كريتر نت – العرب
وضع حزب الله الجمعة حجر الأساس لـ”معلم للسياحة الجهادية” في أول معسكر أسسه الحرس الثوري الإيراني في لبنان لتدريب مقاتلين من الحزب في منطقة جنتا في شرق البلاد، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف إلى تحويل أنشطة الحزب إلى تاريخ يتردد عليه اللبنانيون مقابل تهميش تاريخ البلاد.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في كلمة ألقاها خلال حفل وضع حجر الأساس إنه “أول معسكر تدريب للمقاومة الإسلامية في لبنان، وأول دورة عسكرية لتدريب وتخريج مقاتلين للمقاومة الإسلامية في لبنان”.
واعتبر المراقبون أن حزب الله يستغل ضعف الدولة اللبنانية وسيطرته على المشهد السياسي والإعلامي وغياب منافسين جديين لكتابة تاريخ جديد يمجّد أنشطته ويجعلها جزءا مهما في تاريخ لبنان بالرغم من أن تلك الأنشطة تتعارض مع مصالح لبنان وهويته الثقافية، مشيرين إلى أن حزب الله تأسس كخلية تابعة للحرس الثوري الإيراني وأنشطته كانت تتنزل في سياق خطط إيران، وهي لا تعبّر عن لبنان واللبنانيين.
ونجح حزب الله في أن يفرض على لبنان اعترافا رسميا بـ”المقاومة” التي كان يخوضها ضد إسرائيل، ويعمل الآن على تحويلها إلى تاريخ لبناني.
وتسلم الحرس الثوري الإيراني المعسكر في العام 1982 وعمل على توسيعه بعدما كان استخدم لسنوات من قبل حركة أمل، التي يتزعمها اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وشارك في أولى دورات معسكر جنتا التدريبية الأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي، الذي اغتالته إسرائيل في العام 1992.
وتعرض المعسكر، وفق نصرالله، مرات عدة لقصف إسرائيلي أودى بحياة مقاتلين لبنانيين ومدربين إيرانيين.
ولم يعد حزب الله يعتمد على هذا المعسكر، الذي توسع تدريجياً وشهد العديد من الدورات التدريبية، وافتتح معسكرات تدريبية عدة في مناطق أخرى.
وفي موقع جنتا الواقع في الجرود الشرقية في البقاع اللبناني، وضعت الجمعة آليات عسكرية وانتشر عناصر لحزب الله في التلال المحيطة، وسط مشاركة بضع مئات من الأشخاص، بينهم مسؤولون حزبيون.
وبث حزب الله شريط فيديو يظهر مقاتليه أثناء قيامهم بتدريبات عسكرية في المعسكر. ويأتي وضع حجر الأساس لمعلم جنتا في ختام شهرين أقام خلالهما حزب الله فعاليات عدة لمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسه.
وتأسس حزب الله العام 1982 في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي بدعم من الحرس الثوري الإيراني، وانضم إلى مجموعات يسارية تصدّت للقوات الإسرائيلية. ومعلم جنتا ثاني موقع “سياحي” يقيمه حزب الله.
وفي 2010، وبمناسبة الذكرى العاشرة لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، افتتح حزب الله “متحف مليتا للسياحة الجهادية” في منطقة إقليم التفاح (جنوب)، في موقع عسكري استخدمه مقاتلوه قاعدة لشنّ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي.
ولبنان وإسرائيل في حالة حرب رسمياً. وفي يوليو 2006، شنّت إسرائيل هجوماً مدمراً على لبنان استمر 33 يوماً بعد خطف حزب الله جنديين إسرائيليين. وتسببت الحرب بمقتل 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون و160 إسرائيلياً معظمهم جنود.
ومؤخراً، حذر نصرالله من نشوب حرب اعتبر أنها قد تُخضع إسرائيل لشروط لبنان في حال مُنع من استخراج النفط والغاز من مياهه، في وقت تستمر فيه الوساطة الأميركية في ملف ترسيم الحدود البحرية.
ويقول محللون وسياسيون لبنانيون إن حزب الله نجح في أن يجعل لنفسه تاريخا يسيطر على تاريخ الدولة التي تراجعت وضعفت بعد أن كانت نموذجا إقليميا، مشيرين إلى أن “انتصارات” الحزب حوّلته إلى دولة داخل الدولة، في المقابل تم تهميش الدولة وتراجع الهوية الوطنية القائمة على التنوع لتصبح دولة قائمة على صراع الطوائف والأجندات الخارجية.