كريتر نت – وكالات
يتوجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، يوم الخميس، في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، تهدف لمعالجة عدد من الملفات الهامة.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس الفرنسي ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون أن “هذه الرحلة ستساعد في تعميق العلاقات الثنائية التي تتطلع إلى المستقبل، وتعزيز التعاون الفرنسي الجزائري في مواجهة القضايا الإقليمية ومواصلة العمل على تضميد الذكريات”.
وكان تبون قد دعا نظيره الفرنسي إلى زيارة الجزائر في رسالة تهنئة بعث له بها بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية في أبريل الماضي، أكد خلالها أن الرؤية الجديدة المبنية على الندية وتوازن المصالح “التي نتقاسمها فيما يتعلق بالذاكرة وبالعلاقات الإنسانية والمشاورات السياسية والاستشراف الاستراتيجي والتعاون الاقتصادي والتفاعلات في كافة مستويات العمل المشترك، من شأنها أن تفتح لبلدينا آفاقا واسعة من الصداقة والتعايش المتناغم في إطار المنافع المتبادلة”، حسبما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية.
وأبرز الرئيس الجزائري أن المأمول من الزيارة هو إطلاق “ديناميكية تدفع إلى التقدم في معالجة الملفات الكبرى وإلى تكثيف وتوسيع العلاقات الجزائرية- الفرنسية”.
توقيت وجدول الزيارة
– يعود ماكرون إلى الجزائر في ثاني زيارة له بعد ديسمبر 2017.
– مقارنة بزيارته الأولى التي كانت مدتها نحو 12 ساعة، سيقضي ماكرون وقتا أطول في العاصمة الجزائر ومدينة وهران (شمال غرب).
– تأتي زيارة ماكرون للجزائر بعد أقل من عام على أزمة دبلوماسية استمرت لأشهر بين البلدين، وأثارت توترات ما بعد الاستعمار، تصاعدت حدّتها منذ خريف 2021 لتعود لهدوء ملحوظ في شتاء العام نفسه.
– تمثّل الزيارة خطوة على طريق طي صفحة سلسلة من التوترات التي بلغت ذروتها باستدعاء السفير الجزائري في أكتوبر 2021 بعد تصريحات الرئيس الفرنسي حول النظام “السياسي العسكري” الجزائري.
– تمهيدا لعودة الدفء للعلاقات الثنائية بين البلدين، قام وزير أوروبا والشؤون الخارجية لجمهورية فرنسا، جان إيف لودريان، بزيارتين إلى الجزائر في ديسمبر 2021 وأبريل 2022، كان الهدف منهما إرساء “علاقة ثقة” يطبعها احترام وسيادة كل طرف و”رفع العوائق وحالات سوء الفهم بين البلدين”.
– سيعقد ماكرون اجتماعا مع تبون يوم الجمعة بحضور قائد الجيش ووزراء الدفاع والخارجية الفرنسيين لبحث السلام والاستقرار في المنطقة، بعد أن أكملت فرنسا سحب قواتها من مالي في وقت سابق من الشهر الجاري، وفقما ذكرت “الأسوشيتد برس”.
الملفات الشائكة بين البلدين
– سيسعى الطرفان للعمل على التئام الجروح الموروثة من الحقبة الاستعمارية، بعد 60 عاما من نيل الدولة الواقعة في شمال إفريقيا استقلالها عن فرنسا.
– من المتوقع أن تتطرق الزيارة لمشكلة الهجرة غير الشرعية وملف التأشيرات إثر تخفيض في عدد تأشيرات “الشنغن” التي تمنحها باريس للجزائريين بنسبة 50 في المئة على خلفية إعادة قبول المواطنين الجزائريين الذين يعتبرون غير مرغوب فيهم بفرنسا.
– ملف الساحل: بعد أن أكملت فرنسا سحب قواتها من مالي في وقت سابق من الشهر الجاري، ما تزال باريس تحتفظ بقوات في منطقة الساحل الأوسع، مع انتقال قلب العملية إلى النيجر.
وقد شدد الإليزيه على أهمية التنسيق مع السلطات الجزائرية حيث تشترك البلاد في حدود طويلة في الصحراء مع مالي وليبيا والنيجر، وهي مسارات يستخدمها المهربون والمتطرفون.
– ضحايا التجارب النووية: ملف آخر شائك بين البلدين يتمثل بتعويض ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966.
– كشف مصير المفقودين في الثورة الجزائرية والتي تشير تقديرات إلى أن عددهم يبلغ 2200، علما أن فرنسا سلمت دفعة من رفات هؤلاء في عام 2020.
– للزيارة جانب اقتصادي مهم، فقد اضطرت فرنسا بسبب الحرب الأوكرانية للبحث عن شركاء جدد لها في مجال الطاقة، كالجزائر التي تمتلك 28 في المائة من احتياطي الغاز في إفريقيا.
مبادرات إيجابية
أكد تبون في عدة مناسبات أن استئناف العلاقات الطبيعية مع باريس يكون على أساس “الاحترام الكامل للدولة الجزائرية” ومن خلال التعامل “الند للند”، مبرزا في إحدى الحوارات مع وسائل الإعلام أنه “مع الرئيس ماكرون، نستطيع أن نذهب بعيدا في حل الإشكالات المتعلقة بالذاكرة”.
وفي السنوات الأخيرة، اتخذ ماكرون خطوات غير مسبوقة للاعتراف بالتعذيب والقتل على أيدي القوات الفرنسية خلال حرب الاستقلال بين عامي 1954 و1962، في محاولة لتهدئة العلاقات بين البلدين.
ومع ذلك، فإن سلسلة الإيماءات الرمزية لم تصل إلى مستوى اعتذار من فرنسا عن أفعالها خلال الحرب، وهو مطلب قديم من الجزائر.
ووعد ماكرون، وهو أول رئيس فرنسي يولد بعد نهاية حرب الاستقلال التي استمرت سبع سنوات في الجزائر عام 1962، بحساب أخطاء الحقبة الاستعمارية.
واعترف ماكرون في عام 2018، بمسؤولية الدولة الفرنسية في وفاة المعارض الجزائري موريس أودان عام 1957، ليسجل بذلك سابقة بإقرار استخدام الجيش للتعذيب الممنهج أثناء الحرب.
واتخذ لاحقا قرارا هاما لتسريع رفع السرية عن الوثائق السرية المتعلقة بالحرب.