كريتر نت – متابعات
اتهمت وسائل إعلام غربية روسيا بقيادة حملة دعائية باللغة العربية “تعمل على تشويه الحقائق وتغيير الرأي العام بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا تقودها شبكة ‘روسيا اليوم’ إلى جانب وسائل إعلام روسية أخرى مثل سبوتنيك وريبتلي”.
وتتصاعد مخاوف الباحثين الغربيين في المنطقة العربية مما يمكن أن يسفر عنه نجاح البروباغندا الروسية في العالم العربي.
ويقول باحثون ومتخصصون في الإعلام إن محطات روسية -مثل “روسيا اليوم”- “تطمس الخطوط الفاصلة بين التقارير الإخبارية والدعاية والقوة الناعمة، وقد أصبحت منذ إنشائها في عام 2005 موضوعًا للكثير من الجدل، لاسيما في الدول التي تسعى فيها روسيا إلى تعميق نفوذها”.
منذ بداية الغزو الروسي استقبل موقع “روسيا اليوم” العربي أكثر من 10 ملايين زائر
وتقول قناة “روسيا اليوم” العربية إنها تقدم وجهات نظر بديلة أو غير سائدة، وهو أحد أسباب جذب المحطة الروسية لمشاهدين عرب اعتادوا على صوت واحد يصدر من وسائل الإعلام، إضافة إلى ما قد يعتقدون أنه تغطيات غير متوازنة في التعامل الإعلامي الغربي مع الأحداث في منطقتهم.
وينطبق هذا التفسير لشعبية هذه القناة بين الناطقين بالعربية أيضاً على الدعاية الروسية الموجَّهة إلى جمهور الشرق الأوسط بشكل عام. وبحسب خبراء فإن شبكة “روسيا اليوم” تلقى جمهوراً متزايداً في المنطقة العربية خاصة في سوريا ومصر والعراق.
ومن المواضيع التي تروق لمواطني الشرق الأوسط أن روسيا تقف “ضد التدخل الخارجي في الشؤون السيادية للدول”، حسب ما جاء في تقرير مركز جورج سي مارشال الأوروبي للدراسات الأمنية. كما أن هناك موضوعا آخر هو أن روسيا تفضل عالماً متعدد الأقطاب كبديل عن عالم تهيمن عليه المصالح الغربية.
ويقول ديمتري غورنبرغ، كبير الباحثين في مركز “سي.أن.آي” الأميركي للبحث والتطوير، إنه على الرغم من أن روايات السياسة الخارجية الروسية مصممة لتحريف الواقع “إلا أن أحد الخيوط المشتركة التي تربط هذه الروايات معاً هو أن جميعها تحتوي على جزء من الحقيقة”.
وقد شهدت المنشورات الروسية بلغات مختلفة على مواقع التواصل ارتفاعاً كبيراً في الأسابيع التي أعقبت بدء الحرب، وفقاً لتحليل أجرته منظمة آفاز للحكم الرشيد.
ويقول مصطفى عياد، المدير التنفيذي لقسم أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا بمعهد الحوار الإستراتيجي في لندن، إنه منذ بداية الغزو الروسي استقبل موقع “روسيا اليوم” العربي أكثر من 10 ملايين زائر، لتصبح بذلك هذه القناة من القنوات الإخبارية الإقليمية الأكثر شعبية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وإن أكثر من 600 ألف زائر وصلوا إلى محتوياتها على منصات التواصل خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ورغم القيود التي فرضتها منصات التواصل المختلفة لتقييد حسابات وسائل الإعلام الحكومية الروسية، إلا أن المنشورات الصادرة من تلك الحسابات لا تزال منتشرة خصوصاً باللغات الإسبانية والعربية وغيرها وفي أماكن خارج دول الغرب، ما يعني أن جهود التقييد لم تكن بهذه الفاعلية سوى حيال اللغة الإنجليزية وداخل عدد معين من الدول.
من المواضيع التي تروق لمواطني الشرق الأوسط أن روسيا تقف “ضد التدخل الخارجي في الشؤون السيادية للدول”
وتقول شبكة “دويتشه فيله” الألمانية “سواء من خلال اللغة الإسبانية في أميركا اللاتينية أو باللغة العربية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يستمر التدفق المستمر للدعاية والمعلومات المضللة الروسية في محاولة لتبرير الغزو، كما تتواصل محاولات شيطنة أوكرانيا، فيما يتم التعتيم على المسؤولية الروسية عن الفظائع التي ارتكبت بحق الآلاف من المدنيين الأوكرانيين”.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية كانت نتيجة عدم القدرة على السيطرة على نشر الدعاية الروسية حدوث تباين كبير على المستوى الجغرافي والثقافي في حرب المعلومات حول أوكرانيا، الأمر الذي ساعد في تقويض الجهود التي تقودها الولايات المتحدة وأوروبا لممارسة ضغط دولي واسع على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء حربه، حسب قول بول إم باريت، نائب مدير مركز ستيرن للأعمال وحقوق الإنسان بجامعة نيويورك.
وفي تحليل على موقع مركز واشنطن للدراسات تقول نادية عويدات، الباحثة الزائرة ببرنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون، إن الأنظمة الاستبدادية، ومن بينها النظام الروسي، تستغل وسائل التواصل لتصوير الغزو على أنه صراع بين الخير والشر تمثل فيه روسيا الجانب الطيب، مضيفة أن “هذا التشويه الفاضح ما هو إلا جزء من حرب دعائية أوسع نطاقًا تستهدف الديمقراطية وتشنّها الأنظمة الاستبدادية في مختلف أنحاء العالم، وأن الغرب يخسر هذه الحرب، أقله على ساحة التواصل بالعربية”.
من الأمثلة السابقة يتضح أن السردية الروسية قد تسربت إلى المتابعين العرب بمستوياتهم المختلفة، ما جعلها سائدة توجه مشاعر التعاطف بعيداً عن أوكرانيا وتركّز على “شرور” الديمقراطيات الغربية وكيلها بمكيالين في قضايا مختلفة.