عقب سيطرة جماعة الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، على العاصمة صنعاء، بدأت المليشيا بانتهاج سياسة جديدة لم يسبق أن شهدتها البلاد وتتمثل بعملية السطو على منازل الخصوم السياسيين ونهبها ومصادرتها لصالح قياداتها.
ولتنفيذ هذه العمليات التي يعود ريعها مباشرة لزعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، عين الأخير شخصا يثق به كثيراً، كما تقول مصادر شديدة الاطلاع، وهو صالح مسفر الشاعر، الذي يطلق عليه في الحركة التنظيمية للمليشيا (ابوياسر).
من هو صالح الشاعر (ابوياسر):
صالح مسفر الشاعر، وهو المطلوب رقم (35) في قائمة التحالف العربي ورصدت مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، يعد أحد أبرز قيادات المليشيات الحوثية القادمة من صعدة والتي تلعب اليوم دورا كبيرا في عملية الفساد المالي والانتهاكات التي تمارسها المليشيات بحق الناس خصوصا في العاصمة صنعاء.
وتربط زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي بصالح الشاعر المعروف لدى المليشيا بـ(أبي ياسر)، علاقة قوية تمتد إلى زمن حروب الدولة ضد تمرد المليشيات الحوثية في صعدة، حيث تؤكد مصادر مطلعة، أن صالح الشاعر كان أحد تجار الأسلحة الذين يقومون بتزويد المليشيات بالأسلحة.
ووفقاً للمصادر فإن الشاعر وعقب فرض الجيش رقابة صارمة على عمليات حصول المليشيات الحوثية على أسلحة كان الأول يقوم بالذهاب إلى محافظتي مأرب والجوف ويستغل علاقاته وصلاته الشخصية ببعض المشايخ والقيادات ذات الأصول الهاشمية ويشتري الأسلحة عبرهم ويتم نقلها إلى محافظة صعدة حيث يتم تسليمها إلى المليشيات بشكل سري، وهو الأمر الذي كان يحصل بمقابله الشاعر على أموال طائلة من قبل المليشيات.
المصادر أضافت “إن صالح مسفر الشاعر تولى خلال الحرب الثالثة عملية تزويد المليشيات الحوثية بمعلومات مفصلة عن تحركات الجيش وقياداته، بالإضافة إلى إسهامه بشكل مباشر في حصول المليشيات على أسلحة مضادة للدبابات (آر بي جي) وغيرها من الأسلحة التي كانت المليشيا تدفع مقابل الحصول عليها أموالاً بالعملات الصعبة”.
وتقول المصادر الخاصة، إن نقطة التحول الأبرز التي ربطت الشاعر بزعيم المليشيا الحوثية كانت عقب الحرب الرابعة، حيث فر زعيم المليشيا من ملاحقة قوات الجيش واتصل بصالح الشاعر وطلب منه مساعدته، فقام الأخير بتوفير منزل خاص في مكان غير معروف وفره لاختباء زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي الذي ظل متوارياً عن الأنظار في ذلك المنزل لمدة تزيد عن 5 أشهر.
ووفقاً للمصادر فإن الحوثي ظل مختفياً حتى عن قيادات مليشياته آنذاك، ولم يكن أحد يعرف مكانه سوى صالح الشاعر الذي ظل يزوده باحتياجاته وينقل إليه المعلومات، وهو الأمر الذي وطد علاقته بالرجل بحيث أصبح صديقه الشخصي.
الشاعر.. يد زعيم المليشيا للسرقة
عقب سيطرة المليشيات الحوثية على العاصمة صنعاء واستيلائها على مؤسسات الدولة أقدم زعيم المليشيا على تعيين المقربين منه كمشرفين على مؤسسات الدولة وبحيث يتكسبون من وراء عملية الإشراف ويمارسون عملية فساد مالي بشكل يومي.
ومثل غيره من قيادات المليشيات الحوثية فقد منح صالح الشاعر فجأة رتبة لواء بقرار من المجلس السياسي الذي يسيطر عليه الحوثيون وعين في منصب مساعد وزير الدفاع للموارد البشرية ورئيس هيئة الإسناد اللوجستي.
