سامح إسماعيل
كاتب مصري
ظهر الإخوان المسلمون في الهند، بفضل جهود أبو الأعلى المودودي، الذي أسّس الجماعة الإسلاميّة، في العام 1941، قبل أن ينتقل إلى باكستان، في أعقاب الانفصال، ويؤسس فرع الجماعة هناك.
تودع حركة الجبهة الشعبية في الهند (PFI)، أحد أبرز الأذرع الراديكالية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والتي يمثلها رسمياً، تنظيم الجماعة الإسلامية، إلّا أنّ الأولى التي ظهرت في ولاية كيرالا، جاءت امتداداً للحركة الطلابية الإسلامية في الهند (SIMI)، والتي كانت فيما مضى الجناح المسلح التابع للجماعة الإسلاميّة.
وثيقة فتح الهند
في تمّوز (يوليو) الماضي، كشفت شرطة بيهار، عن وثيقة خطيرة ضمن مجموعة أوراق تخص الجبهة الشعبية الهندية، وتتضمن خطة لتحويل الهند إلى دولة إسلاميّة، بحلول العام 2047، والذي يصادف مرور مئة عام على استقلال البلاد.
تتحدث الوثيقة التي جاءت بعنوان: “الهند – 2047 نحو حكم الإسلام في الهند”، عن كيفية إخضاع المجتمع الهندوسي، الذي تصفه بالجبان، واستعادة المجد الإسلامي المفقود، وذلك بحسب موقع (Fristpost) الهندي، الناطق بالإنجليزية، والذي نشر محتوى الوثيقة، والتي تتحدث عن استخدام العنف بشكل انتقائي؛ لإظهار قوة الإخوان، وإرهاب خصومهم، مع التنبيه على تجنب التعرض لقوات الأمن. وكشفت الوثيقة عن وجود عناصر مسلحة، تمّ تجنيد المتميزين منهم؛ لتلقي تدريبات متقدمة على استعمال الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة النارية والمتفجرات.
جذور الإرهاب
كانت الحركة الطلابية الإسلامية في الهند، هي الأرضية التي انطلقت منها الجبهة الشعبية، حيث حدث خلاف بين الحركة الطلابية وقيادات الجماعة الإسلاميّة، فضت على إثره الجماعة ارتباطها بجناحها المسلح، الذي يبدو أنّه خرج عن السيطرة، بعد أنّ سيطر التيار الراديكالي عليه. وفي أيلول (سبتمبر) 2001، حظرت الحكومة الهندية الحركة الطلابية، بعد وقت قصير من هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة.
في وقت لاحق من العام 2006، تم دمج جبهة التنمية الوطنية (NDF) ومقرها ولاية كيرالا، مع منتدى كارناتاكا للكرامة (KFD)، ما أدى إلى ولادة الجبهة الشعبية، وأكدت حكومة ولاية كيرالا في العام 2012، ضمن تقرير أمني لها، أنّ تنظيم الجبهة الشعبية، لم يكن سوى إحياء للحركة الطلابية الإسلاميّة في الهند.
وتضم الجبهة الشعبية جناحاً نسائيّاً، يتمثل في الجبهة الوطنية للمرأة (NWF)، وظهيراً سياسيّاً، هو الحزب الاجتماعي الديمقراطي في الهند (SDPI)، بالإضافة إلى الجناح الديني، المعروف باسم مجلس أئمة الهند (AIIC)، وجناح حقوقي باسم الاتحاد الوطني لمنظمات حقوق الإنسان (NCHRO). وكلها أذرع تدين بالولاء إلى جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا.
الهيكل التنظيمي
يتنظم العمل في الجبهة الشعبية، من خلال محاكاة أُطر جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وتضم الجبهة حوالي ثلاث شعب أساسيّة، على مستوى القاعدة الشعبية، تنقسم كل منها إلى مناطق، تنقسم بدورها إلى أقسام، تتبع كلها المجلس التنفيذي للولاية، الذي يتبع بدوره المجلس التنفيذي الوطني (NEC).
