نوران بديع
صحفية سورية
تتواصل الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة، لصون اللغة العربية وتطويرها وتعزيز حضورها، وذلك عبر عشرات القوانين والمبادرات والبرامج، التي عكست قناعة تامّة لدى القيادة الإماراتية بأهمية اللغة العربية وأنها كنز المعرفة والفكر الإنساني، وأداة التواصل والتفاعل، وعلاقتها الوثيقة بالهوية الوطنية، وما تحمله من إرث تاريخي ثري.
وأطلقت دولة الإمارات، العديد من المبادرات والمشاريع بهدف الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز مكانتها، وكان آخرها، قمة اللغة العربية في إكسبو دبي 2020، وأقيمت برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
اللغة العربية في إكسبو دبي
ونظمت القمة وزارة الثقافة والشباب الإماراتية بالشراكة مع مركز أبوظبي للغة العربية في الفترة بين الـ19 و20 من شهر كانون الأول (ديسمبر) 2021، انسجاماً مع المستهدفات الإستراتيجية للوزارة، وإسهاماً في ترجمة رسالة إكسبو دبي 2020 في “تواصل العقول وصنع المستقبل”، وبالتزامن مع انعقاد الدورة الـ 22 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافيّة في الوطن العربي، وفق ما أورده موقع “العين”.
وأوصت القمة بتطوير آليات عمل مجامع اللغة العربية، وتعزيز التنسيق بين الجوائز العربية المختلفة، وإقرار ميثاق إعلامي عربي مشترك يعنى باللغة العربية في الإعلام.
كما أوصت بتأسيس وحدة حكومية لتعزيز المحتوى الإعلامي العربي، وإنشاء لجان استشارات تخصصية: لغوية إعلامية اقتصادية تعليمية، وتفعيل الشراكة بين الإعلام ومراكز البحث العلمي في مختلف التخصصات الإنسانية واللغوية والعلمية، وإقرار مقرر للغة العربية بكليات الإعلام وأقسامها في الجامعات العربية.
المعجم التاريخي للغة العربية
وشهد عام 2021، إنجازاً ثقافياً وحضارياً يؤرّخُ للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرناً ويرعاه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
كما تمّ بالمناسبة إطلاق الموقع الرسمي للمعجم ليكون متاحاً أمام الجمهور ويمكن الباحثين والمهتمين من تصفح المجلدات المنجزة والبحث عن الجذور والمداخل، بالإضافة إلى إمكانية تصفح المدونة وما تحويه من كتب وعناوين تم الاعتماد عليها لإعداد الأجزاء الأولى من المعجم.
دشنت الإمارات منصة “مدرسة”، وهي منصّة تعليمية إلكترونية رائدة توفِّر محتوى تعليمياً متميزاً باللغة العربية في جميع مواد العلوم والرياضيات، ومتاحة مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا
وتغطي مجلدات المعجم الأولى الأحرف الخمسة الأولى: الهمزة، والباء، والتاء، والثاء، والجيم، حيث تقدّم تاريخ المفردات في السياق الذي وردت فيه في عصر ما قبل الإسلام، على ألسنة الشعراء الجاهليين، مروراً بالعصر الإسلامي، وتتبع اللّفظ في النص القرآني، والحديث النّبويّ الشريف، مروراً بالشعر الأموي، والعباسي إلى العصر الحديث، وترصد حركة الألفاظ، وفق موقع “الألسكو”.
يشارك في إنجاز المعجم، الذي يشرف عليه اتّحاد المجامع اللغوية والعلمية في القاهرة، عشرة مجامع عربية، ويتولى مجمع اللغة العربية بالشارقة إدارة لجنته التنفيذية، ويستند المعجم في إنجازه على قاعدة بيانات تم جمعها وأتمتتها ووضع منهجيات وأنظمة الرجوع إليها خلال الأعوام الأربعة الماضية لتضم اليوم قرابة 20 ألف كتاب ومصدر ووثيقة تاريخيّة باللغة العربية، منها نقوش وآثار يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الإسلام.
