كريتر نت – العرب
تقف محافظة شبوة الواقعة جنوب شرق اليمن على صفيح ساخن مع تجدد المواجهات بين قوات موالية لحزب الإصلاح الإخواني من جهة، وقوات العمالقة و”دفاع شبوة” من جهة ثانية، في ظل انقسامات داخل مجلس القيادة الرئاسي حول ما يحدث في هذه المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
وتشكل التطورات الميدانية التي تشهدها محافظة شبوة في علاقة بالتمرد الذي تشنه قوات محسوبة على حزب الإصلاح الإخواني، اختبارا جديا لمجلس القيادة الرئاسي الذي تسلم مهام الرئيس السابق عبدربه منصور هادي في أبريل الماضي.
وتقول أوساط سياسية يمنية إن المجلس منقسم بين شقين، الشق الأول يدعم خيار دفع القوات الموالية لحزب الإصلاح إلى الانسحاب كليا من شبوة وتمكين قوات العمالقة الجنوبية و”دفاع شبوة” من الإمساك بالوضع الأمني داخل المحافظة الغنية بالنفط والغاز، ويصر على هذا الخيار المجلس الانتقالي الجنوبي وجناح المؤتمر العام التابع لعائلة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
في المقابل تتمسك قيادات من جماعة الإصلاح، وأعضاء حزب المؤتمر العام الموالي للرئيس السابق، بضرورة وقف عملية تغيير القيادات العسكرية الإخوانية في شبوة، معتبرة أن الأمر سيعزز الشرخ داخل الشرعية وقد يقود إلى متاهات جديدة.
وأصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي مساء الاثنين قرارات جديدة قضت بتعيين قيادات عسكرية في شبوة، وذلك بعد ساعات على اندلاع اشتباكات في المحافظة، جرت على إثرها إقالة أربعة من ضباط الجيش والأمن.
◙ حزب الإصلاح يريد من خلال التصعيد تعزيز وضعه في محافظة شبوة
وقالت وكالة الأنباء الرسمية “سبأ” التابعة للحكومة الشرعية، “تم تعيين العميد الركن عادل علي بن علي هادي قائدا لمحور عتق وقائدا للواء 30 مدرع، وتم تعيين العقيد مهيم سعيد محمد ناصر قائدا لقوات الأمن الخاصة فرع محافظة شبوة”.
وأشارت الوكالة إلى “تعيين العميد الركن فؤاد محمد سالم النسي مديرا عاما لشرطة محافظة شبوة”.
وفي وقت سابق، أقال مجلس القيادة الرئاسي قائد محور عتق قائد اللواء 30 العميد عزيز ناصر العتيقي، ومدير عام شرطة محافظة شبوة العميد عوض مسعود الدحبول، وقائد قوات الأمن الخاصة العميد عبدربه لعكب، إضافة إلى قائد اللواء الثاني دفاع شبوة العقيد وجدي باعوم الخليفي.
وجاءت هذه القرارات، بعد ساعات على اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات دفاع شبوة وقوات العمالقة من جهة، والقوات الخاصة الموالية لحزب الإصلاح من جهة، خلفت قتلى وجرحى من الجانبين .
وكان المجلس الرئاسي عقد اجتماعا طارئا برئاسة رشاد العليمي، وبحضور أعضاء المجلس عيدروس الزبيدي، وعبدالرحمن المحرمي، وعبدالله العليمي، وعثمان مجلي، لبحث الوضع في شبوة.
وأكد الاجتماع اتخاذ إجراءات عاجلة لتطبيع الأوضاع، وإعادة السكينة العامة لمدينة عتق وباقي أنحاء المحافظة، ومحاسبة المتسببين في الأحداث المؤسفة.
وحاول المجلس من خلال التغييرات الجديدة التي لم تقتصر فقط على المصادقة على الإقالات التي أقرها محافظ شبوة عوض بن الوزير العولقي، في وقت سابق، بل شملت أيضا قيادات محسوبة على المجلس الانتقالي، إمساك العصا من المنتصف خشية تفجر الخلافات بين مكوناته، لكن ذلك لم يحل دون عودة المواجهات، فيما يبدو أن القوات الموالية للإصلاح مصرة على الذهاب بعيدا في عملية كسر عظم مع العمالقة و”دفاع شبوة”.