تمارس الجبهة الشعبية نشاطاً كبيراً على صعيد التجنيد، ويتم غسل أدمغة المجندين الجدد في المستوى الأول، من خلال خطاب حماسي عاطفي، يتمّ فيه توظيف قضايا مجتمعية حساسة، وتُستخدم صور ولقطات من مناطق الصراع مثل: فلسطين وغزة وكشمير وغيرها؛ لخلق شعور عام بالمظلومية، والمسؤولية عن الدفاع عن “الأمة.
في المستوى الثاني، يدرس المجندون التاريخ الإسلامي، الذي يفسره منظرو الإخوان المسلمين، وفي المستوى الثالث، يتم غسل أدمغتهم، لتكريس الاعتقاد بأنّ الجبهة الشعبية فقط، هي التي يمكن أن توفر حلًا لجميع التحديات التي يواجهها المجتمع المسلم.
أخيراً، وفي المستوى الرابع، يتم تسجيل الأعضاء بالكامل في المنظمة؛ حيث يتعين عليهم إعطاء البيعة للزعيم؛ عن طريق وضع أيديهم على صدورهم، وقراءة القسم. ومعظم اجتماعات هذا التنظيم الإخواني سريّة، ممنوع فيها حمل الهواتف المحمولة، أو تسجيل أيّ نوع من المحادثات.
يقول الباحث الألماني أرندت إمريش في كتابه: “الحركات الإسلامية في الهند” إنّ رئيس الجبهة الشعبية كشف له عن تأثر التنظيم بحركة حماس الفلسطينية، ما يكشف عمق تغلغل فكرة الجهاد المسلح، الذي يبرر لجوء الحركة إلى التدريب السري على استخدام الأسلحة والمتفجرات.
الدعم التركي
تكشف الوثائق المسربة عن الجبهة الشعبية، أنّ الحركة الإخوانية، نجحت في تطوير علاقاتها مع تركيا، والتي ضخت أموالاً من أجل دعم التنظيم، استخدمت في شراء الأسلحة وبناء منشآت التدريب. وبحسب المحلل الإستراتيجي الهندي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أبيناف بانديا، فإنّ أردوغان لديه أسباب وجيهة تدفعه تجاه الاستثمار في المسلمين الهنود، الذين يمثلون ثالث أكبر عدد من المسلمين في العالم، ما يعني أنّ كسب ولائهم، يمنح الرئيس التركي لقب زعيم العصر الحديث في العالم الإسلامي.
تلعب تركيا أيضاً دوراً رئيسياً في الصراع في كشمير. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “هندوستان تايمز”، في 18 أيلول (سبتمبر) 2020، فإنّ وكالة الاستخبارات الهندية، بدأت في إجراء عمليات تفتيش أمنية واسعة، على الجمعيات الخيرية المرتبطة بتركيا، والتي أصبحت نشطة فجأة في جامو وكشمير، ما يعكس توجهاً تركياً نحو التمدد في الهند، من خلال الأذرع الإخوانية، وعلى رأسها تنظيم الجبهة الشعبية.
ومن ثم، فليس سراً أنّ تركيا لعبت دوراً رئيسياً، في دعم مبادرة التمويل السياسي للجبهة، على الأقل أيديولوجياً، لكسب ظهير إسلامي في الهند.
جدير بالذكر أنّ الجبهة اصطدمت بعدد من التيارات الإسلامية الأخرى في الهند، في أعقاب مؤتمر مكافحة التطرف، الذي عُقد في ملعب للهوكي في حيدر أباد في 8 أيّار (مايو) الماضي، حيث قام علماء من المجتمع الإسلامي، بالتحذير من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها المسلحة المتمثلة في الجبهة الشعبية.
المصدر حفريات