وبالإضافة إلى الصفة الرسمية التي أعطيت للشاعر فإن مهمة أخرى أوكلت إليه بشكل خاص، كما تقول المصادر . ونظراً للعلاقة التي ربطت زعيم المليشيا بصالح الشاعر أوكلت إليه مهمة من نوع آخر هي ما تسميه المليشيا بـ(الحارس القضائي على أموال الخونة).
ووفقاً للصلاحيات التي منحتها المليشيا لمسمى الحارس القضائي فإن صالح الشاعر يتولى عملية الإشراف على اقتحام وحصر ونهب منازل وممتلكات وأموال القيادات السياسية المختلفة أو المناهضة للمليشيا الحوثية.
وبالإضافة إلى عملية إشرافه على حصر واقتحام ونهب منازل وممتلكات قيادات سياسية كمنزل هادي والمخلافي وياسين سعيد نعمان ومحمد قحطان وابن دغر والعليمي… وغيرهم من السياسيين، فقد أوكلت إلى صالح الشاعر مهمة الاستيلاء ونهب منازل وممتلكات علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام بعد قيام المليشيات بقتله مع رفيقه الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا.. بالإضافة إلى نهب ومصادرة كل أراضي وممتلكات ومقرات وأموال المؤتمر الشعبي العام.
وتؤكد المصادر أن صالح الشاعر قام بعملية نهب كل محتويات منازل علي عبدالله صالح في العاصمة صنعاء وسنحان ومنازل أولاده وعلى رأسهم السفير أحمد علي عبدالله صالح، وأولاد أشقائه طارق صالح وإخوانه، حيث قام بنقل محتوياتها إلى أماكن أخرى، فيما تؤكد مصادر أن بعض أثاث تلك المنازل نقل إلى محافظة صعدة على متن دينات خاصة بالنقل.
وبالإضافة إلى عمليات السرقة للمنازل والممتلكات الخاصة بالشهيد صالح وأسرته وأقاربه فقد منح صالح الشاعر مهمة الإشراف على مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية بكل أصولها وممتلكاتها ومقراتها وأموالها المودعة في البنوك.
وقالت المصادر “إن الشاعر يستغل مهمته المسماة الحارس القضائي في عملية نهب ممنهجة لأموال وأصول ممتلكات مؤسسة الصالح، وكذا شركة شبام القابضة التي كانت تدير قناتي وصحيفة اليمن اليوم وتقاسمها شخصيا مع زعيم المليشيا الحوثية عبدالملك الحوثي”.
المصادر أضافت أن صالح الشاعر يتلقى أوامره شخصيا من عبدالملك ويوزع الهبات حسب اتفاق بينه وبين الأخير مما تم سرقته من هذه المؤسسات وأيضا المنازل التي يتم اقتحامها والتحفظ عليها بحجة أنها مملوكة لمن يصفونهم “الخونة والمنافقين والمرتزقة”.
وتقدر المصادر أن الأموال العينية والنقدية التي نهبها صالح الشاعر وتقاسمها مع زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي تقدر بملايين الدولارات.. واصفة في الوقت نفسه صالح الشاعر المكنى (أبو ياسر) ب”يد عبدالملك الحوثي للسرقة والنهب في العاصمة صنعاء”.
ووفقاً للمصادر ، فإن صالح الشاعر بات يستخدم نفوذه في الآونة الأخيرة للقيام بعملية ابتزاز للقيادات السياسية أو للتجار الذين يتم الاستيلاء على أراضيهم ومنازلهم مقابل الحصول على أموال أو إجبارهم على بيعها على قيادات تابعة للمليشيات الحوثية بأثمان بخسة.
يشار إلى أن رائحة الفساد التي يمارسها صالح الشاعر حظيت حتى بانتقادات من داخل المليشيا، حيث شن المحامي والناشط المحسوب على مليشيا الحوثي حسين العماد هجوماً على صالح الشاعر، واتهمه في صفحته على الفيس بوك، بممارسة عملية استيلاء على عقارات المواطنين بحجة انتمائهم للأحزاب المخالفة للحوثيين بتهم لم يتم إثباتها، ولم تصدر فيها أحكام، وأن تلك الطريقة تستخدم لابتزاز أصحاب العقارات وإجبارهم على بيعها لصالح المليشيات.