وتقول الأوساط إن حزب الإصلاح يريد من خلال التصعيد تعزيز وضعه في محافظة شبوة، وقطع الطريق على أي محاولات مستقبلية لإنهاء وجوده في المحافظة الواقعة جنوب غرب اليمن.
وتجددت الاشتباكات بين الطرفين الثلاثاء، وذلك بعد ساعات من الهدوء النسبي. ويدور القتال عبر وحدات تابعة لمحور عتق، ومنها اللواء 21 ميكا، والقوات الخاصة، وبين قوات دفاع شبوة.
وأفادت مصادر محلية بمحافظة شبوة بتعرض محيط منزل المحافظ عوض بن الوزير للاستهداف فجر الثلاثاء من قبل قوة من الإصلاح. وقالت المصادر إن قذيفة هاون سقطت في محيط منزل المحافظ.
◙ تفجر الوضع في شبوة يأتي على خلفية جملة من القرارات اتخذها محافظ شبوة،
ويعيد مشهد الاشتباكات إلى الأذهان ما دار في سبتمبر 2019، عندما خاضت القوات الموالية للإصلاح معركة حاسمة مع “النخبة الشبوانية”، الجناح العسكري لـ”الانتقالي الجنوبي”، نجحت من خلالها في بسط السيطرة على المحافظة.
ويأتي تفجر الوضع في شبوة على خلفية جملة من القرارات اتخذها محافظ شبوة، وتقضي بإقالة العميد عبدربه لعكب، قائد قوات الأمن الخاصة، وقائد معسكر القوات الخاصة أحمد محمد حبيب درعان، ومنع ناصر الشريف، مدير مكتب القائد المقال، من دخول معسكر القوات الخاصة، وعدم التعامل معه إطلاقا.
وجاء قرار العولقي على إثر تعمد الضباط المفصولين المحسوبين على حزب الإصلاح، منع نائب مدير عام شرطة المحافظة المكلف بمهمة قائد قوات الأمن الخاص العميد أحمد ناصر لحول، من الدخول إلى المعسكر، وهو ما “يعتبر إعلان التمرد العسكري على قيادة المحافظة، وتمردا على قرارات اللجنة الأمنية”.
وأوضحت الأوساط اليمنية أن تحرك القوات المحسوبة على الإخوان ما كان ليجري لولا حصولهم على ضوء أخضر من وزير الداخلية المحسوب على الإصلاح إبراهيم حدان.
وكان حدان وجه رسالة إلى محافظ شبوة قال فيها إن قرار إقالة عدد من القيادات التي تتبع وزارة الداخلية، يفتقد للمستند ويعد تجاوزا للصلاحيات، ويعتبر غير قانوني وقرارا ملغيا. ويعد حدان من ضمن الوزراء الذين يجري نقاش داخل مجلس القيادة الرئاسي لتغييرهم، لكن الإشكال يكمن في عدم وجود اتفاق حول البديل.
اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات دفاع شبوة وقوات العمالقة من جهة، والقوات الخاصة الموالية لحزب الإصلاح من جهة، خلفت قتلى وجرحى من الجانبين
واعتبرت الأوساط أن الموقف الذي أعلن عنه حدان نابع من قناعته بقرب رحيله عن حكومة معين عبدالملك، وهو يسعى إلى استغلال الحيز الزمني الضيق لخلط الأوراق في سياق تنفيذ أجندة الإصلاح.
وشهد الاجتماع الطارئ للمجلس الرئاسي جدالا حول ضرورة إقالة وزير الداخلية، لكن لم يتم التوصل إلى قرار نهائي بشأنه.
ويرى مراقبون أن استمرار وجود القوات الموالية للإخوان في شبوة كما في غيرها من المحافظات الجنوبية مثل حضرموت، من شأنه أن يبقي على الخلافات قائمة داخل السلطة الشرعية، ذلك أن هذا الوجود لا يخدم القضية اليمنية، بل الغرض منه خدمة أجندة حزب له ارتباطات إقليمية، وسبق وأن فتح ثغرات لتسلل الحوثيين إلى الجنوب.