كريتر نت – متابعات
أعلنت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم الأربعاء قطع تدفق الغاز مجددا إلى أوروبا عبر خط رئيسي عبر ألمانيا لثلاثة أيام “من أجل الصيانة”، مما يزيد حدة المعركة الاقتصادية بين موسكو وبروكسل ويرفع احتمالات الركود وتقنين الطاقة في بعض من أغنى دول المنطقة.
ويربط خط الأنابيب نورد ستريم 1 مباشرة حقول الغاز في سيبيريا بشمال ألمانيا من حيث يتم بعدها تصدير الغاز إلى دول أوروبية أخرى.
وأوضحت مجموعة غازبروم العملاقة الأربعاء أنها أوقفت “بالكامل” إمدادات الغاز خطّ نورد ستريم 1 بسبب “بدء أشغال مقررة في محطة لضغط الغاز” تابعة لنورد ستريم، في بيان على تطبيق تلغرام.
ويعني ذلك عدم تدفق الغاز إلى ألمانيا بين الساعة الواحدة بتوقيت غرينتش يوم 31 أغسطس وحتى الساعة الواحدة بتوقيت غرينتش يوم الثالث من سبتمبر، وفقا لشركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم.
وأظهرت البيانات الواردة من الموقع الإلكتروني للجهة المشغلة لخط الأنابيب انخفاض التدفقات إلى الصفر بين الساعة الثانية والثالثة بتوقيت غرينتش الأربعاء.
وتخشى الحكومات الأوروبية أن تمدد موسكو الانقطاع ردا على العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب غزو أوكرانيا، واتهمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام إمدادات الطاقة “كسلاح حرب”. وتنفي موسكو ذلك.
ومن شأن زيادة القيود على إمدادات الغاز الأوروبية أن تفاقم أزمة الطاقة التي أدت بالفعل إلى ارتفاع أسعار بيع الغاز بالجملة أكثر من 400 بالمئة منذ أغسطس العام الماضي، مما تسبب في أزمة مؤلمة بتكلفة المعيشة للمستهلكين وزيادة التكاليف على الشركات وأجبر الحكومات على إنفاق المليارات لتخفيف العبء.
وعلى عكس صيانة استمرت عشرة أيام لخط الأنابيب الشهر الماضي، تم الإعلان عن الصيانة الجديدة قبل أقل من أسبوعين فقط.
وخفضت موسكو بالفعل الإمدادات عبر نورد ستريم 1 إلى 40 بالمئة من قدرته الاستيعابية في يونيو وإلى 20 بالمئة في يوليو، وتلقي باللوم على مشاكل الصيانة والعقوبات التي تقول إنها تمنع إعادة معدات وتركيبها.
وقالت غازبروم إن الإغلاق الجديد ضروري لإجراء صيانة للضاغط الوحيد المتبقي لخط الأنابيب.
وقطعت روسيا الإمدادات عن بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا تماما، وقلصت التدفقات عبر خطوط أنابيب أخرى منذ إطلاق موسكو عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وتزامنا مع توقف الإمدادات إلى أوروبا عبر خط الأنابيب نورد ستريم 1، أفادت شركة “غازبروم” الروسية الأربعاء بأنها ستخفض إمدادات الغاز الطبيعي إلى إيطاليا.
وقالت الشركة الروسية، إنها ستخفض الغاز الطبيعي إلى 20 مليون متر مكعب يوميا من 27 مليون متر مكعب يوميا اعتبارا من الأربعاء.
وزادت شركة غازبروم الروسية من ضغوطها على أوروبا، حيث أبلغت شركة الطاقة الروسية العملاقة، شركة إنجي الفرنسية، بأن شحنات الغاز ستنخفض بدءًا من الثلاثاء، بسبب خلاف في تطبيق العقود.
وإنجي هي أكبر مورّد للغاز في فرنسا للشركات والأسر، وتتنافس مع شركات تضم توتال إنرجي وشركة كهرباء فرنسا (إي دي إف)
قالت إنجي إنها “قامت بتأمين الكميات اللازمة للوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها ومتطلباتها الخاصة، ووضعت العديد من الإجراءات للحدّ بشكل كبير من أيّ آثار مالية ومادية مباشرة يمكن أن تنجم عن انقطاع إمدادات الغاز من قبل غازبروم”.
وأوضحت الشركة الفرنسية أن شحناتها من غازبروم قد انخفضت بشكل كبير منذ بداية الحرب في أوكرانيا خلال فبراير، إذ بلغ الإمداد الشهري الأخير 1.5 تيراواط ساعة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
في عام 2021، زوّدت غازبروم شركة إنجي بـ 121 تيراواط/ساعة من الغاز، أو 20 بالمئة من إجمالي مشترياتها، وفقًا للمحللين في شركة “مورنينغ ستار” للخدمات المالية.
كانت إنجي قد أكدت الإثنين أنها تُجري محادثات مع شركة سوناطراك الجزائرية لزيادة واردات الغاز من الدولة الواقعة في شمال أفريقيا على المدى المتوسط.
تُعدّ فرنسا أقلّ اعتمادًا من بعض جيرانها على واردات الغاز من روسيا، والتي تمثّل نحو 17 بالمئة من استهلاكها من الغاز.
وأدى تعطّل الإمدادات من روسيا وخفضها إلى ارتفاع أسعار الغاز، ما دفع الحكومات الأوروبية إلى التدافع للحصول على إمدادات بديلة قبل الشتاء.
وفي فرنسا، تفاقمت المشكلة بسبب الانقطاعات في القطاع النووي، إذ انخفض الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ 30 عامًا. وتمثّل الطاقة النووية نحو 70 بالمئة من إنتاج الطاقة في البلاد.
وسيترأس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة مجلساً دفاعياً حول تزويد البلاد بالغاز والكهرباء، وبحث سبل مواجهة شح واحتمال انقطاع إمدادات الغاز والاضطرار للجوء إلى تقنين الكهرباء في الشتاء المقبل.
يأتي ذلك بعد أن تفاقمت أزمة الطاقة في أوروبا خلال الأسابيع الأخيرة، إذ استمر سعر الغاز في الارتفاع إلى مستويات جديدة، ليصل إلى أعلى من 500 دولار لبرميل النفط المكافئ الأسبوع الماضي.
وارتفعت أسعار الكهرباء أيضًا، مدفوعة أساسًا بسعر الغاز ونقص الإمدادات الناجم عن العدد الكبير من المحطات النووية الفرنسية التي توقفت عن العمل.
وقد حوّل ذلك فرنسا -التي تعتمد بشكل كبير في العادة على توليد الطاقة النووية- إلى مستورد للكهرباء، ما يتطلب من الدول المجاورة زيادة حرق الغاز والفحم لتلبية طلبها.