كريتر نت – متابعات
رسم الرئيس التونسي قيس سعيد خطوطا حمراء أمام الدبلوماسيين الأميركيين الذين دأبوا في الفترة الأخيرة على توجيه انتقادات للانتقال السياسي الجديد الذي تعيشه تونس منذ 25 يوليو 2021، مؤكدا أن تصريحاتهم حول بلاده “غير مقبولة”.
وقال مراقبون إن قيس سعيد أثبت أنه شخصية مختلفة عن الذين حكموا البلاد في العشرية الأخيرة، والذين كانوا يسيرون وفق التوجيهات والإشارات التي كانت تصلهم من الخارج، سواء أكانت تلك الإجراءات في صالح تونس أم لا، والذين كانوا يقيسون تحركاتهم وبرامجهم بمقياس الخارج بقطع النظر عن الظروف الداخلية.
وأشار المراقبون إلى أن الموقف المعارض للتصريحات الأميركية التي يحكمها منطق الوصاية والاستعلاء سيزيد من تقريب قيس سعيد إلى التونسيين الذين يريدون حل خلافاتهم من خلال حوارات ونقاشات في الداخل، لافتين إلى أنه أظهر مرة أخرى أنه شخصية من الشخصيات التي لا تخاف من الضغوط والتهديدات، وأنه يحتكم إلى البعد الوطني فقط .
ويرى هؤلاء أن ثقافة الاستعلاء الأميركية لا تتماشى مع تونس، ولاسيما مع الرئيس سعيد الذي باتت له حساسية خاصة تجاه التدخلات الخارجية التي تحاول التأثير بشكل أو بآخر على خيارات الشعب التونسي، معتبرين أن قيس سعيد يستمد قوّته من شعبيته ومن غضب التونسيين على الأحزاب السابقة التي كانت قد فتحت الأبواب أمام التأثير الخارجي على الوضع في تونس.
وجاءت تصريحات قيس سعيد القوية خلال لقائه بوفد من الكونغرس الأميركي يزور البلاد، وبحضور القائمة بأعمال السفارة الأميركية في تونس ناتاشا فرانشيسكي، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وقال البيان الذي نشرته صفحة الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية في فيسبوك إن “سعيد استهل اللقاء مع الوفد الأميركي بالتذكير بالمحطات التاريخية في العلاقات التونسية – الأميركية منذ أكثر من قرنين”.
وأوضح قيس سعيّد “العديد من الحقائق لدحض الحملات التي يقوم بها أشخاص معروفو الانتماء، وبيان الممارسات التي سادت على أكثر من عقد في كل المستويات، وأدت إلى المزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.
وذكّر الرئيس التونسي بـ”مبادئ القانون الدولي التي كرّسها ميثاق الأمم المتحدة، ومن بينها احترام سيادة الدول والمساواة بينها وعدم التدخل في شؤونها”.
وأشار إلى أن “التصريحات التي صدرت عن عدد من المسؤولين (الأميركيين) في المدّة الأخيرة غير مقبولة على أي مقياس من المقاييس، لأن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، فضلا عن أن السيادة فيها للشعب الذي عبّر عن إرادته في الاستفتاء وسيُعبّر عنها في الانتخابات القادمة بديسمبر المقبل”.
وقالت السفارة الأميركية في تونس الاثنين إن وفدا من الكونغرس التقى الرئيس سعيد وأعلن له انشغاله بالمسار الديمقراطي في البلاد.
وأوضحت السفارة الأميركية في بيان لها أن “الوفد شدد على أهمية قضاء مستقل ومجلس نيابي (برلماني) نشط فعال حتى يستعيد الشعب التونسي ثقته في النظام الديمقراطي”.
ولم تكن هذه هي التصريحات الوحيدة التي ناقشت فيها دوائر وشخصيات أميركية الوضع في تونس وعبرت عن تخوّفها من مآلاته؛ فقد سبق أن انتقد مسؤولون، من بينهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الوضع في تونس.
وككل مرة يؤكد الرئيس التونسي أنه ليس من حق الولايات المتحدة التحدث عن شؤون تونس الداخلية، في الوقت الذي يتهم فيه تونسيون قوى المعارضة الرئيسية، خاصة حركة النهضة، بالرهان على ضغوط واشنطن من أجل منع قيس سعيد من تنفيذ أجندته، لاسيما ما تعلق منها بالاستفتاء الذي أفضى إلى إقرار دستور جديد في البلاد.
وفي 29 يوليو الماضي أعلنت وزارة الخارجية التونسية في بيان أنها استدعت القائمة بأعمال السفارة الأميركية من أجل التنديد بـ”التدخل” وبالتصريحات “غير المقبولة” التي أدلى بها مسؤولون أميركيون انتقدوا الاستفتاء على الدستور.
وفي 28 يوليو الماضي أصدر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بيانا اعتبر فيه أن “الدستور الجديد يضعف الديمقراطية في تونس”.
وأكد البيان، الذي نشرته السفارة الأميركية في تونس، أن “الولايات المتحدة ستستخدم بالتنسيق مع حلفائها وشركائها جميع الأدوات المتاحة لها لدعم الشعب التونسي في تشكيله لحكومة ديمقراطية تخضع للمساءلة وتُبقِي متسعا للنقاش الحر والمعارضة الحرة”.
وتزامن بيان الخارجية الأميركية مع كلمة ألقاها السفير الأميركي الجديد لدى تونس جوي هود أمام الكونغرس، أكد فيها أنه “سيستخدم جميع أدوات النفوذ الأميركي للدعوة إلى العودة إلى الحكم الديمقراطي”.