منصة مدرسة
كما ودشنت الإمارات منصة “مدرسة”، وهي منصّة تعليمية إلكترونية رائدة توفِّر محتوى تعليمياً متميزاً باللغة العربية في جميع مواد العلوم والرياضيات، ومتاحة مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي أينما كانوا.
وتعدّ منصة مدرسة إحدى مبادرات مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية وقد تم تدشين المنصة، في مرحلتها الأول، في أيلول (سبتمبر) 2018.
وتضم المنصة، 5000 درس تعليمي بالفيديو تشمل مواد الفيزياء والكيمياء والأحياء، والرياضيات والعلوم العامة تغطّي مختلف المناهج الدراسية، من رياض الأطفال وحتى الصفّ الثاني عشر، وإلى جانب الفيديوهات التعليمية، تضمّ مدرسة تمريناتٍ وتطبيقات في مختلف المواد العلمية بما يرفد العملية التعليمية في إطار تكاملي.
تسعى مبادرة “بالعربي” إلى تعزيز مكانة اللغة العربية بين لغات العالم، وحث الجمهور على استخدامها في مختلف قنوات التواصل اليومية
وتمّ إعداد وإنتاج هذه الفيديوهات التعليمية بالاستناد إلى أحدث مناهج التعليم العالمية، ضمن خطة تعريب وإنتاج مدروسة تمّت فيها مراعاة احتياجات الطلبة التعليمية في شتى المراحل الدراسية، كما تم تطبيق أرقى المعايير والضوابط الفنية في اختيار المواد العلمية، وتعريبها، ومواءمتها وفق المناهج المعتمدة في الدول العربية، وذلك من خلال تحدي الترجمة.
القانون الوطني للقراءة
وفي العام 2016، أصدر آنذاك، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، أول قانون من نوعه للقراءة، يضع أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة، لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدامٍ، وذلك في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة في المنطقة.
يهدف القانون إلى دعم تنمية رأس المال البشري، والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية، ودعم الإنتاج الفكري الوطني، وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة.
وشدّد سموه على أنّ القراءة حق لجميع أفراد المجتمع، وهو حق يكفله القانون، ويحميه منذ أن ينطق الفرد كلماته الأولى.
ويكتسب قانون القراءة أهمية استثنائية كقانون شامل على المستوى الوطني، إذ يبرز اهتمام الدولة وقيادتها بالتنمية البشرية من الجوانب كافة، وسعيها إلى تطوير الأصول الثقافية لمواطنيها، بما يكفل إعداد وتأهيل أجيال قادرة على أن تؤسس لإرث فكري إماراتي يمكن تطويره والبناء عليه.
ويضع “القانون الوطني للقراءة” أطراً ملزمة لجميع الجهات الحكومية في القطاعات التعليمية والمجتمعية والإعلامية والثقافية، لترسيخ القراءة لدى كل فئات المجتمع بمختلف المراحل العمرية، وفق ما أوردته صحيفة “الإمارات اليوم”.
“تحدي القراءة العربي”
وشهد العام ذاته، إطلاق “تحدي القراءة العربي”، والذي يعتبر أكبر مشروع عربي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي عبر التزام أكثر من مليون طالب بالمشاركة بقراءة 50 مليون كتاب خلال كل عام دراسي.
وتسعى المبادرة إلى تعزيز مكانة اللغة العربية بين لغات العالم، وحث الجمهور على استخدامها في مختلف قنوات التواصل اليومية.
جائزة محمد بن راشد للغة العربية
وفي العام 2014، تم إطلاق جائزة محمد بن راشد للغة العربية، والتي تعد أرفع تقديرٍ لجهود العاملين في ميدان اللغة العربية أفراداً ومؤسّسات، وتندرج في سياق المبادرات التي أطلقها الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم للنّهوض باللّغة العربيّة ونشرها واستخدامها في الحياة العامة، وتسهيل تعلّمها وتعليمها، إضافة إلى تعزيز مكانة اللّغة العربيّة وتشجيع العاملين على نهضتها.
