعيشها مصر الآن”.
وكان إبراهيم منير قد شدد في حديث سابق لوكالة رويترز للأنباء أن “الجماعة لن تخوض صراعا جديدا على السلطة”.
كما زعم منير أن الجماعة ترفض العنف تماما وتعتبره خارج فكرها، معترفا: “الأزمة الحالية أقسى محنة للجماعة، وبالفعل الأزمة الحالية أكبر أزمة تمر بها الجماعة؛ لأنها أزمة شاملة أنهت وجودها وحضورها في بلد تأسيسها، وفي فروعها بالمنطقة العربية، وتعاني من تبعات ذلك في فروعها في أوروبا.
وفي تعقيبه على حرب البيانات الإعلامية بين الجبهتين المتنازعتين، قال هشام النجار الخبير المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن توحيد القيادة بالجماعة لا يزال بعيد المنال، والانقسام الحاصل يحول دون قدرة التنظيم على لملمة صفوفه، وترتيب أوراقه، وطرح أي مبادرات جديدة تعكس نيته في تغيير مناهجه.
وأشار إلى أن الجماعة تفتقر للقدرة حتى على الخداع في ظل واقعها الراهن، ففي ظل الأزمة المحتدمة حاليا لا تستطيع قيادة الجماعة أن تقدم على تغيير تكتيكي حتى كمناورة للتخفيف من حدة عزلتها”.
وأكد النجار لـ”العين الإخبارية” أن تحركات إبراهيم منير الأخيرة حواراته مع وسائل إعلام غربية فضلا عن طرح مبادرات جديدة توحي بأنه يجري تعديلات وتصحيح لمنهج الجماعة، لكن كل ذلك ليس موجها في المقام الأول لأطراف خارج الجماعة حيث تضعف الاستجابة في هذا السياق، إنما موجه أساسا للداخل في محاولة لتكريس موقعه كممثل شرعي للجماعة.
وواصل : كان من المتوقع أن يصدر رد الفعل من داخل التنظيم ومن الجبهة المستهدفة بالتهميش والإقصاء وهي جبهة محمود حسين الذي تصب تصريحاته الأخيرة في خانة محاولة تقليص تأثيرات ظهور منير الأخير وما تضمنه من توجهات غرضها الأساسي إظهاره كمتحكم في إدارة شؤون التنظيم.
وخلص إلى أنه “حتى التكتيكات المخادعة التي دأبت على ممارستها جماعة الإخوان طوال تاريخها خلال مرحلة الأزمات بهدف استعادة القوة والحضور غير قادرة على الترويج لها في ظل الانقسام الحاد الذي تعانيه”.
ومن جهته، قال أحمد بان الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، لـ”العين الإخبارية” إن بيان رد معسكر إسطنبول هو “استمرار لحالة الانقسام، وتأكيد على المستوى العقلي والأخلاقي لقيادات الإخوان”.
وأوضح أن “قيادات الجماعة سوقت في السابق باعتبارها قيادات ربانية، لكن هناك تخبط وارتباك وتمسك بقيادة سفينة غارقة”.
ومنذ توقيف محمود عزت نائب المرشد والقائم بأعماله في أغسطس/آب قبل عامين، دار صراع خفي بين منير الذي يدير الجماعة من لندن، وحسين وجبهته في إسطنبول، للهيمنة على السلطة في الجماعة، لكن الخلافات خرجت للعلن قبل نحو عام، حينما أقدم كل طرف على عزل الجبهة المنافسة.
وترفض جبهة حسين الاعتراف بشرعية منير بعد إصدار قرار بوقفه عن العمل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قبل إصدار قرار عزله في يونيو/حزيران الماضي.
المصدر “العين” الإخبارية