وتسعى الجائزة إلى جعل الإمارات مركزاً للتميز باللغة العربية، الارتقاء باللغة العربية وتشجيع المبادرات التي تساهم في تطويرها، إبراز المبادرات الناجحة وتكريمها في فئات الجائزة المختلفة.
وتبلغ قيمة جائزة محمد بن راشد للغة العربية 70 ألف دولار أمريكي عن كل فئة من فئات الجائزة.
“بالعربي”
وتسعى مبادرة “بالعربي”، التي انطلقت عام 2013، إلى تعزيز مكانة اللغة العربية بين لغات العالم، وحث الجمهور على استخدامها في مختلف قنوات التواصل اليومية.
وبدأت المبادرة كفكرة طرحها مجموعة من طلبة جامعات الإمارات، ونفذت بمشاركة عدد كبير من الشباب الجامعي المتطوع لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، التي تبنت الفكرة لتطلقها سنوياً بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية.
أعلن محمد بن راشد، في 2012، عن مشروع ميثاق اللغة العربية، والذي يعتبر نقطة انطلاق رئيسة للجهود الإماراتية في صون وحماية اللغة العربية، وتعزيز مكانتها ودورها في حياة المجتمع
وتستهدف جميع فئات المجتمع الناطقة باللغة العربية في الإمارات وحول العالم، لتعزيز الهوية العربية لدى الشباب والشعور بالانتماء، عن طريق التشجيع على استخدام اللغة العربية فقط في جميع وسائل التواصل الاجتماعي “تويتر وفيسبوك وانستغرام” طيلة اليوم العالمي للغة العربية.
جائزة الشيخ زايد للكتاب
وهي جائزة مستقلة، تُمنح سنوياً لصناع الثقافة والمفكرين والمبدعين والناشرين والشباب، عن مساهماتهم في مجالات التنمية والتأليف والترجمة في العلوم الإنسانية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية، وذلك وفق معاييرَ علمية وموضوعية.
وقد تأسست هذه الجائزة في مركز أبوظبي للغة العربية بدعم ورعاية من “دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي”، واهتمت بتخصيص فروع لأدب الطفل والناشئة والشباب، لتشجيع أفكار بناء كيان الأسرة، ومواجهة الأفكار الخارجة عن نهج المجتمع.
وفي أيار (مايو) 2021، فازت الكاتبة السورية ماريا دعدوش بالجائزة عن فرع “أدب الطفل والناشئة”، عن قصتها “لغز الكرة الزجاجية”، الصادرة عن دار الساقي عام 2021، فيما نال الكاتب الدكتور محمد المزطوري من تونس الجائزة عن فرع “المؤلف الشاب”، عن كتابه “البداوة في الشّعر العربي القديم”، الصادر عن كل من كلّية الآداب والفنون والإنسانيات- جامعة منوبة ومؤسّسة GLD (مجمع الأطرش للكتاب المختصّ) عام 2021.
ميثاق اللغة العربية
كما وأعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في نيسان (أبريل) عام 2012، عن مشروع ميثاق اللغة العربية، والذي يعتبر نقطة انطلاق رئيسة للجهود الإماراتية في صون وحماية اللغة العربية، وتعزيز مكانتها ودورها في حياة المجتمع.
وجاء الميثاق ليكون مرجعاً لجميع السياسات والقوانين المتعلقة بحماية اللغة العربية، وتعزيز استخدامها في الحياة العامة، ومن أهم مخرجاته إنشاء “المجلس الاستشاري للغة العربية” الذي أوكلت إليه مهمة رعاية ودعم الجهود الرّامية لتطبيق مبادئ وتوصيات “ميثاق اللغة العربية”.
المصدر حفريات